من تورا بورا إلى الرقة ..

4 أيار (مايو - ماي)، 2016

4 minutes

أثناء حرب القاعدة في أفغانستان برز اسم تورا بورا .. شو تورا بورا وشو نوعية سكانها ، وشو علاقتهم بالقاعدة .

لااحد يعرف إلا ماقدمه الإعلام ، وأنها البيئة الحاضنة للقاعدة وفيها يعيش ويتواجد اخطر إنسان على الأرض ( تبين فيما بعد أن أخطر انسان ، وبعض معاونيه يتنقلون بين ايران وباكستان ويعيشون هناك مع عائلاتهم ويتلقون العلاج في البلدين ومن هناك أيضاً يرسلون رسائل صوتية تهدد وتتوعد العالم ) وأنها منبع كل شرور التي تصيب وستصيب العالم ..
نحن البشر في بقية أنحاء العالم رددنا أن رمز التخلف في العالم اسمه تورا بورا ، سخرنا من سكانها ، وأحتقرنا نسائها المبرقعات بالأزرق ، وأصبح خطابنا السياسي والمعرفي معاضداً لما تقوم به طائرات أقوى قوة عالمية ،
يجب ازالة تورا بورا من الوجود حتى يكون العالم أفضل ..

اليوم الرقة تأخذ مكان تورا بورا ؛ فهي أول مدينة تتحرر من سلطة الأسد وتقع بعد فترة قصيرة بيد داعش ، وتصبح عاصمتها ؛ فكيف تستولي داعش على المدينة لو لم يكن السكان ومدينتهم بيئة حاضنة لها -هكذا قال النظام وشبيحته واعلامه والإعلام الممانع الحليف ، وهكذا قال قسم غير قليل ممن حسبوا على الثورة ، وهكذا استبطن الإئتلاف وامتنع عن مد أي عون لأول مدينة تتحرر من النظام ؛ فقط أبناؤها وقلة من السوريين حاربوا طواحين الهواء، أصابوا مرات وفشلوا مراراً ..
تعايشت مع الفرقة 17 لمدة سنة حتى تمكنت من نزع المدينة بالكامل من يد اهلها بحجة وجود الفرقة وخطرها .
نقبت النساء ،وقبلها لن تجد رقيّة واحدة منقبة .كان الكودلي لباس الصيف والمخمل لباس الشتاء ، بنطلون الجينز والتنورة والعباءة الحَبَرالمشلوفة على الكتف لباس الذهاب على الدوام للعاملات .
سيق الرجال إلى المساجد وأُحصيَ عددهم وشمشمت زفيرهم كلاب بلحى طويلة وتنانيرأفغانية ليتأكدوا إن كان المهتدون الجدد إلى الإسلام خانوا ولاة الأمر و” سلطة الأمر الواقع ” -كما وصفها شاعر وصحفي حداثي مبرراً لها خطف الناشطين – مع سيجارة .
دُفِع الشباب للهجرة أوالخطف والرمي بالهوته ، أغلقت المدارس والجامعات .
وروّج عن عدل على يد أخوة المنهج القادمين من تونس ومصر والسعودية وطاجكستان تحت شعار ” والله ماجئنا إلا لنصرة هذا الدين ” و ” يا أختى أنت بحجابك درة مكنونة ” لكن شعاره هذا لم يمنعه من التلصص على أخته في منزلها ويجلدها ،ويجلد ولي أمرها إن اكتشف أن أخته نزعت لباسها الشرعي في دارها ، وقيل عن عدلهم أن الذئاب باتت تحرس الغنم ، لكن لم يمنعهم عدلهم هذا من الإستيلاء على بيوت الغائبين وأملاكهم وملابسهم وذكرياتهم ..أثار هذا التداعي المؤلم هاشتاغ لناشطين رقيين ” الرقة ليست بيئة حاضنة للإرهاب “
..نعم الرقة ليست كذلك ، لكن المقاربة بائسة ، اليس من الأجدى نعرف الرقة خارج هذه النداء الموجه لللاأحد، وإعادة تعريفها من خلال بيتها الحقة والبسيطة والسهلة ، ومن خلال دورالنظام الذي احتلها واستنزف مواردها كمستعمر، واليوم يستكمل نهبها وتحطيمها داعش ، اليست لدينا جميعا ذاكرة عن الرقة ، عن ناسها وحياتهم وقصصهم وعن فراتها