جهود أوباما الإمبريالية الأخيرة
7 مايو، 2016
كونتر بانش –
مع تبقي ثمانية أشهر له فقط في المنصب، لا يظهر باراك أوباما أي علامات على التخلي عن دوره باعتباره الرئيس الأمريكي الامبريالي الأكثر عدوانية في التاريخ الحديث. ويشير الديمقراطيون الليبراليون على نحو صحيح إلى عدوانية هيلاري كلينتون، ولكنهم لا يقولون شيئا بحق أوباما الذي يواصل السير على طريق الدمار في جميع أنحاء العالم.
وتعاني الشعوب في جميع القارات إما من العنف العسكري الأمريكي المباشر أو من الحرب التي تشنها الولايات المتحدة بوسائل أخرى غير عسكرية. حيث تغرق فنزويلا في مزيد من اليأس كنتيجة للتلاعب الأمريكي في أسعار النفط والعقوبات التي تشل اقتصادها. بينما تم تدمير منازل ملايين من الناس عن طريق تدخلات الولايات المتحدة في الصومال وليبيا وسوريا، واضطروا إلى القيام برحلات خطيرة على أمل العثور على ملاذ آمن.
وفي الوقت الذي حرضت فيه الولايات المتحدة على استمرار الحرب في سوريا، حققت الحكومة السورية وحلفاؤها الروس مكاسب ضد الإرهابيين. حيث يستفيدون من إصرار الولايات المتحدة على مطلبها برحيل بشار الأسد. وسوف يتحتم على أوباما مغادرة منصبه في شهر يناير 2017، ولكن بشار الأسد ربما يجلس في مكتبه الرئاسي حينئذ ليراقب غروب شمس عدوه.
على أن الخطر الأكبر حتى الآن والذي يتم الحديث عنه قليلا يحدث في أوروبا. حيث تواصل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إثارة حفيظة روسيا فيما يمكن أن يصبح لعبة قاتلة تخرج عن نطاق سيطرتهم.
وفي الأسابيع الأخيرة، أظهر الروس أنهم يرفضون الخضوع لهذه الاستفزازات. وحيث أن وسائل الإعلام تتبنى وجهة نظر الرئيس تبنيا أعمى، فإنهم لن يقولوا للمشاهدين والمستمعين أن روسيا لديها أراض على ساحل بحر البلطيق. فمدينة كالينينغراد مدينة روسية مطلة على البطيق، تماما كما أن هاواي وألاسكا ولايات أمريكية مطلة على المحيط الهادي. وبالطبع هناك طائرات وغواصات روسية في بحر البلطيق. وهم يعملون هناك في حين أن السفن الأمريكية لا تعمل في تلك المنطقة. وتمتلك روسيا كل الحق في “مراقبة” سفن الولايات المتحدة الأمريكية وإرسال طائرات تجسس خارج مجالها الجوي.
ونادرا ما يتم عرض هذه الحقائق البسيطة للغاية على الأمريكيين الذين ليس لديهم أدنى فكرة عن أن 200 عنصرا من قواتهم سوف يقومون بأداء تمارين في مولدافيا، وهي دولة صغيرة تقع بين أوكرانيا ورومانيا. وهذا مثال على الوعود الساخرة بتطويق روسيا التي أدلى بها الرؤساء الأمريكيون من بوش الأب إلى كلينتون إلى بوش إلى أوباما.
وبدلا من ذلك، يقومون بمواصلة تعبئة ترسانة منظمة حلف شمال الاطلسي. ويتم جذب الدول المحايدة بشكل تقليدي ،مثل السويد، إلى قبضة تلك المنظمة. وفي ظل غياب الكتلة السوفيتية القديمة، لا يوجد أي استخدام لحلف الناتو إلا ليعمل بمنزلة جنود المشاة للعمل الأمريكي القذر.
ويبدو أن نهاية فترة رئاسته قد جعلت باراك أوباما أكثر قلقا وبالتالي أكثر خطورة. ويوجد الآن قوات برية أمريكية في سوريا، وعلى الرغم من أن عددها حتى الآن يبلغ 300 عنصرا فقط من القوات الخاصة، إلا أن هذا العدد البسيط يعتبر مرتفع جدا إلى الدرجة التي تمكن الولايات المتحدة من الحفاظ على المشروع الإمبريالي.
