لقاء “الفيصل – عميدرور”.. شرق أوسط جديد تتطابق فيه مصالح تل أبيب والعرب
7 مايو، 2016
محمد الشبراوي –
يوم 30 أبريل الماضي 2016، كشفت صحيفة “معاريف” العبرية تفاصيل جديدة تخص تحسن العلاقات بين إسرائيل من جانب وكل من السعودية ومصر والأردن والإمارات العربية من الجانب الآخر، معتبرة أن الحديث يدور عن “شرق أوسط جديد تتطابق فيه المصالح بين تل أبيب والعرب”.
ونقلت الصحيفة عن زئيف الكين وزير الاستيعاب الإسرائيلي، قوله “إيران تشكل الآن العدو المشترك لإسرائيل ودول الخليج”، موضحًا بقوله “نحن لا نخلق شرق أوسط جديدًا بل نحارب الأعداء المشتركين، وهذه الحروب لا تؤدي دائمًا لتعاون شامل بل لتعاون يتعلق بقضايا محددة”.
وأوردت صحيفة “معاريف”، تحت عنوان “يوجد ائتلاف”، أن العلاقات بين إسرائيل والدول العربية السنية “تتعزز بهدوء، رغم أنف إيران وحزب الله”، وأن لقاء بين 3 مسئولين سعوديين ومثلهم اسرائيليين عقد قبل 3 سنوات، تحدثوا باستفاضة عن التحديات المشتركة، وفي مقدمتها إيران، فضلا عن استقرار المنطقة.
وأكدت كاتبة المقال، “ساره ليفوفيتش دار”، أن اللقاءات السرية التي كشف عنها في وقت سابق بين إسرائيليين ومسؤولين سعوديين على مدى ثلاث سنوات تحولت الي لقاءات علنية.
ولهذا كان من الطبيعي ان يصف “معهد واشنطن” لدراسات الشرق الأدنى، ذي التوجه الصهيوني، الحوار الذي نظمه المعهد الجمعة 6 مايو 2016، بين السعودي “الفيصل” والاسرائيلي “عميدرور” بانه “حوار مبتكر” بين “خصمين قديمين” هما المملكة العربية السعودية وإسرائيل
وان تعتبر الصحف الاسرائيلية هذا اللقاء امر عادي في ظل اللقاءات السرية ثم العلنية ليس بين مسئولين سعوديين واسرائيليين ولكن مع مسئولين خليجيين اخرين وتطبيع كبير خاصة عقب انضمام السعودية رسميا لمعاهدة كامب ديفيد بعد حصولها على جزيرتي تيران وصنافير اللتان تشملهما المعاهدة بين مصر واسرائيل.
وجاء الحوار بين الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات السعودية واللواء المتقاعد في الجيش الإسرائيلي الجنرال يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لنتنياهو خاتمه طبيعية لسلسلة اللقاءات هذه، ومؤشر لتحول خطير في الشرق الاوسط تتطابق فيه مصالح تل أبيب والدول العربية والخليجية المحافظة.
وكشفت “معاريف” عن التعاون الاقتصادي بين إسرائيل ودول الخليج، مشيره لأن العلاقات التجارية بين إسرائيل ودول الخليج تجرى عبر تركيا وقبرص، حيث يتم إزالة بلد المنشأ من على تلك المنتجات.
وذلك فضلا عن الصفقات العسكرية بين إسرائيل وكل من السعودية والأردن، والتي اشتملت بحسب تقارير على طائرات بدون طيار، وأنظمة دفاعية.
لقاءات سعودية اسرائيلية
التقرير الذي نشرته “معاريف” والتقارير الأخرى التي انهالت على الصحف العبرية مرحبة بالتطبيع، مع دول الخليج ذكرت تاريخ التطبيع السعودي الاسرائيلي في صورة لقاءات سرية ثم علنية.
ففي فبراير عام 2010، صافح الامير تركي الفيصل، نائب وزير الخارجية الاسرائيلي في مؤتمر ميونيخ للسياسات الامنية، وفي يوليه 2014، وكتب مقالا بصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، دعا تركي الفيصل الإسرائيليين للسعودية قائلا: “أهلاً بكم في منزلي”.
ولاسترضاء الاسرائيليين، قال الفيصل في مقال نشر بالطبعة الإنجليزية للصحيفة الاسرائيلية، إنه يرغب بزيارة المتحف الإسرائيلي “ياد فاشيم” وحائط المبكى، كاشفا أنه زار متحف المحرقة في واشنطن.
وفي اكتوبر 2015، ألتقي تركي الفيصل مع زعيم حزب «هناك مستقبل» الإسرائيلي يائير لبيد في نيويورك، بعد دعوة أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في 27 سبتمبر الماضي لـ “توسيع السلام” مع اسرائيل من جانب دول عربية أخري.
وسبق للفيصل أن أجري لقاءات سابقة مع مسئولين اسرائيليين، وفي السنوات الأخيرة التقى الفيصل مسؤولين إسرائيليين كباراً بينهم الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” اللواء احتياط عاموس يدلين الذي يترأس الآن “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، وفي العام الفائت نشر مقالاً خاصاً قبل “مؤتمر إسرائيل للسلام”.
كما التقي “دوري جولد” و”شمعون شابيرا” المسئول الحالي بالخارجية الإسرائيلية، مع الدكتور أنور عشقي المقرب من الأسرة الحاكمة السعودية والسفير السابق للمملكة في الولايات المتحدة سرا، ولكن في يونيو 2015 أصبحت اللقاءات علنية، عندما تصافح جولد وعشقي في فعالية بمعهد أبحاث بواشنطن، وقال عشقي أمام عدسات الكاميرات إن التعاون بات ممكنا، وأن “هناك العديد من المصالح المشتركة”.
