‘حزب الله: أتباع إيران في أمريكا اللاتينية’

29 أبريل، 2016

رجال الدين الشيعة المدربين في طهران يرسخون جذورهم بعمق في أمريكا اللاتينية

ذا ناشيونال إنترست –

في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية، يظهر الوجه الإيراني المتسامح: المساجد والمراكز الثقافية والمدارس ومفتشي اللحوم الحلال، والكتب الدينية والعمل الاجتماعي وحتى جماعات الكشافة. ولكن من تحت قشرة التقوى والتواصل والحوار بين الأديان، تعزز طهران الاتصالات مع الأنظمة والحركات المعادية للولايات المتحدة لكسب موطئ قدم لها في المنطقة، ولتلقين المسلمين المحليين نسختها الخاصة من الإسلام الثوري. وبدلًا من الاعتماد على الأدوات التقليدية لفن الحكم والإدارة، تطور إيران أجندتها عن طريق المساجد والدعاة.  

استخدام طهران لرجال الدين الشيعة الإيرانيين واللبنانيين كوكلاء غير رسميين للثورة الإيرانية ليس بالأمر الجديد. كان أول رجل دين شيعي يصل إلى أمريكا اللاتينية هو محسن رباني، الذي وصل إلى الأرجنتين في عام 1983 لإدارة مسجد التوحيد، والعمل كمفتش على اللحوم الحلال في بوينس آيرس. تبدو كلال المهمتين غير ضارة، ولكن رباني كان مشاركًا بقوة في تفجير عام 1994 لمركز ثقافي يهودي في العاصمة الأرجنتينية أودى بحياة 85 شخصًا وإصابة أكثر من 300 آخرين.

لم يكن رباني بمفرده. بعد وقت قصير من وصوله إلى بوينس آيرس، رجل دين آخر، الشيخ طالب حسين الخزرجي، شق طريقه إلى البرازيل. وذكر النائب العام الارجنتيني ألبرتو نيسمان كل من رباني والخزرجي في تقريره عام 2013 حول الشبكات الإيرانية في أمريكا اللاتينية. وبحسب نيسمان “أبلغ الإنتربول البرازيلي أن الخزرجي كان موظفًا في الحكومة الإيرانية وكان متورطًا في تجنيد رجال الدين المسيسين لجعلهم قريبين من طهران. وكان جزءًا أساسيًا من مهمتهم هو التوسّع بشكل كبير في قاعدة الدعم الإيراني سواء فيما بين المهاجرين الشيعة المحليين أو من خلال العمل التبشيري.

وقد نجحوا في ذلك. وبالرغم من أنَّ رباني رحل عن أمريكا اللاتينية بسبب تصاعد الشكوك حول ضلوعه في تفجير المركز اليهودي، إلّا أنّه لا يزال يدير برنامج التجنيد من مركز إيران للتعليم الديني في قُم. ويبقى الخزرجي راسخًا في المجتمع الشيعي بمدينة ساو باولو، حيث يمارس مهامه الدينية ويؤلف الكتب الترويجية باللغة البرتغالية.

إنَّ الدور المزدوج لرجال الدين الشيعة كمبعوثين دينيين وسياسيين للثورة الإسلامية برز في عام 2010، عندما حددت وزارة الخزانة الأمريكية وزيرًا دينيًا آخر ممثلًا لحزب الله في أمريكا اللاتينية. وبحسب وزارة الخزانة، فإنَّ بلال محسن وهبي “نقل معلومات وتوجيهات بين قادة حزب الله في لبنان وعناصر حزب الله في أمريكا الجنوبية”، وأشرف على أنشطة المخابرات المضادة في “الحدود الثلاثية” بين الأرجنتين والبرازيل وباراغواي. كما واصل وهبي نشاطه التبشيري في البرازيل دون أي عائق.

ثمة رجل دين اخر يقال إنّه تابع لحزب الله؛ وهو الشيخ غسان يوسف عبد الله. ينشط عبد الله في شيلي، والبرازيل (في كثير من الأحيان يزور منطقة الحدود الثلاثية، حيث يقيم شقيقه، محمد يوسف عبد الله، الواقع تحت عقوبات من الولايات المتحدة)، وفي باراغواي (حيث كان يدير المسجد الإيراني في سيوداد ديل استي).

