“قتال داعش في العراق”.. عرض سعودي يهدف لعزل بغداد عن طهران


تصريحات “الجريئة” التي أدلى بها السفير السعودي بالعراق، ثامر السبهان، حول استعداد السعودية لقتال تنظيم “داعش” في العراق إذا ما طلبت الحكومة العراقية ذلك، تساءل مراقبون عن انعكاسات هذا التصريح، وهل يعكس استراتيجية الردع الاستباقية المتنامية التي تتبناها المملكة، والتي تقوم على تحجيم وتجفيف منابع مصادر الخطر، قبل أن تأتي إلى الحدود والداخل السعودي؟

وشددّ السبهان في تصريحاته على أنّ “السعودية تسعى إلى بناء علاقة جيدة مع العراق، والوصول إلى تفاهم يخدم مصالح البلدين، بالإضافة إلى مواجهة التطرف الموجود، وأن السعودية تحارب داعش في اليمن وسوريا، وستحارب كافة التنظيمات الإرهابية في أي مكان متى ما طلب منها ذلك”.

وأكد السفير السعودي في حديثه على عبارة: “إذا طلب منا فنحن على استعداد كامل لمحاربة داعش وقتاله في العراق”.

لكن يبقى السؤال ملحاً حول إمكانية وجدوى التدخل السعودي في العراق، وهل من الممكن أن يتحقق مثل هذا الأمر على أرض الواقع، وما المسوغات والأهداف الحقيقية من وراء هذا التدخل في العراق، وإذا لم يحصل فهل هناك بدائل أخرى أمام السعودية لاستخدامها في مكافحة داعش بالعراق؟

-خيارات متعددة

وحول هذا الأمر يؤكدّ رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية بجدة، د.أنور عشقي، في تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين”، أنّه “حتماً إذا ما طلبت الحكومة العراقية من السعودية التدخل على الأرض لقتال داعش فإنّها ستفعل ذلك”.

وأشار عشقي إلى أنّ “الحكومة العراقية أمامها خيارات متعددة لقتال داعش على الأرض، فإما أن تتوجه في هذا الأمر إلى أشقائها العرب وتطلب منهم الدعم العسكري واللوجستي لقتال تنظيم داعش، فإن تعذر ذلك أو لم يف بالغرض، فإنّها ستتوجه إلى أصدقائها الأوروبيين والأمريكان للمساعدة على قتال داعش”.

وحول جدوى التدخل السعودي لقتال التنظيم في العراق، يرى عشقي أنّ هذا “يعتمد على موافقة الحكومة العراقية، ويرجع إلى طبيعة المساعدة التي ستقدمها السعودية إلى الحكومة العراقية في مجال محاربة داعش، حيث من الممكن أن يكون هذا الدعم لوجستياً أو عسكرياً أو مادياً”.

واعتبر عشقي أنّ “وجود السعودية لقتال داعش في العراق لا يعتبر تدخلاً في الشأن الداخلي للعراق، وإنّما هو دعم سياسي وعسكري لشقيقتها العراق، فهو بالأساس يدخل ضمن إطار قاعدة الدفاع المشترك التي نصت عليها الجامعة العربية، في ضرورة الدفاع المشترك بين الأشقاء العرب لمواجهة التحديات والمشكلات التي تستوجب الوقوف معاً، وليس التدخل في شؤونها الداخلية”.

انهيار الحكومة والجيش

من جانبه يؤكدّ الخبير بالشؤون الإيرانية، د. نبيل العتوم، في حديث خاص مع “الخليج أونلاين”، أنّ “الهدف من وراء التدخل السعودي يعود بالدرجة الأولى إلى أنّ السعودية من أوائل الدول التي عانت من خطر داعش واكتوت بنار الإرهاب”.

وشدد العتوم على أنّ “السعودية عبر قتالها لتنظيم داعش في العراق وسوريا تريد أن تثبت للمجتمع الدولي بأنّ داعش ليست صناعة سعودية كما يردد البعض”، مشيراً إلى أنّ “هذه النظرية خاطئة، وأنّ السعودية أثبتت بأنّها من أوائل الدول التي تتصدى بقوة لإرهاب داعش، وهذا يتمثل في دعم السعودية للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب بـ300 مليون دولار لتحقيق هدف مكافحة داعش، حيث سيكون هذا المركز إحدى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة”.

وحول طبيعة ومسوغات التدخل السعودي في العراق لقتال “داعش”، يرى العتوم أنه يمكن أن “يتمثل بالدعم العسكري واللوجستي عبر دعم الحكومة العراقية بشكل مباشر لمحاربة داعش على الأرض، خاصةً أنّ الجيش العراقي يعاني ضعفاً كبيراً جداً بعد الهزائم التي مني بها من تنظيم داعش”.

وأضاف: “إنّ الجيش العراقي لا يتمتع بجاهزية كافية لقتال داعش، لأنّه يعاني من إشكالية المحاصصة الطائفية التي تفقده مصداقيته أمام الشعب العراقي، إضافة إلى ذلك تعاني الحكومة العراقية من انهيار اقتصادي شبه تام نتيجة عمليات الفساد السياسي والإداري”.

واعتبر العتوم أنّ “السعودية تريد من تدخلها في العراق تحقيق هدف رئيسي ومهم، وهو محاربة داعش، وكذلك الإسهام في التقارب مع الحكومة العراقية والشعب العراقي، ومحاولة إعادة العراق للحضن العربي، خصوصاً أنّ طهران تمارس تدخلاً سافراً في العراق”.

ويوضح الخبير في الشؤون الإيرانية أنّ “السعودية لن تستطيع الانتقال لقتال داعش على الأراضي العراقية من دون تفويض وإذن رسمي من الحكومة العراقية، وذلك حتى لا يفسّر هذا تدخلاً في الشؤون الداخلية للعراق، ولا يتسبب في إحراج أمام المجتمع الدولي”.