باﻷطفال الجواسيس.. الصومال تقاتل حركة الشباب

8 مايو، 2016

 كشفت صحيفة “واشنطن بوست” النقاب عن تجاهل الولايات المتحدة لاستخدام القوات الصومالية المتزايد للأطفال في مهمات قتالية، وإجبارهم على العمل كجواسيس لصالحهم، خلال محاولاتها القضاء على حركة الشباب المجاهدين.

وفي تقرير وصفته بـ”الخاص”، قالت الصحيفة: لسنوات كانوا أطفالا في حالة حرب، يحصلون على بنادق للتدريب على استخدامها من جانب المسلحين الذين كانوا يرسلونهم للخطوط الأمامية لصراع دموي منتشر في البلد الواقع بالقرن اﻷفريقي، كثيرا منهم اختطف من المدارس وملاعب كرة القدم، وأجبر على القتال.

الأمم المتحدة ناشدت الجميع بإبعاد اﻷطفال عن أرض المعركة، الولايات المتحدة أدانت استخدام المتشددين لهولاء الأطفال لزرع قنابل، وتنفيذ اغتيالات.

وأضافت، لكن بعدما أبعد بعض اﻷولاد عن ساحة القتال – كان الدور الذي ينتظرهم أخطر بكثير  في هذه الحرب – ولكن هذا المرة يقول اﻷطفال:” إنهم كانوا يجبرون على العمل لصالح الحكومة الصومالية”.

الاستخبارات الصومالية، استخدمت اﻷولاد لسنوات كمخبرين، حيث كانوا يجبرونهم على السير في اﻷحياء التي تسيطر عليها “حركة الشباب”، ويشيرون على رفقائهم القدامى، لصالح عملاء من المخابرات، بحسب اﻷطفال.

استخدام وكالة اﻷمن الصومالية واسع النطاق للاطفال المخبرين، الذي لم يتم توثيقه مسبقا، انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ويثير أسئلة صعبة لحكومة الولايات المتحدة، التي وفرت لسنوات تمويلا كبيرا وتدريبا لوكالة الاستخبارات الصومالية عن طريق وكالة المخابرات المركزية اﻷمريكية، وفقا لمسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين.

المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية اﻷمريكية (سي أي ايه) رفض التعليق على هذه المسالة، ولكن في الماضي دعمت الحكومة الامريكية المؤسسات الأمنية الصومالية رغم الانتهاكات المعروفة لحقوق الإنسان، مبررة ذلك بالحاجة الملحة لمكافحة الجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب.

استخدم اﻷطفال المخبرين في جمع المعلومات الاستخبارية، أو تحديد المشتبه بهم في بعض الأحياء الأكثر خطورة في العالم، بحسب هولاء اﻷطفال.

وقال شاب بالغ من العمر 15 عاما:” أخذوني في سيارة وأحيانا سيرا على الأقدام، وسالوني عن أعضاء الشباب، مشيرا إلى أنه تعرض للاحتجاز من قبل وكالة الاستخبارات، قائلا:” أمر مخيف لأنك تعرف أن كل شخص سوف يشاهدك معهم سيعرف أنك تعمل مع الحكومة اﻵن”.

المراهق واحد من ثمانية أولاد قابلتهم صحيفة “واشنطن بوست” قالوا إنهم أجبروا على العمل كمخبرين بعد ترك “حركة الشباب”، مؤكدين أنهم تعرضوا للتهديد باستخدام العنف إذا لم يتعاونوا.

الجيش الصومالي جند اﻷطفال لفترة طويلة، ولكن لسنوات وجد مسؤولو الامم المتحدة وحقوق الإنسان صعوبة في تأكيد التقارير التي تتحدث عن مراكز تديرها الحكومة بشكل غامش في مقديشو، والذي كان يعتقد أنه يتم تأهيل الأطفال للاستخدام في العمليات الاستخباراتية.

رئيس المخابرات الصومال نفى في مقابلة مع الصحيفة إجبار الصبية على العمل كمخبرين، لكنه قال إن المقاتلين الأطفال “رفيعي المستوى” كانوا يتم احتجازهم، بسبب خطورتهم أو المعلومات التي لديهم، مشيرا إلى أن بعض اﻷطفال تطوعوا للقيام بمهمات، وأسفرت عن “معلومات هامة” ساعدت في منع وقوع هجمات في المستقبل.

ونقلت الصحيفة عن اللواء عبدالرحمن توركارو ضابط في الحكومة الصومالية قوله:” لو أنضم طفل لحركة الشباب في عمر 9 سنوات، ولكنه في هذا الوقت يبلغ 16 عاما، فانه قادر على اﻹشارة لشخص ما ويقول هذا الرجل حارب معي”.

