هل ينجح تنظيم «الدولة الإسلامية» في أفغانستان؟

7 أيار (مايو - ماي)، 2016
18 minutes

هكذا علق سائقنا أثناء مرورنا بما يقال عنه إنه آخر نقطة تفتيش شرطية في منطقة تشابارهار بولاية ننجرهار بشرقي أفغانستان. كنا على مقربة من قرية أدا، على بعد دقائق بالسيارة من جلال آباد، عاصمة ننجرهار الصاخبة. لا توجد علامات على وجود «داعش»، وهو الاختصار العربي لاسم التنظيم الذي أعلن نفسه دولةً إسلامية. لا أرى سوى محيط هادئ ومسالم؛ قرى أفغانية بها مجمعات سكنية مائلة إلى اللون الأصفر ومنثورة وسط السهول الكئيبة، الحقول الخضراء، والقليل من الأشجار، بينما ترتفع الجبال الشاهقة المغطاة بالجليد في الأفق، المرئية عبر طبقة خفيفة من الضباب البعيد. نتجاوز محطة وقود حديثة لا تبدو ملائمة وسط ما يفترض أنه الولاية الأحدث ضمن خلافة من القرون الوسطى أعيد إحياؤها. يجعلني ذلك أتساءل حول مدى حقيقة وجود الدولة الإسلامية هنا من الأساس.

نصل إلى أدا، تقع القرية على بعد مرمى حجر من الطريق المعبّد. الشوارع المُغَبّرة مهجورة، وتحجب الأسوار الطينية العالية رؤية المنازل لتحمي خصوصية الموجودين بداخلها. ندخل أحد المنازل ونجلس على فُرُشٍ تقليدية فيما كانت لتصبح، دون الفُرُش، غرفة ضيافة فارغة. يزعم سائقنا أن مقاتلي الدولة الإسلامية قد باءوا إلى هذه القرية بأعلامهم السوداء أربع مرات على الأقل في شهر يناير، حيث اختطفوا سكانًا محليين من الشوارع والمنازل وقتلوهم. لكنه لم يتمكن من تقديم أي تفاصيل، لذا يحتمل أن تكون القصص مبالغًا فيها.

يتحدث فتى صغير كان جاثمًا في صمت بالغرفة، يقول إن بعض المحاربين المتشحين بالسواد قد أقاموا في القرية قبل طردهم إثر تبادلٍ لإطلاق النار مع قوات الأمن يوم 29 يناير. تذكر تقارير أن التنظيم يُبقي على وجودٍ أكثر جلاءً في قرية للماه المجاورة. لم يصل أبدًا زعيم القرية الذي كنا في انتظاره؛ على ما يبدو خشية أن يُرى أثناء حديثه إلى صحفي أو أجنبي، أو الاثنين معًا. لذلك نغادر أدا مُحمّلين بأسئلةٍ أكثر من الإجابات.

ظهرت التقارير الأولية بشأن توسع التنظيم في أفغانستان في مطلع عام 2015. وفي 26 يناير 2015، أعلن أبو محمد العدناني، المتحدث باسم التنظيم، قيام ولاية «خراسان» التابعة لما يسمى بالخلافة، وهو اسم قديم لمنطقة تشمل أفغانستان، باكستان ومناطق أخرى متاخمة.

في 26 يناير 2015، أعلن أبو محمد العدناني، المتحدث باسم التنظيم، قيام ولاية «خراسان» التابعة لما يسمى بالخلافة.

في مواجهة طالبان المُتحصنة، كانت محاولات تنظيم الدولة الإسلامية للتسلل إلى ولايات أفغانية مثل فرح، هلمند وزابل قصيرة الأجل. لكن مع مرور الوقت، أسس داعش موطئ قدم له في ننجرهار، المتاخمة للمناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية بباكستان. وفي ضوء هذا النجاح، اعتبرت القوات الأمريكية تنظيم ولاية خراسان “نشطًا من الناحية العملياتية“، في أكتوبر 2015.

على الرغم من كل ذلك، يظل النطاق الحقيقي لقدرات الدولة الإسلامية غير واضح. فقد نُسب هجوم انتحاري في جلال آباد يوم 18 إبريل 2015 على نطاق واسع إلى التنظيم، ولكن الحجم الحقيقي لتورطه، إن كان متورطًا من الأساس، يظل محل تساؤل. كذلك كانت الروايات الأولى بشأن تفاصيل هجمات التنظيم على القوات الأمنية بأواخر سبتمبر غامضة، وتظل التقارير الواردة غير موثوقة، بما أن مصطلح “داعش”، كحال كلمة «طالبان»، أصبح يمثل اختزالًا لأي مسلح. وبينما رفع الطلاب المتشددون بجامعة ننجرهار راية التنظيم السوداء إلى جانب راية طالبان البيضاء في مسيرة بجلال آباد خلال نوفمبر الماضي، لا يعد مرجحًا أن مثل هذه الصور من الدعم موجهة بواسطة، أو متصلة بـ، التنظيمين على أرض المعركة.

