بعد غليان جرمانا لاعتقاله.. وجهاء عائلة الشيخ مؤنس حمزة يؤكدون انتماءهم لسياسة بشار الأسد


وجهاء عائلة الشيخ مؤنس حمزة يؤكدون انتماءهم لسياسة بشار الأسد

ميلاد عيسى: المصدر

ساد جو من الغليان الشعبي في مدينة جرمانا ذات الغالبية الدرزية في ريف دمشق، بعد اعتقال قوات النظام يوم أمس الأول الاثنين، الشيخ مؤنس حمزة رافع، ابن إحدى كبرى عائلات جرمانا.

وقامت كتيبة من “المهام الخاصة” تابعة لفرع “المخابرات الجوية” باعتقال الشيخ رافع، عند الساعة الرابعة من ظهر الإثنين، عبر كمين أمام بيته، بعد تعقب اتصالاته، واقتادته مباشرة إلى سجن “مطار المزة العسكري”، على خلفية تهم تتعلق بحيازة أسلحة غير مرخصة.

وفور شيوع نبأ اعتقال الشيخ، تجمهر أهالي من مدينة جرمانا، وعدد من رجال الدين في ساحة البلدة، وتم قطع الطرقات، ومنع الدخول والخروج عبر الشوارع الرئيسية، مطالبين بالإفراج عن الشيخ، بحسب مصادر محلية في المدينة.

النظام حاول بدوره تهدئة الناس عبر إرسال وعود من قبل عضو مجلس الشعب السابق مصعب الحلبي، الذي قال إن هنالك مساعِ جادة لإطلاق سراح الشيخ، وطالب الأهالي بفض اعتصامهم. لكن الأهالي رفضوا المغادرة، وأمهلوا النظام حتى منتصف ليل الإثنين-الثلاثاء، لإخلاء سبيل الشيخ.

ورافق الاحتجاجات نوع من حظر التجول غير المعلن، حيث مُنع دخول وخروج السيارات من المدينة، وأغلقت المحال في السوق التجاري، وتراجعت حركة المشاة في الشوارع، وانسحب عناصر الأجهزة الأمنية من المدنية. ورافق ذلك قطع للاتصالات وشبكة الانترنت عن المنطقة التي تشهد الاحتجاجات.

على خطى رجال الكرامة

الاحتجاجات لم تقتصر على المطالبة بالإفراج عن الشيخ المعتقل، بل طالب المحتجون بضرورة حصول تضامن بين رجال الدين والمجتمع لمنع النظام من اقتياد الشباب إلى الخدمة الإلزامية بالقوة. وذلك على غرار ما تفعله “حركة مشايخ الكرامة” في السويداء، واعتبر المحتجون أن هنالك ظلماً واضطهاداً ممنهجاً تتعرض له المدينة من قبل قوات النظام بسبب موقف الدروز المحايد منذ العام 2011.

وفور انتهاء المهلة التي أعطاها المحتجون لقوات النظام، هاجم بعضهم حاجز الباسل، وهو الحاجز الرئيس لقوات النظام في البلدة والمطل على طريق المطار. وبعدها اتجه المحتجون إلى مفرزة “الأمن السياسي” في حي الحمصي جنوبي جرمانا، فاقتحموها وقاموا بتكسيرها وتحطيم محتوياتها.

قائد حركة “مشايخ الكرامة” في السويداء الشيخ أبو رأفت وحيد البلعوس، أجرى اتصالات هاتفية مع عدد من رجال الدين في المدينة وأبدى استعداد “مشايخ الكرامة” لتقديم أي معونة بالمال أو العتاد، إذا تطلب الأمر ذلك.

لرجال الدين موقف

رجال الدين الدروز، خاصة الشباب منهم، الذين كانوا في كل مشكلة بين قوات النظام والأهالي يميلون إلى أخذ موقف الحياد أو التهدئة، تغير موقفهم الإثنين، وشكلوا العديد من المجموعات لمنع الاخلال بالأمن بعد انسحاب عناصر الحواجز الأمنية المحيطة بجرمانا. وطالب العديد منهم، بالاستمرار في قطع الشوارع وإعلان العصيان حتى خروج الشيخ المعتقل. وهذا ما فسره البعض بمحاولة المؤسسة الدينية في فرض حالة من الهيبة لها، وإرسال رسالة للجميع أن المس برجل دين يعتبر خطاً أحمر، بحسب موقع “هنا” المهتم بقضايا الدروز.

