انتخابات بيرزيت.. رسائل سياسية من الصناديق صدمت “فتح”

29 أبريل، 2016

لم تتوقف النتائج التي أفرزتها انتخابات مجلس طلبة جامعة “بيرزيت”، التي تُعد أكبر جامعة بالضفة الغربية، بنجاح حركة “حماس” فيها وخسارة “فتح” للعام الثاني على التوالي، عند حد الإعلان عن الفائز، بل امتد ذلك ليُشكل حلقة “انتقادات” و”جلد للذات” بالنسبة لقيادات “فتح” على نهج حركتهم السياسي والتنظيمي.

ففور إعلان النتائج “المفاجئة” بحصول “فتح” على المركز الثاني في الانتخابات الطلابية، التي طالما تغنت بها الحركة؛ لكون جامعة “بيرزيت” أهم معاقلها الأساسية بالضفة، سادت حالة من السخط والغضب داخل البيت الفتحاوي، وخرج عدد من قيادات الحركة بين منتقد للنتائج، ومُحمل الرئيس محمود عباس المسؤولية، وداعٍ بأن تكون الهزيمة “نقطة تحول وتقييم للذات”.

وفازت كتلة “الوفاء الإسلامية”، الذراع الطلابي لحركة حماس، الأربعاء، في انتخابات مجلس الطلبة في “جامعة بيرزيت”، بحصولها على 3481 صوتاً أي بواقع 25 مقعداً، مقابل 3035 صوتاً لكتلة “الشهيد ياسر عرفات”، الذراع الطلابي التابع لحركة فتح، التي حصدت 21 مقعداً.

– هزيمة لقيادة فتح

وأرجع مراقبون سبب هزيمة فتح أمام حماس في الانتخابات الطلابية لـ “جامعة بيرزيت”، إلى انسجام الطلاب مع برنامج الحركة الأخيرة، والوزن السياسي الكبير لحماس بالضفة، والفجوة بين قيادة فتح وطلبتها الذين طرحوا برنامجاً مغايراً لما تسير عليه القيادة.

سفيان أبو زايدة، القيادي في حركة فتح، وجه انتقاداً حاداً لقيادة الحركة، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس، بعد فشل “الشبيبة الفتحاوية”- الذراع الطلابي لحركة فتح- في الحصول على المركز الأول، في إحدى أكبر الجامعات الطلابية بالضفة الغربية المحتلة.

واعتبر أبو زايدة، في حديث لـ”الخليج أونلاين”، أن المسؤول المباشر عن الهزيمة التي وصفها بـ”الكبيرة والقاسية”، هو “رأس الهرم القيادي في حركة فتح، من بينهم الرئيس محمود عباس”.

وأشار إلى أن “نتائج انتخابات الطلبة داخل الجامعات تعكس تماماً التوجه الفلسطيني السائد في الشارع، ومدى اقتناع الطلبة بمن يمثلهم في الجامعات الرسمية، والنتائج أوضحت وجود شرخ في الثقة وفجوة كبيرة بين الشباب ونهج حركة فتح السياسي”.

وقال أبو زايدة: “ما جرى بانتخابات جامعة بيرزيت هو عملية ديمقراطية إيجابية للغاية، ونحن هنأنا حركة حماس بالفوز، ولكن ندعو أن تكون تلك النتائج نقطة تحول لحركة فتح ونهجها السياسي على الأرض، بعيداً عن الشعارات التي لا تُقنع الكثيرين”.

وطالب القيادي في حركة فتح بـ”انتفاضة” داخلية حقيقية، بحيث تكون نتائج الانتخابات أساساً في عملية التغيير، لما يتماشى مع مصالح المواطنين وطموحهم، وبعيداً عن الشعارات التي مل من سماعها الفلسطينيون، وبقيت معلقة دون ترجمة على الأرض”.