ومع ذلك، فإن الوجود الفعلي لتنظيم الدولة الإسلامية لم يعد مجرد شائعة. ففي أواخر عام 2015، بدأت مقاطع الفيديو الدعائية المروعة في الظهور، وبدأ بث إذاعة تطلق على نفسها «صوت الخلافة»، إلى أن دُمرت إثرغارة جوية يوم الأول من فبراير، بعدما كانت المحطة، التي كانت تبث بالأساس بالعربية والبشتوية ثم أضافت الفارسية والدرية، متاحة على نطاق واسع في ننجرهار. وفي ضوء احتمالية أن تصبح أداة تجنيد قوية تجتذب العديد من الفقراء والمحرومين الأفغان، كان يمكن لتلك الإذاعة أن توسّع نطاق وصول وتأييد التنظيم.

في منطقة بيهسود بننجرهار، زعم ملك إحدى القبائل أنه منذ مطلع فبراير، تمتع التنظيم بحضور قوي بالمناطق الجنوبية؛ ديهي بولو، أجين، سبين غر، ونزيان. وكان ما يسمى بالخلافة نشطًا أيضًا في مناطق عديدة أخرى، منها لال بور، بتي كوت، بيهسود، شبرهار، ، لكنها نشطت بشكل سري، حسبما أضاف. وحتى عند الضغط عليه للإدلاء بالمزيد من التفاصيل حول النشاطات المزعومة للتنظيم، تحدث الملك، مثلما فعل الجميع، بشكل غامض بشأن أنشطة التنظيم الدعائية وجهوده لاجتذاب المتطوعين.

لكن أسرار الله جاريزاده، حاكم منطقة بيهسود، أنكر كون التنظيم نشطًا في منطقته، رغم اعترافه بوجودٍ ضئيل لطالبان. مع تحركنا بالسيارة عبر الحقول الخضراء ببيهسود (يقول المثل أن الجو دائمًا ربيعي في محافظة ننجرهار الدافئة)، مررنا ببازار جديد تحت الإنشاء. بدا ذلك مشيرًا إلى انفراجة اقتصادية في المنطقة؛ ما يدعم مزاعم الحاكم. ثم تناولنا غداءً من الأسماك المقلية الواردة من نهر كونار الجاري على بعد ياردات قليلة أثناء جلوسنا على الكات، وهي منصة الجلوس التقليدية الأشبه بالسرير.

لكن المظاهر تكون خدّاعة أحيانًا. فأثناء عودتنا بالسيارة إلى بيهسود، ذكر سائقنا الشاب عرضيًا أنه بالطريق الريفي الخامل غير الممهد، اعتدى مقاتلو الدولة الإسلامية مؤخرًا على رجلٍ لعمله في مطارٍ مجاور، حيث كانت قوات التحالف متمركزة. ولكن كما الحال في أدا، كان من الصعب التأكد من مدى صدق الرواية.

في بيهسود، جمع الملك عددًا من الرجال من مناطق مختلفة في دار الضيافة الفخم خاصته، حيث تشاركوا قصص الهروب من التنظيم. بدت قصصهم جميعًا متشابهة؛ حيث لم تشتمل على تقديم أي مطالب خاصة، بل كان مقاتلو الدولة الإسلامية يستهدفون أي شخص له صلة، ولو حتى بعيدة، بالحكومة، حيث هددوا أهدافهم أو أذوهم ضمن جهودٍ لإجبارهم على العمل لصالح ما يطلقون عليه الدولة، وسحب جميع الولاءات الأخرى. كما أوضحوا أن هؤلاء المقاتلين قد ارتدوا عصائب سوداء عليها كتابات دينية، وحملوا أحيانًا الراية السوداء الأيقونية للتنظيم، لتميزهم كتابعين للخلافة المزعومة. ومع ذلك، لم يبدُ أن أحدًا يعرف هويّاتهم، من أين أتوا، أو مواقع مخابئهم بعد تنفيذ مداهماتهم.

