هل الإرهابيون أغبياء؟
2 مايو، 2016
لوفيغارو – إيوان 24
وصف محامي صلاح عبد السلام موكله بأنه “شخص غبي وليس له أية قيمة”، كما أنه “لا يملك من الذكاء شيئا”. وبالنسبة لفريديريك سانت كلير، فإن بعض الإرهابيين هم أغبياء ويعتبر أنهم مجرّد دمى يحركها أشخاص متعصبون.
فريديريك سانت كلير، هو عالم رياضيات واقتصاد. وكان المستشار الخاص لرئيس الوزراء دومينيك دو فيلبان للاتصال السياسي (2005-2007). وهو الآن مستشار في استراتيجية وسياسة الاتصالات.
“شخص غبي وليس له أية قيمة”، هكذا وصف المحامي البلجيكي موكله، صلاح عبد السلام. فهل يمكن اعتبار أنه، بشكل خاص وبإيجاز، قد لخص فكرة عامة، هذا النوع من الأشخاص؟
وفي المقابل اتخذ غيوم إيرنر، الذي تحدث يوم الخميس عبر موجات إذاعة فرنسا الثقافة، مسافة مع هذه الطريقة التي صُنف من خلالها الإرهابي عبد السلام. وبالنسبة له، فإن استخدام مصطلح “غبي”، وهو وصف غير مناسب، خاصة وأن الإهانة ليست وسيلة “لتوفير مفاتيح لفهم الإرهابيين”.
ويضيف إيرنر أن “عدم وجود الحس الأخلاقي”، هو أفضل من الوصف السابق للإرهابيين، حيث أن الإرهابيين “لا يشاركوننا نفس النظام الأخلاقي”.
وخلافا لإيرنر، فإن مصطلح “غبي” مفيد جدا؛ كما أن وصف الإرهابيين “بعدم وجود الحس الأخلاقي” سيؤدي إلى نتائج عكسية. ومن المستغرب كما قد يبدو، فإن مصطلح “غبي”-باعتبارها ليست إهانة ولكنها مجرد ملاحظة-يضيف بعدا جديدا وضروريا لفهم الإرهاب المعاصر.
في الواقع، مصطلح “غبي”، لا تعني أن الإرهابي شخص متخلف ذهنيا أو عقليا، وإنها يمثل أيضا تحديا لسبب من الأسباب. كما أن فئة من العقول المعتادة على الأنوار المبهرة، تجد صعوبة في التوصل إلى الفهم الصحيح.
زيادة عن ذلك فإن عدم القدرة على التنبؤ بالأعمال الإرهابية، يضاعف من خطر أعمال العنف الموجهة بشكل عشوائي ضد الشعوب المنتمية إلى المجال الأوروبي والتي هي عرضة للاختراق. كما يضاعف هذا التهديد على حد السواء، من خطر “الفراغ الشاسع” للأرواح المسؤولة على تنفيذ الإجراءات اللازمة للأعمال الإرهابية.
ولذلك سيكون من المفيد أن نأخذ بعين الاعتبار أن أمن الوطن مهدد من قبل أفراد من نوع جديد، الذين “لا يملكون من الذكاء شيئا”، وكأن “فكره عبارة عن منفضة سجائر فارغة”.
وفضلا عن ذلك فإن مكافحة تنظيم الدولة، يستحق قبل كل شيء فهم هذه المنظمة الإرهابية. وفهم تنظيم الدولة، يقضي بأن نقبل بأن جناحها المسلح في الغرب هو الذراع الأيسر، المتكون من مجموعة من الحمقى المجردين من الثقافة، القدرة على التفكير ومن حس الابتكار والتجديد.
كما أن هذه العقول الجوفاء هي خالية من العلوم الفيزيائية أو العلوم الإنسانية أو الفنون أو الآداب. وهي كذلك، بعيدة كل البعد من كل شيء جميل وثمين أنجبته الحضارة الغربية.
وصرخ الذين قاموا بعملية تشارلي إبدوا أنهم انتقموا للنبي دون قياس عقوبة هذه الجريمة التي قاموا بها. هم يهاجمون بدون سبب واضح منطقة شعبية مكتظة بالناس، وقد خلف هذا الهجوم المدروس ضحايا عدة.
ومن ثم ينفذ الإرهابيون هجوما انتحاريا بالقرب من ملعب في قلب عاصمة فرنسا، ربما لأنهم يشعرون أن هذا المكان هو رمز للفرنسين.
وأخيرا، قاموا بتفجير أنفسهم في بروكسل، وهذا أيضا خطأ ومشهد مثير للشفقة يبرز مدى بلاهة وحمق هؤلاء الإرهابين وسيكون هذا الحدث بالنسبة لهم كوميديا لو تسفك هذه العملية أرواح العديد من الأبرياء.
إن الحرب لم تعد تتعلق كما في الماضي بعدو يواجه وكالة الأمن القومي أو لجنة أمن الدولة. إذا كانت صديقة حميمة لأحد الإرهابيين في شراء زوج أحذية في شارع رين في باريس، لكن صحاب المحل لم يرحب بها كما هو لائق، فإنه قد يصبح هدفا على قائمة الجماعة الإرهابية. ولذلك يبدو من الضروري إعادة تقييم مدى معرفتنا بنفسية، ردود فعل، اهتمامات، “وثقافة” الإرهابيين.
“الحرب ضد الإرهاب” – هي في حد ذاتها تسمية خاطئة – فالحرب التي نخوضها هي في الأساس حرب نفسية. قليل من الوفيات، أمام العديد من الصور. فالإرهاب يستغل العنف لتوليد الخوف. كما أن تقييم نقاط قوة العدو وإلحاق الضرر به في مجال سياسي معين، يفرض بالتالي بعدا نفسيا وسياسيا قوي.
زيادة عن ذلك فنحن على علم بطبيعة الهجمات الإرهابية غير الأخلاقية. وفي واقع الأمر، فإن أفكارنا ووسائل الاتصالات المستمرة على منهج الأخلاق، ونظم القيم النسبية والأخلاق وغيرها… لا تمثل لهؤلاء الإرهابيين أي شيء. وعلى عكس ذلك، هم رهن قدرتنا على الاستجابة بمهارة لمطالب الإرهابيين.
يسعى الإرهاب إلى خلق طبقة سياسية وإعلامية غربية ساذجة، وضعيفة، ومترددة بين ردود الفعل المجردة، ومنعزلة عن الواقع.
إن الإرهابيين يعتقدون بسذاجة مفرطة أن هجماتهم الإرهابية قادرة على بلورة مواقفنا دون الأخذ بعين الاعتبار فراغهم الفكري، الذي سيحدد ردود أفعالنا. إن التمسك بالواقعية السياسية يعني أنّ الانتصار على الإرهاب يقتضي الإقرار بأننا نحارب مجموعة من المتعصبين الذين يسهل التحكم بهم واستغلالهم.