إبادة السنة لصالح دويلات الشيعة.. إيران تصعد حرب التهجير القسري
4 مايو، 2016
“إبادة المكون السني” بالرغم من أنه هدف رئيس في المخطط الإيراني الصفوي، لإحلال المكون الشيعي محله عبر شبكة الميليشيات الشيعية، إلا أن هذا المخطط شهد تصعيدًا كبيرًا في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق، والاحتلال الروسي لسوريا، حتى أصبحت بلاد الرافدين والشام مشاريع مستعمرات إيرانية شيعية بغطاء روسي – أمريكي غير مسبوق، وتعد حلب والفلوجة وغيرها من المدن السنية نماذج بارزة تكشف خطط التهجير القسري الممنهج تحت القصف والحصار، لإجبار قاطنيها على النزوح، مخطط يحذر مراقبون من أنه يترصد دول الخليج العربي، وخلق واقع ديموغرافي جديد، لن تحده حدود، في ظل الصمت العربي أمام الآلة العسكرية الغربية، التي تحمي المشاريع الإيرانية التوسعية وحرب طهران البرية، وبخاصة عقب توقيع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الست، وبينها روسيا وأمريكا.
التهجير القسري لمصلحة من؟
حذر خبراء عسكريون من أن هدف تدمير الطيران الروسي والسوري للبنية التحتية المدنية المستشفيات ومحطات المياه في حلب، هو تهجير وإجبار المدنيين على النزوح، ومحاصرة المقاتلين، بدوره حذّر المنسق العام “للهيئة العليا للمفاوضات” السورية المعارضة، رياض حجاب، من أن النظام السوري ينفذ “مجازر مروعة” في مدينة “حلب”. وأشار إلى أن لدى النظام “نوايا مبيتة لتصعيد الأعمال العدائية، من خلال حشد المزيد من الميلشيات الطائفية لدعم قوات النظام في حملته المزمعة على المدينة.
ودعا حجاب، في تصريحات له في 28 أبريل 2016، المجتمع الدولي لوقف عمليات القصف الجوي والمدفعي والهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، ووقف عمليات التهجير القسري، ووقف تنفيذ أحكام الإعدام، وذلك وفق قرار مجلس المواد 12 و13 و14 من قرار مجلس الأمن 2254/2015.
وحذر حجاب من “أن أي تصعيد عسكري من طرف النظام سيكون له تبعات ميدانية وإنسانية خطيرة، حيث يتوقع أن تدفع العمليات العدائية بمئات الآلاف من السوريين للجوء إلى الدول المجاورة، أو التوجه نحو البحار بحثاً عن ملاذ آمن، بعد أن ضاقت قدرات دول الجوار على استيعاب المزيد من اللاجئين”.
الديموغرافية السورية بلا سنة
رصد الكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة في تحليله، أن نظام بشار الأسد متواطئ فيما يتعلق بمشهد الهجرة السورية، وإذا تذكرنا مفاوضات الزبداني، والعروض الإيرانية التي كانت تفوح منها رائحة التطهير الطائفي، فسنتأكد أننا إزاء عملية عبث مقصودة بالديمغرافيا السورية، فالملايين الذين هُجّروا إلى الآن، هم في غالبيتهم الساحقة من السنّة، فيما لا يعثر على شيء مماثل في أوساط العلويين، ولا حتى الأقليات الأخرى، ربما باستثناء الأكراد، الذين هم سنّة أيضًا، وإن ذهب بعض قادتهم إلى جعل أنفسهم لونًا مختلفًا.
الأمر نفسه أكدته صحيفة معاريف العبرية في 10 سبتمبر 2015، بأن النظام السوري ينفذ خطة ممنهجة تدفع بالمكون السني تحديدًا إلى الهروب، من خلال قصف المناطق السكنية التي يتواجد فيها هؤلاء، وأكد “اليزابيث تشوركوف” بأن قوات الأسد تقصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بقسوة، وتنفذ مجازر فيها لدفع السكان إلى الهرب إلى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، أو مغادرة البلاد.
كوارث التهجير
تسببت سياسة التهجير القسري، بحسب المصادر الغربية، في تحول نصف الشعب السوري إلى لاجئين أو نازحين منذ عام 2011، فيما تقدر الأمم المتحدة عدد اللاجئين بـ4.2 مليون، ولكن الرقم يرتفع لقرابة 5.3 ملايين، بحسب منظمات إنسانية، أما عدد النازحين فيتجاوز 6.5 ملايين، وتشير أرقام إلى أن القصف الروسي في “حلب” خلف مائتي ألف لاجئ إضافي حتى 10 ديسمبر 2015، ونزوح نحو 95 % من سكان جبلي الأكراد والتركمان.
الخطير أن العرب السنة في سوريا يدفعون الثمن الأكبر جراء سياسية التطهير العرقي، لأن أغلبهم يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ويقدر معهد واشنطن نسب السكان في سوريا في عام 2015، بعد عمليات الهجرة والتهجير والنزوح منذ بداية الأزمة بـ61 % للعرب السنة، مقابل 16 % للأكراد و22 % من الأقليات الدينية.
