هل وصلت “داعش” للقاهرة؟ أبرز 9 محطات في تاريخها بمصر

9 مايو، 2016

محمد الشبراوي –

أثار إعلان تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، المعروف في مصر باسم “ولاية سيناء” مسئوليته عن الهجوم على سيارة تقل 8 شرطيون مصريون الاحد وقتل من فيها، تساؤلات حول حقيقة وصول “داعش” للقاهرة بعدما ظلت عملياتها محصورة في سيناء.

وجاء تأكيد شهود عيان رؤيتهم “ملثمين” و”أعلام سوداء” مرفوعة على “سيارة دفع رباعي”، في موقع الحادث، ليعزز رواية “داعش” عن مسئوليتها عن الهجوم، لتطابق رواية وأدوات هجوم حلوان، مع ما يجري في سيناء من هجمات مشابهه، برغم نفي مصادر أمنية مصرية مسئولية داعش وربط الامر بـ “خلايا نائمة”.

وفيما تؤكد المصادر الأمنية صعوبة اختراق “ولاية سيناء” الحصار الحديدي المضروب حولها في سيناء، وانتقالها للقاهرة، يرجح خبراء في شئون الجماعات الاسلامية تسرب بعضهم أو اعتناق أخرين بالقاهرة لفكرة داعش القائم على نهج “الذئاب المستوحدة”.

وقال ماهر فرغلي، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، “إن هناك محاولات حقيقية سابقة من قِبَل تنظيم داعش للتوغل والامتداد داخل الأراضي المصرية”، مؤكدًا أن “الأجهزة الأمنية سبق أن ألقت القبض على 13 من عناصر هذا التنظيم، في حين هرب 6 آخرون داخل البلاد”.

واستفاد التنظيم المسلح في سيناء مما يطلق عليه خبراء الارهاب، “ظاهرة الساخطين” في سيناء وغيرها من المدن المصرية، وغالبيتهم من الشباب الذين يعانون من حالة الاحتقان والغضب التي تنتشر بين الأهالي الذين يتعرضون لانتهاكات من جانب قوات الامن.

ولا يستبعدون اعتناق شباب بالقاهرة والمحافظات لهذا الفكر بدليل المحاكمات التي تجري لمن يسمون “تنظيم بيت المقدس” بالقاهرة.

وقررت محكمة جنايات القاهرة، تأجيل جلسة محاكمة 213 متهمًا من عناصر تنظيم “بيت المقدس”، لارتكابهم 54 جريمة، تضمنت اغتيالات لضباط شرطة ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم، وتفجيرات طالت منشآت أمنية عديدة، لـ 28 مايو الجاري، لسماع الشهود.

محطات لداعش من سيناء للقاهرة

ويمكن رصد 9 محطات لتنظيم داعش في مصر، من سيناء الي القاهرة على النحو التالي:

(المحطة الأولي): تعود بدايات ظهور فكر التنظيم في سيناء خلال التسعينات من القرن الماضي، حينما انتقلت إلى هناك مجموعات من المطاردين بسبب الصراع الدائر بينهم وجهاز الامن في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وأنضم لهم بدويون من شباب سيناء من الساخطين على تعامل قوات الأمن معهم، والغاضبين من إهمال الدولة للتنمية في سيناء والرافضين لاتفاقية كامب ديفيد 1979، وكان بينهم عناصر محدودة غير مصرية من فلسطين والسعودية وغيرها.

(المحطة الثانية): تأسست عام 2002 أول جماعة جهادية مسلحة في سيناء باسم (التوحيد والجهاد) على يد الطبيب خالد مساعد (لقي مصرعه في مواجهة أمنية)، وقامت عناصرها بعدة عمليات إرهابية بين عامي (2004 – 2006)، استهدفت مناطق سياحية جنوب سيناء، خاصة التي يتردد عليها سائحون إسرائيليون مثل (طابا/ شرم الشيخ/ دهب).

وكانت أبرز هجماتها تفجيرات “شرم الشيخ” و”دهب” و”نويبع” عام 2004، ومن أشهر قادة هذا التنظيم “أبو منذر الشنقيطي” والذي أصدر فتوى بتكفير الرئيس محمد مرسي وحكم الإخوان أيضا.

(المحطة الثالثة): بدأت في أعقاب ثورة 25 يناير والاطاحة بالرئيس السابق مبارك، حيث ظهرت جماعات أخري أو انشق بعضها لتظهر 5 جماعات أخري هي: “أنصار بيت المقدس”، و”مجلس شورى المجاهدين -أكناف بيت المقدس”، و”السلفية الجهادية”، و”جند الإسلام” القريبة من تنظيم القاعدة، و”الرايات السوداء” في العريش.

