‘ هل يخوض الغرب حربًا خاطئة في سوريا؟’
4 مايو، 2016
ميدل إيست مونيتور –
ما حدث في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية هو أمر لا يصدّق، ويرجع ذلك جزئيًا إلى حجم همجية وبربرية النظام السوري وحلفائه ضد المدنيين السوريين في حلب وغيرها من المدن والقرى، ويعود ذلك أيضًا إلى العجز التام على الصعيد الدولي فيما يتعلق بمحاولة إنقاذ هؤلاء المدنيين.
حالة الفوضى هذه تطرح السؤال نفسه: ما إذا كانت القوى الغربية تعتقد أن الشعب السوري من البشر أو أنهم أقرب إلى الحيوانات منهم إلى الإنسان ومن ثمّ لا يستحقون الحماية!
الأكثر مدعاة للقلق هو سخافة الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي اللتين لم يكن لهما أي حضور كمنظمات رئيسية من المفترض أن تتواجد هناك لحماية المدنيين من الطغاة أمثال بشار الأسد. المدنيون هم بشر يجب حمياتهم من أي فظائع بغض النظر عن العقيدة أو العِرق أو اللون.
وتؤكّد تقارير إخبارية أنَّ أكثر من 600 شخص قُتلوا في حلب في يومين فقط. لقد شهد العالم عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو الفضائيات عملية سحق المدينة وقتل المدنيين بدم بارد.
وفي حين أنَّ الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية الأخرى منشغلة بخوض حرب حقيقية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، يرتكب النظام السوري جرائم حرب مروّعة لا تحتاج إلى استخبارات الأقمار الصناعية لإثباتها.
ألا يشنّ الغرب حربًا خاطئة ضد داعش في سوريا والعراق؟ أليس تنظيم داعش هو مجرد عرَض وليس السبب فيما يجري الآن؟ أليس نظام بشار هو أصل كل الكوارث العنيفة التي تجري في سوريا، بما في ذلك إنشاء هذه الجماعة الإرهابية؟
كشفت صحيفة ديلي تلغراف مؤخرًا أن حجم التبادل التجاري بين النظام السوري وتنظيم داعش بلغ 40 مليون دولار شهريًا. وذكرت الصحيفة أنه تمّ التوصل إلى اتفاق منذ عام 2014 بين النظام السوري وداعش لبيع النفط من الحقول الواقعة تحت سيطرة التنظيم. كما ذكر موقع عربي 21 (26 أبريل 2016) أنَّ مصدر هذا الاكتشاف هي الوثائق التي حصلت عليها القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية عندما قبضت على زعيم داعش البارز أبو سيّاف (المعروف أيضًا باسم وزير النفط والمالية).
هذا الدخل الكبير من مبيعات النفط للنظام السوري يوضح الخدمات اللوجستية المتطورة التي يمتلكها تنظيم داعش. التباهي العسكري للتنظيم يكشف عن القدرات العسكرية غير التقليدية بين الحين والآخر التي تمتلكها هذه الجماعة الإرهابية والتي من المفترض أن تتعرض لهجوم من قِبل القوى الكبرى.
التقارير الجديدة من المؤسسات الإعلامية، بالإضافة إلى لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، تشهد على الكارثة الإنسانية المتنامية في حمص ودمشق وضواحيها، إدلب، ودير الزور.
هذا الواقع الكئيب يطرح السؤال الملح التالي: أليست الحرب التي شنتها القوى الكبرى على داعش حربًا خاطئة؟ هل يحاولون تشتيت انتباه المجتمع الدولي؟ يبدو أنهم يمدون من عمر نظام الأسد بينما يراقبون كل يوم سحق المزيد من المستشفيات والمدارس وغيرها من البنى التحتية التي حافظت على ما تبقى من المدنيين في سوريا.
يبدو أن قادة المعارضة السورية الذين انسحبوا مؤخرًا من المفاوضات نظرًا لعدم صدق ممثلي النظام، ورفض قبول الأسد كجزء من مستقبل سوريا، تتم معاقبتهم على ذلك. يتم ترك فصائل المعارضة السورية المشروعة دون أي خيار: إما قبول التنازل فيما يتعلق بالأسد، أو مواجهة المزيد من الإبادة.
عندما نعرف أن النظام السوري هو المسؤول الحقيقي عن تنظيم داعش والحفاظ على قوته من خلال توفير طرق آمنة للنفط، ندرك حينها أن الحرب الحقيقية ليست ضد داعش في المقام الأول لكن ضد النظام الطائفي للأسد وحلفائه.
ستبقى وصمة ما حدث في سوريا عالقة بالأسد وحلفائه لفترة طويلة. وإذا بقيت القوى العالمية صامتة وغير فعّالة، إذن، فهي شريك في هذا الجُرم، وأيديهم ملطخة بدماء كثير من الأبرياء والضعفاء من الرجال والنساء والأطفال.