وهم ليسوا بمفردهم كذلك. بالإضافة إلى العشرات من رجال الدين الشيعة الإيرانيين واللبنانيين، هناك أيضًا جيل جديد من رجال الدين المحليين الذين انضموا إلى صفوفهم. ويُرسَل المتحولين إلى المذهب الشيعي بشكل روتيني إلى قُم، مع دفع تكاليف الالتحاق بالمعاهد الإيرانية المصممة خصيصًا للناطقين بالإسبانية والبرتغالية، قبل عودتهم إلى بلادهم ليكونوا بمثابة مبعوثين غير رسميين لإيران في بلدانهم الأصلية.

وقد أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا أنَّ النفوذ الإيراني في أمريكا اللاتينية وحوض الكاريبي في “تراجع” بسبب كساد حركة التجارة، والتراجع الملحوظ في الزيارات الرسمية رفيعة المستوى من إيران منذ تولى الرئيس حسن روحاني.

ومع ذلك، ينبغي عدم قياس النفوذ الإيراني بعدد الزيارات الرئاسية إلى العواصم الإقليمية. إنّه عمل تبشيري يوميّ يؤديه رجال دين يزداد نفوذهم وتأثيرهم، وينقلون الرسائل المعادية لأمريكا والكارهة لإسرائيل.

في حين أنَّ الموقف الخارجي للقادة الشيعة يبث رسالة عالمية تعدو إلى التسامح والحوار مع الكاثوليكية، المذهب المهيمن في أمريكا اللاتينية، لكنَّ طريقة العمل وراء الأبواب المغلقة هي التلقين المتشدد.

ومن الأمثلة على ذلك هي جماعات الكشافة المرتبطة بالمساجد الشيعية. هذه الجماعات لديها المظاهر الخارجية للحركات الشبابية البريئة، التي تنقل الضمير الاجتماعي للأجيال الجديدة. في الواقع، إنها صورة طبق الأصل من جمعية كشافة الإمام المهدي التابعة لحزب الله، بقيادة المرشدين اللبنانيين الذين لا يخفون تعاطفهم مع حزب الله.

تُظهر الصور الجماعات الكشفية أعضاء يجرون تدريبات عسكرية خلال احتفالات يوم المقاومة في 25 مايو بمناسبة انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000. وخلال احتفالات عاشوراء في أكتوبر الماضي، الكشافة وأساتذتهم في مسكيتا براس في ساو باولو كانوا يرتدون قمصان حزب الله مع شعار الحزب والشعار الرسمي لحملة عاشوراء 2015 امن تصميم قسم العلاقات الإعلامية في حزب الله.

عقيدة الاستشهاد شائعة أيضًا. في يونيو عام 2014، استضاف مسجد الإمام عليّ في كوريتيبا حفل تأبين حضره عدد كبير لمقاتل شاب من حزب الله قُتل في سوريا في مارس عام 2014. عمه البرازيلي، مرتديًا وشاح حزب الله، قاد مراسم التأبين، مادحًا ابن أخيه بأنه مثال يحتذى به.

ينشر أفراد المجتمع الشيعي صورًا للعلم البرازيلي جنبًا إلى جنب مع شعار حزب الله، وصور لشباب من حزب الله في جنوب لبنان وهم يحملون العلم بفخر. ويمكن شراء أقمصة حزب الله عبر الإنترنت مقابل ثلاثين ريال برازيلي، أي أقل من 10 دولارات.

ما الذي يمكن أن تفعله الحكومة الأمريكية لمواجهة هذه الأنشطة؟ في نهاية المطاف، الأمر منوط بحكومات أمريكا اللاتينية لإدراك الخطر الذي تشكّله قوة أجنبية متطرفة من السكّان المحليين. ولكن من المهم أن تعترف الإدارة الأمريكية بأن التوعية الدينية من جانب إيران تؤثر على الآلاف من العقول الأسيرة.

وبالرغم من كل شيء، فإنَّ المستهدفين من التلقين الإيراني المناهض للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية سيتوصلون في يوم من الأيام إلى نتيجة خلاصتها أن: ضرب “الشيطان الأعظم” ليس أقل من إرادة الله.

29 أبريل، 2016