ترحيل السكان.. لماذا؟
رصد المعارض السوري “ميشيل كيلو” أن هناك “مشروع ترحيل سكان غوطتي دمشق والقلمون من مناطقهم، واستبدالهم بآخرين من شمال سوريا، وبمرتزقة لبنانيين وإيرانيين وأفغان يتحولون إلى جزء من كتلة طائفية متراصة”.، وتحدث نشطاء، عن “أعمال هندسية وإنشائية ضخمة جدًا في عدة مناطق، بينها القلمون، حيث اعتقد أبناء المنطقة أنها قواعد عسكرية، لكن غرباء تدفقوا عليها من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان والصين”. أيضًا تزايدت تجارة العقارات في دمشق وجوارها إلى درجة لافتة، حيث يدفع الشاري أضعاف ثمن الأراضي والمنازل، ليغري أصحابها بالتخلي عنها.
التهجير بغطاء أمريكي في العراق
في العراق إيران تنفذ المخطط نفسه، حيث وصفت “هيئة علماء المسلمين” في العراق تفاقم أزمة اللاجئين الحالية إلى أوروبا، بأنها نتيجة طبيعية للظلم الذي تعرضت له المنطقة، وتوزع الموقف الدولي إزائه بين مشارك فيه وصامت عليه.
وبيّنت الهيئة في بيان لها في 9 سبتمبر 2015، “أن العالم يشهد حركة نزوح قوية من طالبي اللجوء إلى أوروبا، وان معظم النازحين هم من المناطق الساخنة في المنطقة العربية، ولاسيما سوريا والعراق”.
وشددت الهيئة على أن “سبب نزوح العراقيين يعود إلى فقدان الاستقرار والأمن في مناطقهم، نتيجة تداعيات الاحتلال الغاشم الذي قادته أمريكا عام 2003، وما رافقه من تدخل إيراني استهدف الناس قتلاً واعتقالاً وتطهيرًا طائفيًا وإذكاءً للفتن، إضافة الى هيمنة مافيات الفساد والجريمة.”
كانت قد بدأت عمليات التهجير القسري في العراق مباشرة بعد احتلاله عام 2003، انطلاقًا من مناطق الجنوب، حيث شهدت البصرة القديمة وأبو الخصيب والزبير والمعقل عمليات تهجير منظمة ضد العرب السنة، وامتدت إلى مناطق أخرى في البلاد، وهي لا تزال مستمرة إلى الآن.
التهجير الطائفي في العراق
كشف الدكتور عبدالله السالم، أمين عام حزب الأمة الإسلامي، عضو مؤتمر الأمة، تزايد حالات التهجير الطائفي تجاه أهل السنة في العراق، لاسيما في المحافظات السنية، التي تحررها السلطات العراقية من يد تنظيم “داعش”، حيث يتم تهجير أهلها بحجة محاربة الإرهاب، الأمر الذي يخالف كل القوانين والمواثيق الدولية، ويضرب بحقوق الإنسان في بلاد الرافدين عرض الحائط.
وقال السالم، في تصريحات صحفية في 7 أبريل 2016، إن عملية التهجير القسري، بدأت منذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003، غير أن وتيرتها ارتفعت وتزايدت بشدة بعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء في 22 فبراير 2006.
وشدد عضو مؤتمر الأمة على أن عمليات التهجير بدأت في أخذ منحنى جديد، لاسيما بعد سيطرة “داعش” على بعض المحافظات العراقية، حيث أصبح التهجير يهدف إلى تصفية بعض المحافظات من أي تنوع ديمغرافي، دينيًا كان أم مذهبيًا أم اثنيًا، كما هو الحال في البصرة وذي قار، وبعضها الآخر يهدف لإعادة التوزيع الديمغرافي داخل المحافظة نفسها لإنتاج مناطق صافية طائفيًا، كما هي الحال في ديالي ونينوي وبابل.
ولفت السالم إلى أن الموجة الجديدة من التهجير جاءت نتيجة تطور الحركة الاحتجاجية الشعبية، التي بدأت في ديسمبر 2012، وبلغت ذروتها مع المجزرة التي ارتكبتها قوات الحكومة الطائفية ضد المعتصمين السلميين في مدينة الحويجة في 23 إبريل 2013، لافتًا إلى أن هذه النتيجة كانت متوقعة، في ظل عملية سياسية فاسدة أشرف على تأسيسها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، على طريقة اقتسام الكعكة.
وخلص إلى أن الاحتلال الأمريكي للعراق اتبع السياسة البريطانية نفسها سابقًا، في تعزيز السياسات الطائفية في العراق، حتى يسهل السيطرة عليه وتحييده.
التهجير مخطط مسبق
بدوره رصد الباحث والصحفي العراقي مصطفى كامل مبكرًا، في 15 ديسمبر 2014، أن “التهجير الطائفي ليس ردة فعل آنية أو تصرفات معزولة عن سياقها التاريخي، بل يتعلق الأمر بمخطط جرى الإعداد له منذ ما قبل احتلال العراق في 2003، وينفذ بشكل مستمر وممنهج وفق آليات محددة.”
وأضاف كامل خلال مداخلة في برنامج “في العمق” بقناة الجزيرة، أنه “يجري الانتقام من أماكن محددة في العراق، لها أهميتها في سياق الصراع العربي – الفارسي، سواء قبل الإسلام أو بعده”. وحذر من أنه في السنوات الماضية كانت الميليشيات الطائفية في العراق تختفي خلف الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية، أما الآن وبحجة وجود تنظيم “داعش”، أصبحت هذه الميليشيات في المقدمة وتقود المعركة.