سد الموصل” قنبلة موقوتة” تهدد دول الخليج
3 مايو، 2016
تزايدت التحذيرات من انهيار سد الموصل الأكبر في العراق، ومدي الكوارث التي قد تلحق بدول الخليج لارتباط سد الموصل بنهر دجلة الذي سيكون مجرى المياه المتدفقة من السد في حال انهياره، ويصب في نهاية المطاف في بحر الخليج العربي شمال الكويت
يرى باحثون كويتون أن انهيار سد الموصل، الواقع في مدينة الموصل، 465 كم شمال العاصمة العراقية بغداد، يصل ضرره إلى الكويت في حال انهياره، ، وتلك المياه ستجرف بطريقها الكثير من الملوثات، ومنها مواد مشبعة بالسموم الكيماوية، لتحط رحالها نهاية الأمر في السواحل الكويتية.
سد الموصل “قنبلة موقوتة”
ولا يزال سد الموصل يعاني من عيوب بنيوية منذ إنشائه في الثمانينيات، ويتوقع أن تغمر كميات كبيرة من المياه – إذا انهار السد – وادي نهر دجلة الذي يسكنه عدد كبير من السكان.
ويقدر الخبراء أن كميات المياه المتدفقة من السد في حال إنهياره تقدر بنحو ستمائة ألف متر مكعب في الثانية في حين أن مجرى نهر دجلة لا يتحمل تصريف أكثر من 3500 متر مكعب في الثانية أي أن وصول الموجة الأولى من الفيضان لن يستغرق أكثر من ثلاث ساعات حتى يضرب مدينة الموصل ويستمر على إمتداد مجرى نهر دجلة من موقع السد وصولا إلى العاصمة بغداد.
من جانبه اوضح الكاتب د. حسين توقة الباحث في الشؤون الاستراتيجية والامن القومي انه منذ اللحظات الأولى لبنائه وهو يعاني من مشاكل فنية في بنيته لأنه أنشئ على تربة قابلة للذوبان، لافتاً إلي انه حسب التقرير الفني لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية أن بنية السد ليست مستقرة لأنه شيد على الجبس والحجر الجيري الذي يضعف عند تعرضه للماء ويترك تجاويف في الجزء السفلي .
وأضاف في مقال له بعنوان ” سد الموصل قنبلة موقوتة، أنه يتوجب حقن وتعبئة هذه التجاويف باستمرار بمادة الجبص والإسمنت بكميات قدرت عام 2007 بمائتي طن سنويا .
وتابع :لقد صدر تقرير عن اللجنة الفنية لهيئة المهندسين في الجيش الأمريكي عام 2007 وصف سد الموصل بأنه ” أخطر سد في العالم ” وقد طالبت الهيئة بضرورة معالجة مشكلة إمكانية انهيار السد إلى إنشاء آلية لحشو السد بشكل متواصل على مدى 24 ساعة في اليوم بمواد إسمنتية .
وأضاف ولقد بلغت خطورة الإنهيار قمتها بعد الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014 وتم من خلاله السيطرة على سد الموصل حيث أدى هذا الإحتلال المؤقت إلى إيقاف عملية الصيانة المستمرة المطلوبة . ولقد أثار إحتلال السد رعب كل المسؤولين العراقيين والدوليين لأن من يسيطر على سد الموصل يمكنه بسهولة تهديد ملايين الأرواح من سكان الموصل وتكريت وسامراء وأرياف العاصمة بغداد على طول ثلاثمائة كيلو متر في إتجاه مجرى النهر .
مخاطر بيئية تهدد الكويت
وبفعل الحروب المختلفة التي مر بها العراق منذ أكثر من ثلاثة عقود، أصبحت أغلب مدن العراق ملوثة، والعديد منها تعاني تربتها من مواد سمية كيماوية، يقول الخبراء إنها ستنجرف في حال حصول فيضان إلى النقطة الأقل انخفاضاً، ما يعني أنها ستصب في مصب نهر دجلة، وهو بحر الخليج العربي.
وفي هذا الصدد حذر الأستاذ في هندسة السواحل والمحيطات بجامعة الكويت، محمد الخالدي، من التداعيات البيئية الخطرة التي قد تواجه البلاد في حال تعرض سد الموصل العراقي للانهيار.
وأكد الخالدي بحسب ما نقلت عنه صحيفة “القبس”، أن مياه السد بكمياتها الهائلة ستجرف بطريقها ملوثات خطرة، ستصب كلها في مياه الخليج العربي شمال الكويت.
وبين أن أبرز الملوثات المحتملة تشمل تربة ملوثة بمواد خطرة ناتجة عن الحروب، ومواد كيماوية ومشعة استخدمت خلال التسعينات، يضاف إلى ذلك ملوثات الأهوار المجففة والانسكابات النفطية.