وحتى الآن، يشكك المرشح الجمهوري الحتمي، دونالد ترامب، في هذه الفرضية للسياسة الخارجية الأمريكية. بينما ساعدت هيلاري كلينتون أوباما في مشاريعه، ويحذر بيرني ساندرز –الذي يفترض أنه ينتمي لليسار- من عدوان روسي غير موجود، ويدعم “قوائم القتل” الرئاسية، ويعتقد أن وجود قوات أمريكية في سوريا فكرة جيدة.
وفي حين تهدد الولايات المتحدة ببدء حرب عالمية ثالثة، تذهب وسائل الإعلام إلى مضاعفة جهودها لتشتيتنا عن المخاطر التي تشكلها حكومتنا على العالم. وتقوم وسائل الإعلام بتحويل الأمور التافهة عديمة الأهمية إلى مناظرات كبرى، ولكنها نادرا ما تقدم أي شيء يجب علينا أن نعرفه. وعلى سبيل المثال، وصف الساخر الأمريكي لاري يلمور الرئيس بأنه “عبد أسود” في آخر عشاء لأوباما مع مراسلي البيت الأبيض. وقد ثارت ضجة كبيرة حول مدى ملائمة هذا الوصف، ولكن أحدا لم يتحدث عن عدم ملائمة هذا الحدث نفسه.
يجب على وسائل الإعلام أن يكون لها علاقات عدائية مع الرؤساء. وعلى الأقل يجب أن يكونوا مبتعدين عنهم ومتشككين فيهم نوعا ما. بدلا من أن يمتلكوا علاقات جيدة معهم وبشكل علني. بل يحتفلون بتواطئهم عن طريق هذا الحب مع الرئيس الذي يمزح مع الإعلاميين الكوميديين الذين يتنافسون للحصول على فرصة لاستضافته ذات مساء.
كما لم يعد هناك أي تظاهر بالحياد. حيث تريد وسائل الإعلام الاقتراب من الإدارة الأمريكية، لذلك يدفعون ضريبة من الأكاذيب لكل إدارة رئاسية. وتقوم وسائل الإعلام بإلقاء النكات على روسيا ولكنها لا تخبر القراء والمشاهدين أن الولايات المتحدة هي التي تبدأ في استفزاز روسيا في منطقة نفوذها.
ويبدو أن أوباما يريد أن يُحدث المزيد من الدمار أكثر مما أحدث بالفعل. إذ أن تحويل ليبيا إلى دولة فاشلة تماما لم يكن كافيا. هذا الأمر الذي أطلق العنان لتنظيم الدولة الإسلامية وجماعة بوكو حرام وهذه الموجة من اللاجئين. بالإضافة إلى أن الانقلاب في أوكرانيا أشعل حربا أهلية. واستمرار الحكومة السورية في الحكم برغم ما تقوم به من جرائم. وقد استجابت روسيا لدعوة المساعدة، ولكن أمريكا لا تريد إنهاء هذه الحرب، وسوف تستمر في استخدام حلفائها لمنع تنفيذ وقف اتفاقية إطلاق النار أو وضع حد للصراع تماما.
هناك الكثير من الضرر الذي وقع بين 20 يناير 2009 وحتى الآن. ولا يوجد أي سبب لنحزن أو لنبتهج برحيل أوباما عن منصبه؛ حيث سيتبعه شخص لا يختلف عنه كثيرا فيما يتعلق بسياسته الخارجية. وهذا الشخص سوف يحب الأمريكيين كما هم: أذكياء غالبا ولكن لا يتم إخبارهم بما يحدث في جميع أنحاء العالم حتى إذا أرادوا أن يعرفوا ما يحدث. ويبدو أن الوصف الأنسب هنا هو أنهم يتصرفون بلا حساب للغد. وإذا استمر أوباما والإدارة الأمريكية في هذا الطريق، يجب علينا جميعا أن نتصرف.