البوسنة.. وجهة سياحية جديدة للخليجيين ومحطة استثمارية واعدة

12 مايو، 2016

طبيعتها الجبلية الخلابة دفعت الكثير من الخليجيين ليحطوا رحالهم فيها؛ باعتبارها بديلاً سياحياً عن بلاد تعاني عدم استقرار سياسي، أو عبثت بها الحروب فدمرتها.

فبين عشية وضحاها أصبحت البوسنة والهرسك وجهة السياح الخليجيين المفضلة، وكأن لسان حالها يقول إن الأمل بزغ من جديد آتياً من ناحية الشرق، ثم ما لبث الأمر أن تحول من السياحة إلى وجهة المستثمرين أفراداً ومؤسسات، فضخّوا ملايين الدولارات لينتعش سوقها؛ بعدما مزقتها الحرب اليوغسلافية على مدار عشرين عاماً.

في تصريحه لـ “الخليج أونلاين” دعا الرئيس البوسني السابق، حارث سيلاجيتش، دول الخليج العربي إلى الإقدام على مزيد من الاستثمارات في بلاده، موضحاً أن لدى البوسنة قانوناً حديثاً للاستثمار يتميز بتسهيلات كثيرة.

سيلاجيتش أكد أن بلاده تحتفظ بموارد للطاقة المائية والحرارية، والفحم الحجري، مشيراً إلى أنها أنها الدولة الوحيدة التي تصدّر الطاقة إلى دول الجوار وأوروبا، وبرغم ذلك فإنه يتم استغلال 36% من ثروة الطاقة التي تتمتع بها البوسنة، ما يعني توفر فرص كثيرة للاستثمار.

ووفق الإحصائيات الرسمية فقد زار البوسنة نحو 25 ألف خليجي خلال العام الماضي، وينعكس هذا الإقبال على حجم إنفاقهم على ترفيه أنفسهم وعائلاتهم، بالإضافة إلى استثمار بعضهم في المشاريع العقارية، خاصةً.

وبناءً على دعوة الرئيس البوسني السابق شرعت الكويت عبر هيئة الاستثمار البوسنية في إنشاء مصنع للحديد والصلب، لينعكس على الحد من البطالة بالبلاد، بعدما استفاد نحو 4 آلاف عامل بالالتحاق بالمصنع.

الاستثمار القطري تجاوز الجانب الصناعي ليصل إلى استثماره في الجانب الثقافي والإعلامي، حيث تحولت قناة الجزيرة بلقان إلى مصدر مهم للأخبار لدى سكان البوسنة والجوار، خاصةً أن لغاتهم متقاربة بشكل كبير بسبب أصلهم السلافي الواحد.

كذلك أطلقت قطر ذراعها الاستثماري لتشرع في تمويل مشروعات عديدة، أولها ترميم وإصلاح مكتبة خسرو بيك، المشروع الضخم الذي له أهمية كبيرة لدى البوسنيين في العاصمة سراييفو.

ترميم مكتبة خسرو بيك آوت مئات الآلاف من الكتب والمخطوطات الأثرية التي تتمتع بقيمة تاريخية كبيرة جداً، بل إن العناية تجاوزت ترميم المبنى، ليتبعها ترتيب الكتب بطرق علمية حديثة.

وتعزيزاً للوجود الخليجي أعلنت البوسنة والهرسك عن تدشين أول مشروع ترفيهي بمحافظة حاجيتش، باستثمار كويتي يتجاوز عشرات الملايين من الدولارات، على مساحة تبلغ نحو 100 ألف متر مربع، في موقع متميز بجوار الجبال.

الاستثمار الكويتي في مجال الترفيه يطمح لأن يكون المتنزه الترفيهي الأضخم من نوعه في أوروبا الشرقية، بما يشكل نوعية لقطاع السياحة في ذلك البلد، بعدما التصق اسمه باسم المجارز التي وقعت فيه.

ووصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات والبوسنة خلال 2014 إلى نحو 11.7 مليون يورو، مقارنة بـ5.6 ملايين يورو في العام الذي يسبقه، تمثلت معظمها في المنتجات الخشبية، والفحم، والزيوت العطرية، ومستحضرات التجميل، فيما بلغ الحجم الإجمالي للواردات عام 2014 نحو 3.6 ملايين يورو، مقارنة بـ4.0 عام 2013، تمثلت في منتجات الألمنيوم، والقهوة، والشاي، والتوابل.

تنوع الاستثمارات الواعدة في البوسنة بدءاً من الحديد والصلب، وتوليد الطاقة المائية والحرارية، والعقارات، والسياحة، وإنتاج المواد الغذائية، والزراعة، وتوفر المياه العذبة، بالإضافة إلى اكتشاف مواقع تحتوي على نفط؛ كانت دافعاً قوياً لتدفق الاستثمارات الخليجية على البوسنة، ليس على المستثمرين الأفراد وحسب، بل إن الأمر وصل إلى المؤسسات، ليشرع بنك التنمية الإسلامي، ومصرف أبوظبي الإسلامي، وبنك دبي الإسلامي، في ضخ استثمارات كبيرة بالبلاد.

الاستثمارات الخليجية الضخمة دفع نظام الدولة في البوسنة إلى تغيير قوانين الاستثمار لتصبح أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، فعكست تلك الخطوة استعداد بنوك إسلامية وعربية لفتح فروع لها في منطقة البلقان.

البنك المركزي البوسني أشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية في البلاد تجاوزت 5 مليارات يورو، كما أن صندوق النقد الدولي أشار إلى أن النمو الاقتصادي بلغ 1.41%، وتوقع أن يصل إلى 4% خلال عام 2019.

وتمتاز البوسنة بوفرة الأيدي العاملة المؤهلة، حيث يعاني نحو 40% من سكانها من البطالة، برغم قلة الأجر المادي الذي يتقاضونه مقارنة بمناطق أخرى في أوروبا، ما كان دافعاً قوياً في تدفق شركات أوروبية على افتتاح فروع لها في هذا البلد.

12 مايو، 2016