مجزرة حلب: ماذا يعني “نظام الصمت” أثناء الحرب السورية؟


ميدل إيست أوبزرفر –

يستمر خداع العمل من أجل السلام في سوريا كما أفادت وكالات الأنباء أنَّ روسيا والولايات المتحدة اتفقتا تهدئة جديدة في سوريا تحت عنوان “نظام الصمت” التي من المقرر أن تبدأ في منتصف هذه الليلة.

وبحسب وكالة رويترز، قال مصدر دبلوماسي معروف إنَّ “نظام الصمت” في سوريا الذي ترعاه روسيا والولايات المتحدة سيطبق في اللاذقية وفي ضواحي العاصمة السورية دمشق. وقد نفى الدبلوماسي صحة التقارير التي شملت مدينة حلب في هذا الاتفاق.

وقال الجنرال سيرجي كورالينكو المسؤول عن المركز الروسي لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا إنّه لا يرى احتمالًا لانزلاق الوضع مرة أخرى إلى صراع عسكري شامل.  

وقال كيري في بيان: “نحن غاضبون بشدة إزاء الغارات الجوية على مستشفى القدس في حلب، الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود واللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي أسفرت عن مقتل عشرات الأشخاص بينهم أطفال ومرضى وطاقم طبي”.

وأضاف: “تتحمل روسيا مسؤولية ملّحة للضغط على النظام لينفذ قرار مجلس الأمن الرقم 2254، وخصوصا ليكف عن استهداف المدنيين والمباني الطبية والمسعفين وليحترم وقف إطلاق النار تمامًا”.

نشرت وكالة الأنباء السورية بيانًا تنكر فيه أن طائرات الحكومة هي المسؤولة عن الهجوم، وأصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانًا قالت فيه إنها لم تنفذ أي ضربات على حلب. وقد شنّت قوات الحكومة السورية، المدعومة من القوة الجوية الروسية، هجومًا كبيرًا على مدينة حلب في الأشهر الأخيرة.

وقال مسؤول عسكري أمريكي لموقع “سي إن إن”: “القوات الأمريكية لم تكن تعمل في محيط المستشفى، وكان أقرب قصف على بُعد 20 كيلومترًا (12.4 ميلًا) إلى الشمال.

أسفرت الغارة الجوية عن مقتل 50 شخصًا على الأقل، وفق ما صرّح به بابلو ماركو، مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود في الشرق الأوسط. وأضاف ماركو: “ما لا يقل عن ستة من القتلى هم من العاملين بالمستشفى: اثنان من الأطباء وممرضتين، وحارس وعامل صيانة. ولا يزال عدد القتلى في ارتفاع مستمر.”

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقت سابق أنَّ 27 شخصًا لقوا مصرعهم في المستشفى، من بينهم ثلاثة أطفال على الأقل وثلاثة أطباء. وزاد عدد القتلى على مدار ثمانية أيام من القتال في حلب إلى 232 ضحية، ومن بين الضحايا 36 طفلًا و24 امرأة.

وقال ستيفان دي مستورا المبعوث الخاص إلى سوريا: “في 48 ساعة الماضية، وصل متوسط القتل إلى قتل سوري كل 25 دقيقة، وإصابة آخر كل 13 دقيقة.”

وذكرت منظمة أطباء بلا حدود في بيان لها أنَّ المستشفى التي تضم 34 سريرًا، ويعمل بها ثمانية أطباء و28 ممرضة، لديها غرفة طوارئ، ورعاية توليدية، وقسم عيادات خارجية، وقسم للمرضى الداخليين، ووحدة عناية مركزة وغرفة عمليات. وتتبرع المنظمة بالإمدادات الطبية إلى المستشفى منذ عام 2012.

في الأشهر الأخيرة، كان شمال سوريا مسرحًا لقتال عنيف. في فبراير الماضي، زار موقع سي إن إن حلب ووجد المدينة تحت الحصار. أدت حملات القصف إلى تدمير ساحة المعركة الرئيسية يوميًا، وهو تذكير صارم ومرعب الحرب الأهلية في البلاد الدائرة منذ خمس سنوات.

وفي الشهر نفسه، قطع نظام بشار الأسد سُبل الوصول إلى الطريق الرئيسي المؤدي من حلب إلى الحدود التركية، مما يعوق حركة الثوار الذين يقاتلون حكومته ومنظمات الإغاثة في محاولة لإيصال الإمدادات للمدينة.

وفي ضوء أعمال العنف التي هزّت مدينة حلب في أعقاب انهيار وقف إطلاق النار الهشّ الذي توسّطت فيه الولايات المتحدة وروسيا والذي بدأ في فبراير الماضي، ينبغي أن نتساءل ما المقصود بالضبط بــ “نظام الصمت” وماذا يعني للشعب السوري المحاصر في حلب؟

في هذه الأثناء، أحمد حسون مفتي الأسد في دمشق، ألقى خطابًا على إحدى القنوات الإخبارية السورية داعيًا “الجيش السوري” وزعيمه “لإبادة” المناطق المحرّرة في شرق حلب.

وقال الحسون في مداخلة على القناة الإخبارية السورية التابعة للنظام: “أدعو الجيش السوري إلى غضبة، وأدعو القائد إلى غضبة، غضبة تبيد أولئك المجرمين”.

هذا الذي يُسمى زعيم ديني لا يفرق بين المقاتلين الشرعيين والمدنيين بما في ذلك الأطفال والأطباء وعمّال الإنقاذ الذين عانوا من وطأة هجمات نظام الأسد بالبراميل المتفجرة وحملات القصف الروسية في حلب.

وأضاف حسون: “حلب تنتظر موقفاً واحداً من جيشنا السوري للرد على هؤلاء، إنهم مجرمون يلبسون ثوب الإسلام”.  

هذا المفتي المتواطئ مع الأسد أكثر من كونه ممثلًا للدين، ناشد أيضًا جميع السكان لإخلاء المناطق المحررة حتى يتمكن الجيش السوري من إبادة “المجرمين” وإرسالهم “لكي يلقوا الله وهو غضبان عليهم، ليلعنهم على ما فعلوا ببلاد الشام التي باركها الله للعالمين.”

مداخلة مفتي الأسد على القناة الإخبارية السورية، يدعو فيها لإبادة مناطق الثوار بحلب:

لقد روّج حسون باستمرار لأجندة الأسد الشريرة من خلال الدعوة إلى إبادة المناطق السورية على مدى السنوات الخمس الماضية، فضلًا عن تهديد بإرسال انتحاريين إلى أوروبا.

لا يسعنا إلّا أن نتساءل ماذا يعتقد المفتي فيما سيقوله الله للأسد عندما يقف أمامه ويحاسبه عن قتل مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء وتدمير الشام، التي باركها الله للعالمين، وذلك ببساطة ليتمكن من الاستمرار في الجلوس على كرسي والده العلماني.

ونحن أيضًا ليس بمقدورنا سوى أنَّ نتمنى أن اتفاق “نظام الصمت” الحالي سيتحول في الواقع إلى إسكات أبواق النظام الذين يواصلون التحريض وتأجيج وضع لا علاقة له بالدين بقدر علاقته بتأليه طاغية على استعداد أن يفعل أي شيء للتشبث بالسلطة في بلد ينتمي إلى الشعب نفسه الذي يبذل قصارى جهده للقضاء عليه.

1، 2