من يهدد الملاحة البحرية في الخليج؟


“الحوثيون والقاعدة وداعش” يهددون الملاحة في الخليج، إنذار أطلقه قائد عسكري أمريكي، وبرغم أنه لم يذكر التهديد الإيراني، إلا أنه يظل حاضرًا، بل ويتصدر أجندة التهديدات المحتملة، باعتبار الحوثيين الذراع العسكري لإيران، ونظرًا للتواطؤ بين طهران والقاعدة وداعش، ولقدراتها البحرية والعسكرية، ولتهديدها السابق بإغلاق مضيق هرمز، الأمر الذي يوجب حالة من الاستنفار، نظرًا لقدرات إيران الدفاعية والهجومية المتنامية، وبخاصة في ظل برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية، ورفع الحصار التدريجي عن واردات السلاح الإيرانية، وفي ظل الحروب بالوكالة التي تقودها إيران بعواصم عربية، والحرب النفطية الجديدة التي تخوضها لرفع الأسعار، ومحاولة ضمان تدفق النفط الإيراني، والانتقام لفترة العقوبات التي لا تزال معلقة في جزء منها.

التساؤلات الحرجة الأهم: كيف استعدت دول الخليج لسيناريو حرب بحرية محتملة مع طهران، أو أذرعها العسكرية، أو أطراف غير نظامية قد تتحالف معها ضد الخليج، أو محاولة وقف صادرات النفط أو تهديد الاقتصاد العالمي؟، وهل تكفي الوعود الأمريكية بالقمة الخليجية الأمريكية الأخيرة لتحقيق توازن الردع فيما يخص أي مواجهة بحرية محتملة؟، ومتى تكتمل القدرات الخليجية الذاتية، لتقليل الاعتماد على الحلفاء واشنطن وحلف الناتو؟، وما هي القدرات البحرية الإيرانية؟، وهل بالإمكان تحجيمها أو تحييدها، وما دور القوانين الدولية في حماية وتأمين المضايق البحرية الحيوية؟، وهل ستتدخل واشنطن والبحرية الأمريكية لمساندة الخليج في مواجهة إيران المحتملة، في ظل الانحياز الأمريكي الواضح لصالح طهران؟

هل إرباك الخليج بخطر داعش والقاعدة والحوثي لدرجة تهديد الملاحة البحرية هدف ايراني نجحت في تحقيقه؟، وهل يكون هذا التهديد ساحة اختبار لقادة الخليج والتحالف الإسلامي العسكري والحليف الأمريكي؟

تهديد حرية الملاحة

 حذر قائد عسكري أمريكي من أن ميليشيات «الحوثيين» تقف جنبًا إلى جنب مع تنظيم «القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية»، بوصفها أبرز المخاطر التي تهدد حرية الملاحة في المياه المحيطة بالجزيرة العربية، التي تمثل ممرات حيوية بالغة الأهمية للاقتصاد العالمي.

وأكدت قيادة الأسطول الأمريكي الخامس، أن الولايات المتحدة لم تغير من تركيزها على منطقة الشرق الأوسط، في تأكيد على حيوية المنطقة والتزام الولايات المتحدة الأمريكية بأمنها، باعتبارها ركيزة أساسية في الأمن العالمي، وأشارت إلى أن القوات البحرية الأمريكية (الأسطول الأمريكي الخامس) قادت أكبر تمرين بحري في العالم لحماية الممرات المائية، وذلك في الخليج العربي، ومضيق هرمز وبحر العرب، وخليج عدن، ومضيق باب المندب، والبحر الأحمر وقناة السويس، الذي اختتم فعالياته أول أمس الثلاثاء.

بدوره قال الأدميرال «كيفن دونغان» قائد القوات البحرية الأمريكية في القيادة المركزية، قائد قيادة الأسطول الخامس لـصحيفة «الشرق الأوسط»: «نعتقد أن التهديد من الجهات الفاعلة غير الحكومية على طرق التجارة أمر حقيقي، وهذا التمرين يساعد في التخفيف من ذلك، وننظر إلى الجهات الفاعلة غير الحكومية ذات الصيت التي لديها قدرات محتملة لعرقلة حركة المرور البحري، ورأينا ذلك من تنظيم القاعدة إلى تنظيم الدولة الإسلامية وحتى الحوثيين، التي هي قوة للمتمردين في اليمن، جميعهم لديهم قدرات محتملة يمكن الوصول من خلالها إلى المجال البحري، ونعد ذلك أحد التهديدات التي نعمل من خلال هذا التمرين ضدها.

وأضاف «دونغان»: “نحن نعرف قدراتهم، وندرك بأنهم يريدون عرقلة حركة المرور البحرية، كما ندرك أن ذلك سيؤثر في الاقتصادات العالمية؛ لذا فإن تمريننا هذا في الواقع يركز بشكل خاص على هذا التهديد المحدد”.

هل تفي واشنطن بوعودها؟

هل تفي أمريكا بوعودها للخليج وتحقيق مصلحتها بضمان استمرار تدفق النفط، وسلامة خطوط المواصلات البحرية، وبناء منظومة دفاعية موحدة لدول مجلس التعاون الخليجي، وتطوير القوات البحرية كأحد أهم نتائج اجتماع وزراء دفاع  دول المجلس مع وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر، والذي تعهد باستمرار الدعم اللوجستي والتنسيق الاستخباري في اليمن، والمشاركة الفاعلة في الحظر البحري من قبل الأسطول الخامس.