وكانت أهداف أغلب هذه المجموعات، هي مهاجمة الإسرائيليين عبر الحدود أو مطاردة وقتل عملاء الموساد بين بدو شمال سيناء، ولم يُعرَف عنها توجهات محددة لمهاجمة قوات الجيش والشرطة في سيناء حتى ثورة 25 يناير 2011.

حيث بدأ بعضها يستهدف قوات الشرطة والجيش، بدعاوي مختلفة منها عرقلة مهامهم في قصف اسرائيل، أو الانتقام من ضباط شرطة عذبوهم في عهد مبارك، وتطور الأمر الي حرب حقيقة تجري حاليا في سيناء وامتدت للقاهرة.

(المحطة الرابعة): في 23 يناير 2012، توحدت بعض هذه التنظيمات في سيناء، وتم التنسيق فيما بينها في إطار ما سمي (مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس)، و(جماعة أنصار الجهاد في سيناء)، وصدر بيانهم الأول يبايعون فيه أيمن الظواهري، وتنظيم القاعدة.

 (المحطة الخامسة): بدأت عام 2012، في ظل الفوضى الأمنية في سيناء، وتهديدات اسرائيلية باجتياح سيناء لمنع هذه الهجمات، وتصعيد المجلس العسكري السابق برئاسة المشير محمد طنطاوي الهجمات عليهم، وشملت تصعيد عمليات تفجير خط تصدير الغاز المصري لإسرائيل والأردن، الذي بدأ الهجوم عليه منذ 2011.

ووصل عدد عمليات تفجير الخط إلى قرابة 24 عملية تفجير حتى 2016، فضلا عن عشرات الهجمات على كمائن الجيش المصري الثابتة في شمال سيناء.

وكان من أبرز عملياتهم ضد اسرائيل، إعلان “مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس” مسئوليته عن استهداف دورية إسرائيلية في 18 يونية سنة 2012 داخل اسرائيل على الحدود، قُتل فيها 8 جنود إسرائيليين، وإطلاق صاروخين “جراد” على مدينة إيلات.

وفي عهد الرئيس السابق محمد مرسي 6 أغسطس 2012، هجموا على كمين الريسة، ما أسفر عن مقتل 16 وإصابة 7 من جنود وضباط، وأعفي في اعقابه مرسي كلا من وزير الدفاع (حسين طنطاوي) ورئيس الاركان (سامي عنان) ومدير المخابرات من مناصبهم.

 (المحطة السادسة): وهي المحطة التي بدأت عقب انقلاب وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي والمجلس العسكري علي الرئيس السابق محمد مرسي، وعزله في 3 يوليه 2013، والتي شهدت تصاعدا خطيرا في هجمات “أنصار بيت المقدس” على قوات الجيش والشرطة في سيناء، وتمدد عملياتها – لأول مرة – للقاهرة في صورة تفجير مديريات أمن وأهداف حيوية.

وتردد أن بعض العمليات قام بها عسكريون سابقون بالجيش المصري حسبما أعلن “بيت المقدس” ثم “ولاية سيناء” لاحقا في بياناته.

 (المحطة السابعة): وهي محطة بدء انتقال التفجيرات والاغتيالات للقاهرة، منذ عام 2013، ومنها محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد ابراهيم في سبتمبر 2013، وإعلان جماعة “أنصار بيت المقدس” مسئوليتها عن مقتل المقدم محمد مبروك مسئول ملف الإخوان المسلمين في جهاز الأمن الوطني-أمن الدولة سابقا-في نوفمبر 2013 في القاهرة، وتفجير سيارة النائب العام هشام بركات التي قتل على أثرها 2015.

وتضمنت هذه المرحلة أيضا من التفجير خارج سيناء، تفجير مديريتي أمن الدقهلية (بدلتا مصر) في ديسمبر 2013، ومقتل 16 بينهم 14 من ضباط الأمن، ثم تفجير مديرية أمن القاهرة، 24 يناير 2014، والذي قتل فيه 4 أشخاص.

أيضا في 28 يناير 2014 اغتالت أنصار بيت المقدس، اللواء محمد السعيد مدير المكتب الفني لوزير الداخلية بالقاهرة، وكان اللواء القتيل يعمل بجهاز “الأمن الوطني” سابقا.