بعد عدة أيام عين جولد في منصب مدير عام الخارجية الإسرائيلية، أما عشقي فقد زار منذ نحو عام القدس بدعوة من السلطة الفلسطينية وصلى بالمسجد الأقصى.
وجاء لقاء أمس الجمعة ليتوج سلسلة لقاءات، ويؤشر لتغير في العلاقات خصوصا بعدما انضمت السعودية فعليا– بتوقيعها على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع مصر -الي اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وتل ابيب، وأرسلت خطاب لتل ابيب عبر القاهرة تؤكد فيه التزامها ببنود كامب ديفيد.
ولكن اللقاء أظهر أن اسرائيل تسعي للتطبيع بدون مقابل، وترفض قبول المبادرة العربية للسلام السعودية، قبل أن يتم التطبيع أولا، وجاء الرد السعودي أنه لا تطبيع قبل حل القضية الفلسطينية وقبول مبادرة السلام حل الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين.
وكان أخطر ما قاله “تركي الفيصل”، وهو يدعو إسرائيل إلى قبول المبادرة العربية للسلام، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، قوله: “ممكن أن نصنع الكثير إذا اجتمع المال اليهودي مع العقل العربي”، وهو نفس المنطق الذي تروجه الدعاية الصهيونية ولكن بجمع المال العربي، مع العقلية الاسرائيلية والايدي العاملة العربية.
كما ظهرت بوضوح معالم خارطة الشرق الاوسط الجديد التي تتطابق فيه المصالح السعودية مع الاسرائيلية ضد الخطر الايراني، حيث اتفق الطرفان على أن إيران نووية مصدر تهديد لتل ابيب والرياض خلال الحوار.
التطبيع الإماراتي الإسرائيلي
التطبيع ليس اسرائيليا سعوديا فقط، ولكنه بات على مستوي الخليج ودول عربية عديدة.
إذ تقول صحيفة “معاريف” أن وزير البنية التحتية الإسرائيلي يوفال شتاينتس التقى مطلع العام الجاري في أبو ظبي مسئولين إماراتيين، كذلك زار جولد الإمارات قبل بضعة شهور وافتتح هناك المفوضية الدبلوماسية الإسرائيلية.
ووفقا لمصادر أجنبية، تنطلق رحلة جوية خاصة بين أبو ظبي وإسرائيل مرتين أسبوعيا.
وكشفت “معاريف” عن تعاون اقتصادي بين إسرائيل والامارات، ومشاركة رجل الأعمال الإسرائيلي ليف لافيف في قطاع الألماس بدبي، التي يمتلك فيها محل مجوهرات إضافة إلى دعوة منتجي ألماس إسرائيليين للمشاركة في مؤتمر الألماس بدبي الشهر المقبل.
التطبيع الاسرائيلي القطري
تقول صحف اسرائيلية أن “مئات الاسرائيليين يحلقون سنويًّا على متن طائرات الخطوط الجوية القطرية (قطر اير ويز)؛ حيث يهبطون في الدوحة بجوازات سفرهم الإسرائيلي ويمكثون فيها عدة ساعات دون أن يشعروا بأي خوف”.
وشارك آرئيل هيلمان وشون بيجا وهما لاعبان في منتخب كرة الطائرة الشاطئية في اللعب مؤخرا بقطر، ولم يشعر اللاعبان بأي عداء تجاهما، كما قال لصحف تل ابيب.
وقال هيلمان “وكأننا نلعب في أوروبا، صحيح أن حارسين كانا برفقتنا، لكن لم تحدث أية مشكلة، ووافق شرطي محلي على دخولنا قطر خلال خمس دقائق، وخلال وجودنا هناك تجولنا في المركز التجاري وتناولنا الطعام في مطعم محلي دون خوف.
وتصف صحف اسرائيل قطر بأنها تبدو كما لو كانت القدس من حيث التنوع، فالنساء ترتدين النقاب والرجال بالجلاليب، لكن هناك أيضا رجال بزي غربي، والطعام في المطاعم متنوع والأسعار أرخص من إسرائيل.
التطبيع المصري الاسرائيلي
فيما يخص التطبيع المصري الاسرائيلي زار “يتسحاق مولوخو” المبعوث الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو القاهرة عدة مرات مؤخرا، وأعيد افتتاح سفارة إسرائيل بالقاهرة قبل عدة شهور، والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وفدا من زعماء يهود الولايات المتحدة وفي مقدمتهم مالكولم هونلاين المقرب لنتنياهو.
أيضا اعترف السيسي إنه يتحدث مع نتنياهو من حين إلى آخر، في وقت انقطعت فيه هذه الاتصالات منذ ثورة يناير 2011، وأخطرت مصر إسرائيل مسبقا بعزمها نقل جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وكشف أفيجدور ليبرمان مؤخرا أن مصر تساعد إسرائيل في الحوار مع حماس.
التطبيع الإسرائيلي الاردني
وفقا لموقع “ميدل إيست آي” التقى رئيس الموساد الملك الأردني عبد الله، واتصل رئيس الأركان الإسرائيلي جادي إيزنكوت بالملك وتحدث معه حول التدخل الروسي في سوريا.
وشارك جولد قبل نحو نصف عام في مؤتمر بالأردن، والتقى أيوب قرا نائب وزير التعاون الإقليمي مسئولين أردنيين بالعقبة.
وبيّنت الكاتبة الإسرائيلية أن التفاهمات حول الحرم المقدسي “تبلورت مؤخرا بين إسرائيل والأردن”.
وعلق البروفيسور يورام ميتال من جامعة بن جوريون على تلك التطورات بالقول “إذا ما استمرت هذه الاتجاهات، فسوف تخلق خارطة جيوسياسية جديدة بالشرق الأوسط”.