ولفت الخالدي إلى أن الملوثات المذكورة آنفاً ستحدث ضرراً بالغاً على البيئة الحيوية لجون (خليج) الكويت، حيث ستتضاعف الملوثات المترسبة؛ نتيجة حركة دورة المياه البطيئة جداً في الجون، ومن ثم وقوع آثار سلبية على الكائنات البحرية وصحة الإنسان.
وأضاف الأستاذ في هندسة السواحل والمحيطات أن مشكلة الجهات المعنية بالبيئة في البلاد تكمن في غياب التنسيق والتعاون لرصد الكوارث قبل حدوثها، وعمل تقييم ومتابعة للوضع البيئي، ما يجعل الرؤية بالنسبة لمتخذي القرار غير واضحة، ويصعب عليهم اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.
وطالب الخالدي بضرورة اتخاذ التدابير والإجراءات الوقائية للتنبؤ بالكوارث قبل وقوعها؛ من خلال تثبيت أجهزة دائمة لقياس جودة المياه، وأخذ عينات دورية من التربة كخطوات احترازية للطوارئ، وعدم الانتظار حتى وقوع الكارثة، موضحاً أنه “قد لا تتمكن الجهات المعنية في العراق من منع انهيار السد، لكن يمكننا في الكويت التقليل من مخاطر انهياره؛ من خلال تشكيل مركز للأزمات البيئية، يجمع كل الجهات الحكومية والأهلية والخاصة، واتخاذ الإجراءات اللازمة“.
غياب البيانات
من جهته اعلن الباحث في مركز البيئة والعلوم الحياتية بمعهد الكويت للابحاث العلمية د.عبدالنبي الغضبان عن عدم امتلاك المعهد لاي بيانات او دراسات فعلية تناقش مخاطر احتمالية انهيار سد الموصل وآثاره على البيئة البحرية للخليج العربي، مبيناً ان المعوقات السياسية والرسمية تزيد من صعوبة التواصل مع الجهات المتخصصة بهذا الشأن في العراق، وأشار الى ان كميات المياه المحجوزة في السد والمسافة الفاصلة بين الموصل والكويت، إضافة الى وجود ملوثات عضوية وغير عضوية مترسبة في اهوار العراق المجففة، كلها تعتبر مقاييس للمخاطر البيئية المحتملة، مستبعدا اي مخاطر على البيئة الكويتية في حال انهيار السد .
وكانت تقارير غربية وعراقية كشفت في أوقات سابقة عن مخاطر كبيرة تهدد بغرق مساحات واسعة من العراق، الجار الشمالي للكويت؛ بسبب توقعات بحصول انهيار في سد الموصل، أكبر سد في العراق، ورابع أكبر سد في الشرق الأوسط.
وشيد السد الذي يقع على نهر دجلة عام 1983، ويبلغ طوله 3.2 كم، وارتفاعه 131 متراً، وتبين فيما بعد أن السد بني على تربة ذات طبيعة غير قادرة على التحمل، لذا وجب حقن خرسانات السد بشكل دوري لضمان عدم انهياره، وقد بدأت هذه العملية في منتصف الثمانينات.
بعد غزو العراق في 2003 تبين أن السد مهدد بالانهيار؛ بسبب عدم تدعيم خرساناته، وفي حال انهياره فإنه سيؤدي إلى غمر مدينة الموصل، وقتل ما يقارب المليون نسمة من سكان مدينة الموصل، إضافة إلى تدمير القرى المجاورة لمجرى النهر، وصولاً إلى بغداد، وحتى البصرة في جنوب العراق.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بحسب ما نقلت وسائل إعلام أمريكية، عبر عن قلقه من انهيار السد، وأنه تحادث مع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، حول الموضوع، بداية العام الحالي، وهو ما أكده المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، ستيف وارن، في مقابلة تلفزيونية، بقوله: “نحن قلقون جداً حول سد الموصل وصيانته، والسفارة الأمريكية في بغداد تحدثت عن هذا الموضوع“.
كارثة إنسانية تهدد دول الخليج
وكانت المبعوثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، سامانثا باور، قد حذرت من كارثة ذات أبعاد واسعة، إذا انهار السد.
ذكرت باور في بيان أصدرته البعثة الأمريكية في الأمم المتحدة أن “الإفادات المقدمة عن سد الموصل اليوم مخيف، ورغم اتخاذ خطوات مهمة لمواجهة الانهيار المحتمل فلا يزال السد يواجه هذا الخطر.”
وأضافت “هناك احتمال موجود في بعض الأماكن، في حالة حدوث انهيار، لحدوث موجة فيضان بارتفاع يصل إلى 14 مترا يمكن أن تكتسح كل شيء في طريقها .. الناس والسيارات والذخائر التي لم تنفجر والنفايات والمواد الخطرة الأخرى، بل يمكن أن تعرض مراكز سكنية ضخمة للخطر.”
وقالت باور إنه يجب على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الاستعداد لمحاولة منع ما قد يكون “كارثة إنسانية ذات أبعاد واسعة”.