حكى كامرون، طفل عمره 15 عامًا من منطقة كوت، كيف أن عائلته تعرضت للتهديد بواسطة ما يطلق عليه «شبنوما» – رسالة تهديد توصل إلى المنازل ليلًا وتُسمّر على الأبواب – وهو أسلوب ترهيب شائع تمارسه طالبان أيضًا. وإثر تسمّر الجميع في أماكنهم من الخوف، لم يجرؤ أحد على إنزال الرسالة التي أظهرت ختم الدولة الإسلامية. وتركت عائلته المنزل قبل عودة المقاتلين لتنفيذ تهديداتهم.

كذلك حكى عبد الوهاب، عمره 17 عامًا من منطقة رودات، عن لقائه العنيف بالدولة الإسلامية. حيث أعدمت فرق إطلاق النار ثلاثة من أقاربه – تعرض أحدهم للاستهداف لعمله بجامعة خاصة، رغم عدم اتصالها مباشرةً بالحكومة. ورغم مدى ترويع الروايات عن أفعال الدولة الإسلامية، لا يعد العنف جديدًا بالنسبة لننجرهار. فقد هرب سكانها المحليون من تهديداتٍ وهجماتٍ مشابهةٍ من قبل طالبان لسنوات.

تقول مزاعم إن القاعدة الرئيسية للدولة الإسلامية تقع في أجين، وهي منطقة دخل إليها المقاتلون على ما يبدو من وادي الطيرة؛ معقلٌ سيئ السمعة للمتطرفين في منطقة خيبر الباكستانية المتاخمة.

«في الأماكن التي يحكمها التنظيم، كما الحال في مركز أجين، يتحرك أعضاؤها جهرًا وبحرية، ويفرضون نوعهم الخاص من القانون، الذي يمنع أمورًا كالتدخين. وإن فوّت الذهاب إلى المسجد، يعتدون عليك ويحتجزونك لأيام قليلة»، حسبما قال أحد سكان أجين في مطلع فبراير. كما حبسوا النساء المحليات – اللاتي عملن عادة في الحقول إلى جانب الرجال – في المنازل، وفق أحد المحليين، ومع ذلك، زعم أن الحكايات بشأن إجبار التنظيم للمحليات على الزواج ليست صحيحة. وبينما لا يزال يُسمح للمحليين بدخول أجين والخروج منها، تقول عدة مزاعم إن التنظيم قد نصب نقاط تفتيش واشترط أن يحمل الجميع تصريحًا، وهو قصاصة ورقية تشير إلى تطلع الدولة الإسلامية المزعومة إلى العمل ككيان شبيه للدولة.

ومع ذلك، منذ بدء الحكومة مؤخرًا لهجومٍ ضد الدولة الإسلامية في أجين، تغير الوضع. يظل حجم هذا التغير غير واضح. فبينما زعمت الحكومة أول مرة عن استعادة أجين يوم 18 فبراير، حيث أورد بيان صحفي رسمي صدر يوم 13 فبراير أنه رغم تطهير عدة أجزاء من المنطقة، لا يزال التنظيم موجودًا في بعض المناطق. ورغم تأكيد الصحفيين الذين زاروا أجين قرابة نهاية فبراير على أن الجزء الأكبر من المنطقة قد عاد مجددًا إلى سيطرة الحكومة، زعمت مصادر محلية يوم 8 مارس أن النجاح الأوّلي قد انقلب. وعلى الجانب الآخر، يُقال إن التنظيم قد استعاد السيطرة على معظم أجزاء أجين، مع تقيّد القوات الحكومية بمركز المنطقة، ومجاوراته المباشرة.

ما يبدو مؤكدًا على ذلك أنه في يوم 19 مارس، قال عصمت الله شينوار، عضو البرلمان الأفغاني من ننجرهار، إن التنظيم لم يُهزم في ننجرهار، وإنه تطلع إلى اتخاذ الحكومة للمزيد من الخطوات ضد التنظيم. يقوّض ذلك ادعاءات الرئيس الأفغاني، أشرف غاني، في مارس، حين أكد على أن التنظيم يهرب في ننجرهار، وأن «أفغانستان ستكون مقبرة له».