تهديد بغلق مضيق هرمز

ما تكشف من علاقة تربط الحوثي وداعش والقاعدة وإيران، والذي أكدته الحكومة اليمنية، يثير المخاوف بشأن تحالف محتمل مع طهران ضد الخليج، وبخاصة في حال الضغط عليها بملف النفط الإيراني ورفع العقوبات، ونفوذها بالحروب الإقليمية بسوريا واليمن ولبنان والعراق، الأمر الذي يتطلب توازن ردع بحري وعسكري خليجي غربي، لتعجيز إيران عن التلاعب بهذه الورقة التي لوحت بها من قبل، فقد هدد قائد القوات البحرية لحرس الثورة الإيرانية العميد علي فدوي في 8 فبراير 2011، بإغلاق مضيق هرمز في حال وقوع تهديدات خارجية، ونسبت وكالة مهر للأنباء إلى العميد فدوي قوله: لدى القوات البحرية لحرس الثورة الإسلامية إشراف تام على الخليج ومضيق هرمز، وأضاف أن إيران قادرة على غلق مضيق هرمز في حال وقوع أي تهديد خارجي، القوات البحرية للجيش الإيراني تشرف بدورها على بحر عمان، مشيرًا إلى أنه في حال وقوع تهديد فإن القوات البحرية للجيش ستؤدي دورها في بحر عمان والخليج.

يشار إلى أن شحنات النفط المنقولة عبر مضيق هرمز تشكل نحو 40 في المئة من إجمالي شحنات النفط المنقولة بحرًا في العالم، وقال المسؤول العسكري الإيراني: «إذا قامت أي قوة أو جهة بأدنى حركة تهدد أمن المنطقة، فإننا سنواجهها برد حاسم للغاية»، وأضاف ان القوات البحرية ستجهز قريبًا بأنواع مختلفة من الغواصات.

الحرب البحرية        

في حال غلق مضيق هرمز، فإن طهران سوف تعاني مثلما ستعاني دول الخليج الأخرى، جراء هذا السيناريو، نظرًا لاعتمادها على عائدات النفط. إلا أنه، وفي حال تصاعد حدة التوتر، فإن لدى الإيرانيين الدافع والقدرة على حد سواء لزعزعة حركة المرور البحرية في هذا الممر العالمي المهم، إن لم يكن وقفها تمامًا، بحسب مراقبين.

لدى إيران مجموعة من الصواريخ المضادة للسفن، والألغام، والغواصات الصغيرة، وزوارق الطوربيد، التي يمكنها تعطيل حركة الشحن في مضيق هرمز. ولا يتطلع الإيرانيون إلى تعزيز قبضتهم على مضيق هرمز فقط، بل وتشير تصريحاتهم العلنية إلى أن الهدف هو زيادة الوجود الإيراني في كل من باب المندب وقناة السويس أيضًا، وهما نقطتا الاختناق الإقليمية المهمة الأخرى بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فكيف استعدت دول الخليج؟

مضيق هرمز      

مضيق هرمز، أحد أهم الممرات المائية في العالم، وأكثرها حركة للسفن، يقع في منطقة الخليج العربي، فاصلاً ما بين مياه الخليج العربي من جهة، ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، فهو المنفذ البحري الوحيد للعراق والكويت والبحرين وقطر.

 تطل عليه من الشمال إيران (محافظة بندر عباس)، ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه، باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية، يعتبر المضيق في نظر القانون الدولي جزءًا من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها.

تحرشات إيرانية

بثت البحرية الأميركية شريطاً مصوراً قالت فيه إن طائرة هليكوبتر أميركية صورته، ويظهر سفينة تابعة للحرس الثوري الإيراني تطلق صواريخ غير موجهة في 26 ديسمبر 2015، قرب سفن حربية من بينها حاملة الطائرات الأميركية (هاري إس.ترومان) في مضيق هرمز، فيما أصدر الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمراً لوزير الدفاع بإنتاج مختلف أنواع الصواريخ بسرعة وجدية أكبر، وذلك عقب التدخل الأميركي الأخير غير المشروع في حق طهران بتقوية قدراتها الدفاعية، بحسب قوله.

برنامج الصاروخ الإيرانية

تعد المملكة العربية السعودية اليوم ضمن نطاق مدى الصواريخ البالستية الإيرانية. وقد أوضحت طهران أنه إذا ما سمحت دول الخليج العربية في أي وقت باستخدام أراضيها من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل، كمنطلق لمهاجمة إيران، فإنها سترد بوابل من الصواريخ على مدن الخليج العربي، الأمر الذي يستلزم جهودًا خليجية لتحجيم برنامج الصواريخ الإيرانية الصاعد، وتحقيق توازن الردع على التوازي.

مناورات بحرية

تعد آلية المناورات المشتركة أهم أدوات التدريب على المواجهة، فقد اختتمت في 16 مارس 2016، فعاليات التمرين العسكري المشترك للقوات العسكرية البحرية لدول مجلس التعاون الخليجي «اتحاد 18» في مملكة البحرين، بمشاركة القوات البحرية الملكية السعودية، وأكد اللواء الركن البحري شامي بن محمد الظاهري لـ «عكاظ»، أن من إنجازات مجلس التعاون، إنشاء قوة «درع الجزيرة» ومقر قيادته في المملكة العربية السعودية، وإنشاء قيادة مشتركة للقوات البحرية الخليجية المشتركة في دول المجلس، وتتضمن قوة الواجب «81»، لافتًا إلى أن قادة دول التعاون اتفقوا على أن يكون مركز العمليات البحري الموحد لقوة الواجب، في قاعدة سلاح البحرية الملكي البحريني في مملكة البحرين.

ولفت إلى أن هذا التمرين يهدف لتبادل الخبرات البحرية، وإثراء الخبرات القيادية القتالية للقوات البحرية المشاركة، ورفع مستوى الكفاءة البحرية، والارتقاء بالجاهزية القتالية للقوات البحرية، مبينًا أن القوات البحرية الخليجية تعمل على تأمين حرية الملاحة البحرية في الخليج العربي.