بدوره اعتبر القيادي في حركة فتح، النائب ماجد أبو شمالة، أن ما حدث في بيرزيت “تعبير صارخ” عن الوضع المأزوم، الذي وضعت فيه فتح نتيجة لممارسات تتحمل قيادة الحركة نتائجها.

وأضاف: “الشبيبة لا تتحمل نتيجة الخسارة لأنها نجحت عندما وفرت لها الحركة التربة الخصبة للنجاح سابقاً، فالفشل في بيرزيت يضعنا أمام استفهام مشروع: هل سنسمع عن لجان تحقيق ومراجعة عن هذه الخسارة وما سبقها؟”.

وأوضح أبو شمالة: “هذه الخسارة تستوجب مراجعة شاملة من قمة الهرم حتى أصغر مسؤول عن هذا الملف، أم أن الأمر لا يعنينا لأن هناك من لا يرغب في تشخيص حقيقي للواقع ولا رغبة لديهم في تصويبه؟ نأمل أن نسمع جديداً في هذا الباب من اللجنة المركزية ورئيس اللجنة المركزية”.

وعلى خلفية ذلك النجاح، اعتقل الجيش الإسرائيلي، الخميس، عدداً من قيادات وناشطي حركة حماس في الضفة الغربية، وقال مصدر قيادي في الحركة: “إن جيش الاحتلال اعتقل عدداً من ناشطي وقيادات حركة حماس في الضفة الغربية، على خلفية نجاح الكتلة الإسلامية”.

– صفعة قوية

بدوره رأى المحلل السياسي، هاني المصري، أن تراجع شعبية حركة فتح في الانتخابات الطلابية للعام الثاني على التوالي أمام حركة حماس، هو “انعكاس طبيعي لنهج قادة الحركة السياسي على الأرض”.

وقال المصري لـ”الخليج أونلاين”: “النتائج السلبية بالنسبة لفتح دليل واضح على رفض ونبذ شريحة كبيرة من الفلسطينيين، ممثلين بطلبة الجامعات، للنهج السياسي “السيئ” الذي تسلكه السلطة الفلسطينية وحركة فتح في قضايا داخلية وخارجية هامة”.

وأرجع المصري تلك النتائج إلى “عدم اقتناع الطلبة بحركة فتح، وفشلها على المستوى السياسي، بقضايا تتعلق بالجانب الإسرائيلي، وخاصة بملف المفاوضات والثوابت الوطنية والالتزام باتفاقية أوسلو، أو داخلية كالمصالحة المعطلة مع حماس حتى اللحظة”.

وأضاف: “نتائج تلك الانتخابات رسائل سياسية مهمة خرجت من صناديق الطلبة، لكافة القوى والفصائل الفلسطينية من ضمنهم حركة فتح، وعكست بصورة واضحة كلمة المواطنين الحاسمة”.

من جانبه رأى المحلل السياسي شرحبيل الغريب، أن فوز الذراع الطلابي لـ”حماس” في انتخابات “بيرزيت”، “يعكس مدى الرفض الشعبي للسلطة وبرنامجها، والتفاف الجماهير حول الكتلة الإسلامية وحركة حماس في الضفة الغربية”.

واعتبر الغريب هذا الفوز “صفعة قوية” على وجه السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، وانتصاراً لـ “انتفاضة القدس”، مشدداً على أن “هذا الفوز هو بمثابة استفتاء جديد على خيار المقاومة الذي تتبناه حركة حماس”.

جدير بالذكر أن كتلة الوفاء الإسلامية في جامعة “بيرزيت” فازت في انتخابات العام الماضي، وحصدت 26 مقعداً، أي إنها تراجعت مقعداً واحداً، بينما كان نصيب حركة الشبيبة الفتحاوية 19 مقعداً، أي إنها رفعت حصتها إلى مقعدين هذا العام، وبلغت نسبة التصويت: 76%، حيث صوت قرابة 7221 طالباً من أصل 9892 طالباً يحق لهم الإدلاء بأصواتهم.