أوضح الرجل المحلي من أجين، مثلما فعل كثيرون، أن التنظيم لديه فيض من الأموال. حيث تذكر مزاعم أن التنظيم يدفع للمقاتل العادي راتبًا يتراوح بين 500 دولار و1000 دولار شهريًا –؛ ما يمثل ثروة صغيرة في بلد يحصل فيه حارس الأمن عادة على راتب شهري لا يتجاوز 200 دولار. التنظيم يدفع للمقاتل العادي راتبًا يتراوح بين 500 دولار و1000 دولار شهريًا –؛ ما يمثل ثروة صغيرة في بلد يحصل فيه حارس الأمن عادة على راتب شهري لا يتجاوز 200 دولار.ولكن لم يستنّ التحقق من تلك الأرقام بشكل مستقل، كذلك لم يتسن التحقق من زعم المحلي أن 2000 مقاتل تابع للدولة الإسلامية كانوا في أجين مطلع فبراير. ولكن إن كان ذلك العدد دقيقًا، يعني ذلك أن جميع مقاتلي الخلافة المزعومة في أفغانستان تقريبًا، وعددهم يتراوح بين 1000 و 3000 مقاتل وفق التقديرات الأمريكية، كانوا متمركزين في أجين «من غير الواضح حجم تأثير العمليات الحكومية الأخيرة في أجين على تلك الأعداد».

رغم عيشه في قلب الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، لم يبدُ الرجل من أجين عارفًا بالكثير بشأن مقاتليه. فقد بدت الصورة التي رسمها لرجال طويلين عريضي المنكبين متشحين بالسواد، لهم شعر طويل ولحى كثيفة، أشبه بوصف لعمالقة خياليين من قوة شريرة وغامضة بملحمة خيالية، وليس لمتطرفين حقيقيين.

ولكنهم حقيقيون. ففي مقطع فيديو دعائي يُشارك عبر العديد من الهواتف الذكية المحلية، صُوّر في خريف 2015 حسبما تقول المزاعم، يظهر محاربو الدولة الإسلامية متشحين بالسواد، مع ارتداء بعضهم لعصابة سوداء تشي بتبعيتهم للتنظيم، أثناء نهبهم لقاعدة للشرطة الحدودية الأفغانية في مكان ما بأجين. لقد تجاهلوا بقسوة جثة منفرجة الأيدي والأرجل ملقاة على الأرض بجوارهم، ورأسها مقطوعة، بينما تخفق الراية السوداء في السماء الزرقاء الباهتة أعلى هذا المشهد. ووفق بعض المحليين، أثبتت اللهجة المميزة للمقاتلين المتحدثين بالبشتوية أنهم ينحدرون من منطقة أورراكزاي القبلية في باكستان؛ ما يضيف مصدرًا آخر للأصول المزعومة لمقاتلي التنظيم.

عند سؤالهم عن كيفية نجاح الدولة الإسلامية في تأسيس مؤطئ قدم له في ننجرهار بينما فشل في ولايات أخرى، لام معظم الناس الحدود مع باكستان غير الخاضعة للسيطرة الحكومية منذ فترة طويلة، الرواتب المرتفعة على نحو مُغرٍ، وماكينة الدعاية الماهرة والفعالة التي تجتذب مقاتلين جدد.

لا يمكن للحدود مع باكستان وحدها أن تكون السبب. فجهود التنظيم في ولاية هلمند الجنوبية قد باءت بالفشل، رغم وجود الشريط الحدودي الطويل غير الخاضع للسيطرة الحكومية، والذي يعد عبوره أسهل بالمقارنة بالمناطق الجبلية القبلية البعيدة في ننجرهار. ينطبق الأمر ذاته بالنسبة للحالة الاقتصادية أو الدعاية، بما أن هذين العاملين غير مختلفين إلى حد كبير عن بقية أفغانستان. كذلك لا تمثل حقيقة أن معظم القادة المعروفين للعامة لولاية خراسان قد قدّموا من تنظيم طالبان باكستان الساخط، من المناطق القبلية المتاخمة لننجرهار، تفسيرًا مُرضيًا لنجاح التنظيم المؤقت على الأقل في هذه الولاية تحديدًا. يعد هذا حقيقيًا بشكل خاص، بما أن التنظيم ليس لديه مناصرين قبليين واضحين في ننجرهار، وفي ضوء أن أجندته الإسلامية المتزمتة دينيًا لا تتماشى جيدًا بشكل عام مع العادات القبلية. فبعض القبائل التي يُعتقد أنها على صلة بالتنظيم، مثل أوراكزاي، باكستانية الأصل وغريبة على ننجرهار، على خلاف القبائل الأخرى.