“بيت المقدس” أصبح “ولاية سيناء”

(المحطة الثامنة): وهي أبرز وأخطر هذه المحطات، حيث اندمجت بعض هذه المجموعات مع تنظيم “أنصار بيت المقدس”، ثم أعلن التنظيم في نوفمبر 2014، مبايعته لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وأسمي نفسه (الدولة الاسلامية – ولاية سيناء)، ولاحقا أعلن عن اقتراب تدشين (ولاية الصعيد) وتمددت هجماته على النظام والشرطة للقاهرة.

وفي 14 نوفمبر بدأت تصدر لأول مرة إصدارات ما يسمي “إعلام ولاية سيناء” ليؤرخ للعمليات المسلحة لهذا التنظيم في صورة ما سمي “صولة الأنصار 1”، وما تبعها من انشطة لاحقه.

وفي نوفمبر 2014 أيضا دعا “أبو مصعب المقدسي”، القيادي في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» التنظيم الجديد (ولاية سيناء) لـ “ضرب الاقتصاد، واستهداف رجال الأعمال، وتنفيذ عمليات في قناة السويس والمقاصد السياحية بجنوب سيناء، إضافة إلى شركات ومؤسسات الجيش”، ما أثار مخاوف من استهداف قناة السويس في ذكري افتتاح تفريعة جديدة بها يوم 6 أغسطس المقبل، بعدما قام مسلحو التنظيم باستهداف سفينة حربية مصرية لأول مرة من شاطئ رفح بصاروخ موجه أدي لاحتراقها دون إعلان المتحدث العسكري أي خسائر.

 (المحطة التاسعة): وهي محطة انطلاق أخطر عمليات هذا التنظيم ضد الجيش والشرطة في سيناء والتمدّد لقلب العاصمة (القاهرة) تحت اسم “ولاية سيناء”.

حيث تبنى تنظيم (ولاية سيناء) العديد من الهجمات التي استهدفت وحدات للجيش المصري والشرطة في العريش والشيخ زويد ورفح، وكذا عمليات أخري بالقاهرة أبرزها تفجير القنصلية الايطالية بوسط القاهرة، وأخيرا قتل رجال الشرطة الثمانية في حلوان اليوم 8 مايو 2016.

وأعلن “داعش” مسئوليته عن التفجير الذي وقع يوم 29 يونية 2015، وأدي لقتل النائب العام المصري، في القاهرة، كما أعلن تنظيم “ولاية سيناء” مسئوليته عن استهداف القنصلية الإيطالية يوم 12 يوليه 2015، بـ 450 كيلوغراماً من المواد المتفجرة.

وأثيرت حينئذ نفس التساؤلات حول: هل تقف ذئاب “داعش” المستوحدة وراء اغتيال النائب العام المصري وتفجير القنصلية بعد إعلان التنظيم مسئوليته عنهما؟

ذئاب “داعش” المستوحدة

و”الذئاب المستوحدة”، يقصد بها شبان اعتنقوا التطرف عبر مواقع التواصل، ويجري التقاطهم عبر النت وتدريبهم فرادي كي ينفذون عمليات إرهابية من دون أي صلة تربطهم بجماعات داعش، وبعضهم يتحرك بناء على قناعة بما يطالبه قادة داعش وهو ما حدث في عمليات قتل اليهود في فرنسا، والشيعة في مساجد السعودية والكويت، وعملية قتل السياح في تونس وتفجيرات مصر وتفجيرات باريس وبلجيكا الاخيرة.

ولا يستبعد مراقبون أن يكون قد جري استقطاب بعض هؤلاء (الذئاب المستوحدة) من الشباب الغاضب على ما يجري في مصر من قمع وقتل واعتقالات عبر داعش مصر، خصوصا مع انتشار جماعات محلية جديدة شبابية غاضبة تتبني العنف ولكن بإمكانيات محدودة وضعيفة أغلبها يضم أفراد قلائل وغالبا ما تعلن الشرطة المصرية اعتقالهم عقب أي عملية.

وفي تقريرها الأخير عن “الارهاب” في العالم لعام 2015، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن تنظيم الدولة الاسلامية المعروف باسم “داعش” استطاع هزيمة تنظيم القاعدة والتفوق عليه بتصدر الهجمات “الارهابية”، بسبب “تكتيك جديد” هو استخدام أسلوب “الذئاب المستوحدة” أو “الذئب الوحيد” lone wolf، الذي لا يعتمد على هجمات جماعية كما حدث في 11 سبتمبر وإنما بفرد واحد مقطوع الصلة عن الاخرين بما يصعب مهمة تتبع المسئولين عن الجرائم التي تقع.