المونيتور: الإعلام في مصر يحرّض ضد المعارضة


تحت عنوان ” حرب الإعلام تتصاعد في مصر،” أفرد موقع “المونيتور” الأمريكي تقريرًا تناول فيه ما وصفه بالنقاط السلبية التي يظهرها الإعلام المصري في  الوقت الراهن والتي تتضح جليًا في عدم الحيادية في كثير من الأحيان في تغطية الأخبار والقضايا المهمة، قائلًا إنه لا يعكس سوى الصراع السياسي القائم.

وإلى نص التقرير:

بدلا من التغطية الدقيقة للقضايا التي تهم الوطن بما يساعد الرأي العام على فهم أفضل لتعقيدات الوضع السياسي الراهن، يعكس الإعلام المصري الصراع السياسي والأيديولوجي الحالي، بل ويغذّي أحيانًا الصراعات ويحرّض على العنف ضد الآخر- المعارضين للنظام السياسي أو حتى الذين ينتقدونه على استحياء.

في الـ 26 من أبريل الجاري، أي بعد يوم واحد من الاحتجاجات التي انطلقت في مصر ضد قرار الحكومة المصرية نقل تبعية جزيرتي “تيران وصنافير” الواقعتين عند مدخل خليج العقبة في البحر الأحمر إلى السعودية، تناقضت المانشيتات التي وردت في الصحف الرسمية والموالية للحكومة مع مثيلتها في الصحف المستقلة، تناقضًا صارخًا، لتقدم كل منها روايات متعارضة، ليبدو الأمر كما لو أنَّ صحفيي ومحرري كلا المعسكرين يغطون الحدث من واقعين مختلفين تمام الاختلاف.

ففي الوقت الذي حاول فيه عدد قليل من الصحف، مثل ” المصري اليوم” والشروق”، المحافظة على قدر من التوازن والالتزام بمعايير المهنية والموضوعية في نقل الحدث عبر تسليط الضوء على قمع أجهزة الأمن للمحتجين، اختارت معظم الأبواق الإعلامية الوقوف إلى جوار السلطة مُقلّلة من أهمية الاحتجاجات المناوئة للحكومة، واصفة إياها بـ”الصغيرة” و”غير الفاعلة.”

عنوان ” الميادين للموالين وقوات الأمن تنتظر نشطاء المعارضة” كان هو السائد في كل من “المصري اليوم” و”الشروق”، بينما رسمت صحف “الأهرام” و” الأخبار” و”الجمهورية” الرسمية ومعها بعض الصحف الموالية للحكومة مثل ” اليوم السابع” و”الوطن” صورة مبهجة للمحتفلين وهم يحتفلون بـ”عيد تحرير سيناء”.

وهللت تلك الوسائل الإعلامية لأنصار النظام الذين راحوا يرقصون ويرفعون العلم المصري في التظاهرات المؤيدة للحكومة التي خرجت في أنحاء مختلفة من القاهرة في الـ 25 من الشهر الحالي، بينما لم تكف عن شيطنة الناشطين المحتجين ضد قرار الجزيرتين، واصفة إياهم بـ”دعاة الفوضى” و”الخونة.”

وطالعتنا صحيفة الجمهورية بعنوان ” الشعب يقهر قوى الشر” في صدر صفحتها الأولى، في إشارة منها إلى نشطاء المعارضة الذين يطالبون بإلغاء اتفاقية “تيران وصنافير،” في حين قللت صحيفة ” الأخبار” من الاحتجاجات، وهو ما ظهر في عنوانها الرئيسي “شعب يبني..  وجيش يحمي. احتفالات صاخبة واحتجاجات خافتة”.

وذهبت كل من اليوم السابع” و” الوطن” إلى ما هو أبعد من ذلك في عنوانهما الرئيسيين بخصوص احتجاجات الجزيرتين واللذين جاء على الترتيب ” الإخوان المسلمون فشلوا في إشعال الاحتجاجات” و” 25 أبريل، الشعب يحتفل والجيش يواجه الإرهاب.”

وظهر الإعلامي أحمد موسى على فضائية “صدى البلد ” الخاصة مساء الـ 25 من أبريل، في حالة مزاجية احتفالية، وهو يهلل لـ ” انتصار الشعب” على من وصفهم بـ ” الخونة” و” العملاء” و” المجرمين”.

ومضى موسى يقول إن المواطنين لقنوا ” أعداء البلد” ممن يحاولون إفساد الاحتفالات بنشر الفوضى والاحتجاجات، درسًا في المواطنة والكرامة.

الازدواجية في تغطية الأخبار في الإعلام المصري ليست جديدة، فقد كان هذا هو السائد في مصر منذ ثورة الـ 25 من يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس حسنى مبارك من الحكم. ففي الأيام الأولى من احتجاجات يناير، غضت وسائل الإعلام الحكومية والخاصة أيضا الطرف عن المظاهرات وذلك قبل أن تخرج عن صمتها  في منتصف أيام التظاهرات الـ 18، لتصف المتظاهرين بـ ” البلطجية” و” العملاء”.

وبعد أن أوشكت الثورة على الدخول في فصلها الأخير عندما تيقن الجميع أن المحتجين لن يرضوا سوى برحيل مبارك، شهد الإعلام تحولا مفاجئا لينحاز وبصورة غير متوقعة مع مطالب الثورة.

وسيظل العنوان الذي تصدر الصفحة الأولى من صحيفة ” الأهرام” صباح الـ 12 من فبراير 2011، ” الشعب أسقط النظام!” محفورًا في أذهان الثوار الطامحين لإصلاح الإعلام.

والآن وبعد مضي 5 أعوام، فإن شيئا لم يتغير، فالإعلام يعيش حالة فوضى. وبالرغم من المواد التي يتضمنها الدستور الجديد الذي يكفل حرية التعبير، وتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي المتكررة بأن “مصر تتمتع بحرية تعبير غير مسبوقة،” يستمر التضييق على الصحفيين عبر القوانين المقيدة وترهيب الأجهزة الأمنية.

واعتقلت السلطات حوالي 43 صحفيا، من بين عشرات الأشخاص الذين ألقت القبض عليهم من مواقع الاحتجاجات في الـ 25 من أبريل الجاري، من بينهم 7 أشخاص لا يزالون رهن الاعتقال، بحسب ما أوردته صحيفة ” الأهرام” على نسختها الإنجليزية.

اعتقال الصحفيين أشعل احتجاجات أمام نقابة الصحفيين في الـ 26 من هذا الشهر، بمشاركة قرابة 100 صحفي انتقدو الموجة الأخيرة لترهيب الصحفيين والتحرش بهم من جانب الشرطة، بل وأعلنت النقابة عن نيتها مقاضاة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار في أعقاب الاعتداءات الأخيرة.