وكالة الاستخبارات الصومالية تواصل القبض على هولاء الصبية لعدة أشهر في كل مرة، بحسب توركارو، رغم اتفاق عام 2014 مع اليونيسيف لإطلاق سراح الأطفال خلال 72 ساعة من هروبهم من  الشباب أو القبض عليهم.

ورغم أن تفاصيل عمليات وكالة الاستخبارات المركزية في الصومال سرية، قال مسؤولون صوماليون ودوليون إنهم يعملان معا بشكل وثيق.

وقال مسئول صومالي رفيع المستوى رفض اﻹفصاح عن اسمه للصحيفة:” لا يوجد شيء تفعله المخابرات الصومالية، لا تعرفه المخابرات المركزية اﻷمريكية”.

خلال الحرب الأهلية التي استمرت 25 في الصومال، والتي تركت مئات الآلاف من القتلى، كان يتم القبض على الأطفال باستمرار.

وجند الجيش الصومالي منذ فترة طويلة اﻷطفال للقتال، وفي عام 2015، سجلت اليونيسيف أكثر من 300 حالة من الأطفال جنود في القوات الصومالية، هذه الممارسة تؤدي عادة لدفع أمريكا لفرض حظر على معظم المساعدات العسكرية، لكن الرئيس أوباما منح الصومال تنازل لأسباب تتعلق بالأمن القومي في السنوات الأخيرة.

وفي أواخر 2015، بعد سنوات من الضغط من الأمم المتحدة، نقل الأطفال الذين تحتجزهم قوات اﻷمن الصومالية من مركز الاحتجاز إلى دار لرعاية الأحداث في العاصمة مقديشو، ويتلقى تمويله من اليونيسيف.

ولكن عمال الإغاثة الدوليين والخبراء يشتبهون في أن استخدام الأولاد كمخبرين لا يزال مستمرا.

ونقلت الصحيفة عن قال مسؤول أمني صومالي -ر فض اﻹفصاح عن اسمه- قوله:” المخابرات الصومالية لا تزال تستخدم مئات اﻷطفال كمخبرين”.

ورفض مسؤولون في الامم المتحدة بالصومال التحدث بشكل رسمي عن استخدام وكالة المخابرات للاطفال مخبرين، لكن ليلى زروقي ممثلة خاصة للأمين العام معنية باﻷطفال في النزاعات المسلحة قالت : “كونه مخبريعرض حياة الأطفال للخطر، وهي واحدة من المهام الأكثر خطورة”.

خلال عملهم سنوات كمخبرين، قال الأولاد، إنهم كانوا يقومون بعمليات في مقديشو، وغيرها من المدن، على أمل إطلاق سراحهم.

وقال صبي يبلغ من العمر 16 عاما: نحن مجرد رقم، واعتقد أننا سوف نعمل من أجل المخابرات الصومالية لبقية حياتنا، وفي بعض اﻷحيان كانوا يعطوني 2 دولار عن كل شخص عملت معه في حركة الشباب، وأخبرهم عنه”.

وفي عام 2008، أصدر الكونجرس اﻷمريكي قانونا يمنع تجنيد اﻷطفال، وكان يهدف لقطع المساعدات العسكرية عن البلدان التي يتم “تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود”.

في كل عام بعد أن دخل القانون حيز التنفيذ، وجدت وزارة الخارجية أن الجيش الصومالي يجند الأطفال، رغم أنه لم يكن هناك أي ذكر لاستخدامهم كمخبرين.

ولكن في ظل “المصلحة الوطنية”، خصصت الولايات المتحدة 330 مليون دولار للصومال هذا العام، والكثير منها يذهب إلى قطاع الأمن.

ويقول النقاد إن محاولة القضاء على الجماعات المرتبطة بالقاعدة، دفعت الولايات المتحدة وغيرها من الجهات المانحة لتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان.

وقال “اتيتيا بدر” باحث صومالي في هيومن رايتس ووتش: قرار إدارة أوباما بمواصلة تقديم المساعدات العسكرية “يرسل بالضبط رسالة خاطئة ليس فقط للجيش الصومالي، ولكن لجميع قوات الأمن الصومالية، مفادها الاستمرار في استخدام الأطفال دون أي عواقب”.

وفي مقديشو، المقاتلون السابقون من الأطفال ينتظرون الإفراج عنهم، لكن لديهم خوف مما سيأتي في المستقبل “القصاص”.