يشك نواب مومند، صحفي أفغاني مُطلع على المنطقة وقبائلها، في أن التنظيم قد استغل حقيقة أن البنية القبلية في ننجرهار قد تعرضت للتآكل بشكل كبير، أكبر من أي ولاية أخرى. وعلى غرار ذلك، ذكرت شبكة محللي أفغانستان «ANN» في تقرير لها أن التمرد ممزق بشكل أكبر كثيرًا في الشرق بالمقارنة بالجنوب الأفغاني؛ ما يجعل ظهور تنظيمات جديدة كالدولة الإسلامية أسهل. كما أشار ذبيح الله نعيميات، ناشط شاب من ننجرهار، إلى أن الإرهابيين ذوي التوجهات الدولية، الذين عادة ما يكونون عربًا، ويمارس عليهم التنظيم القدر الأكبر من الجاذبية، منتشرين بشكل أكبر في ننجرهار بالمقارنة بأي منطقة أخرى في أفغانستان. ففي النهاية، كان هؤلاء نشطين هناك منذ عهد الجهاد المناهض للاتحاد السوفييتي في الثمانينيات، حسبما أضاف.

لكن تقدم الدولة الإسلامية لم يمر دون انتكاسات، فأولًا وقبل كل شيء هناك العمليات الحكومية المذكورة آنفًا في أجين. وبعد حصول القوات الأمريكية على تفويض أوسع لاستهداف الدولة الإسلامية المزعومة بأفغانستان في شهر يناير، لم تضع أي وقت قبل تكثيف الغارات الجوية على ننجرهار، حيث قتلت عشرات المشتبه بكونهم مقاتلين بالتنظيم، وأسكتت إذاعتهم.

كما أن التنظيم لم يتعرض للهجوم في أجين، وعبر الجو، فقط. ففي منطقة بتي كوت، الواقعة على الطريق الرئيسي بين جلال آباد وبيشاور في باكستان، تذكر تقارير أن التنظيم قد هُزم هناك في يناير بعد أن شرعت الحكومة وطالبان في الهجوم عليه بشكل منفصل. ومع ذلك، تظل بعض المشكلات قائمة هناك. اعترف نعمت الله نورزاي، الحاكم المحلي، بلا قيود بأن طالبان قد سيطرت على الكثير من الأراضي التي خضعت لنفوذ الدولة الإسلامية سابقًا. كما تُظهر حقيقة تمتع نورزاي بحماية 6 حراس مسلحين أن بتي كوت ليست آمنة بالدرجة التي تشير إليها روايات التجمع بالسوق المركزي.

في منطقة بتي كوت، الواقعة على الطريق الرئيسي بين جلال آباد وبيشاور في باكستان، تذكر تقارير أن التنظيم قد هُزم هناك في يناير بعد أن شرعت الحكومة وطالبان في الهجوم عليه بشكل منفصل.

علاوة على ذلك، ثار السكان المحليون من أمثال أفراد قبيلة شينواري، الذين يسكنون أجين والمناطق الأخرى ذات الحضور القوي للتنظيم، ضد الخلافة المزعومة، حسبما ذكرت بعض التقارير. في البداية، أدت الاشتباكات بين القواعد القاسية للدولة الإسلامية والعادات القبلية بقبلية الشينواري إلى حمل الأسلحة ضد التنظيم. لكن ما أشعل الانتفاضة بالفعل كان إعدام التنظيم المروّع لشيوخ القبيلة في أكتوبر 2015 عبر إجبارهم على الجلوس على قنابل ثم تفجيرها، حسبما أوضح الشيوخ وأحد قادة الانتفاضة. ومع ذلك، يقول المحليون أن الانتفاضة مقيدة بفعل ممانعة الحكومة لدعمها «بل زعم البعض أن الحكومة تعيقها»، بما أن كابول قلقة على نحو مبرر بشأن العواقب بعيدة المدى لوجود تنظيم خارج القوات الحكومية الرسمية.

بشكل عام، تشبه خطى التنظيم الذي أعلن نفسه دولة إسلامية في ننجرهار فتات الخبز الصغير، وربما أدت العمليات الحكومية الأخيرة جزئيًا إلى إعاقة موطئ القدم الهش للدولة الإسلامية في هذه الولاية، كما أن أنشطته هناك غامضة ومقيدة بمناطق محددة. وبناءً على ذلك، يبدو أن تأثيره الحقيقي كان، ويظل، أصغر كثيرًا مما تشير إليه المخاوف المنتشرة. وأخيرًا، يبقى أن نرى إلى متى ستتمكن الخلافة المزعومة من تحمل الضغوط المتزايدة من قبل طالبان، حكومة كابول، القوى القبائلية، والضربات الجوية الغربية.