وعلى الرغم من عدم إخلاء سبيل الشيخ رافع، حتى الآن، فقد عادت الحياة طبيعية في المدينة، وسط وعود النظام بإطلاق سراح الشيخ، وتهديد الأهالي بالاعتصام مجدداً. ويشير البعض إلى أن النظام سيتمهل قبل الإفراج عن الشيخ، لجسّ نبض الأهالي، ومنعهم من التجمع والاحتجاج مجدداً عند وقوع حوادث مماثلة. ما يضع هيبة النظام وهيبة المؤسسة الدينية الدرزية الموالية له، في موقع تعارض، قد تتحول إلى صدام نتيجة استمرار الاحتقان لدى الأهالي.

الجهات المعارضة في البلدة، نأت بنفسها عن المشاركة في الاحتجاجات، ولكنها اعتبرت ان ما حدث هو استمرار لمسلسل استهانة أجهزة النظام بكرامات الناس والاعتداء عليهم بهدف تطويعهم.

عشرات المعتقلين

وقال أحد رموز المعارضة في البلدة، وهو رجل قانون،: “إننا ضد أي اعتقال تقوم به قوات النظام، وما قام به قوات الأسد اليوم من اعتقال الشيخ مؤنس وضربه، هو رسالة واضحة إلى أهالي البلدة وتحديداً للمجتمع الديني فيها، وهي أن النظام ليس لديه خصوصية لأحد، وإشارة إلى أن سياسة الحذاء العسكري لا زالت مستمرة”.

وأضاف في تصريحات نقلها موقع “هنا” أن هذه البلدة لديها عشرات المعتقلين في أقبية المخابرات التابعة للنظام، والعديد منهم قتلوا تحت التعذيب، وكانت هناك محاولة من قبل النظام وعدد من الزعمات التقليدية لخنق أي احتجاج فيها، ولكن الآن وعلى ما يبدو أن ظلم النظام بدأ يطال أيضأ أشخاصاً محسوبين على المؤسسة الدينية، التي بات مطلوباً منها أن تتخذ موقفاً أكبر من ذلك.

المعارض الجرماني يعتقد بأن حركة رجال الدين، الإثنين، هي محاولة من بعض الرجال المحسوبين على المؤسسة الدينية، للعمل على فرض معادلة شبيهة بتلك التي لـ”مشايخ الكرامة” في السويداء، مع مراعاة القبضة الأمنية التي تعانيها جرمانا بسبب قربها من العاصمة، والخليط السكاني الكبير فيها، فضلاً عن التواجد العسكري والأمني فيها.

أجواء الاحتجاجات التي شهدتها جرمانا ليلة الثلاثاء، والتي كانت في أغلبها تحاكي ظاهرة “مشايخ الكرامة” في السويداء، شكّلت اختباراً كبيراً للمؤسسة الدينية في جرمانا، في ظل وجود أكثر من 1200 من أبناء المدينة، مطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف قوات النظام، يرفضون الالتحاق بها. وفي هذا السياق، يمكن إدراج الحراك الأخير، وما سيتبعه، كمحاولة ضغط من عائلات المدينة لفرض واقع شبيه لما يحدث في السويداء، من منع أجهزة النظام الأمنية من اعتقال الشباب، وسوقهم للخدمة الإلزامية.

ذوي حمزة يؤكدون ولاءهم

وفي المقابل نقلت شبكة أخبر جرمانا الموالية للنظام بياناً قالت إنه صادر عن ذوي الشيخ المعتقل أكدوا فيه ولاءهم المطلق لنظام بشار الأسد والسياسة التي ينتهجها في سوريا، حيث أكد البيان على تمسك وجهاء العائلة “بالخط الوطني والقومي لمدينة جرمانا والانتماء لمواقف القيادة السورية والسيد الرئيس بشار الأسد”.

وجاء في البيان:

اجتمع آل حمزة رافع في مدينة جرمانا للتداول حول ظروف وملابسات اعتقال الشيخ مؤنس حمزة رافع وما رافق ذلك من تداعيات، وقد قرر المجتمعون التأكيد على مايلي:

  1. يستغرب المجتمعون اعتقال الشيخ مؤنس حمزة رافع وعدم التعامل معه بما يليق بلباسه الديني ومكانة هذا اللباس وخصوصيته، وعدم تبيان أسباب اعتقاله.
  2. يطالب آل حمزة رافع بالإسراع بمجريات التحقيق والافراج عن الشيخ مؤنس، متمسكين بضبط النفس وتحت سقف القانون ريثما تتضح ملابسات هذه القضية.
  3. يشكر آل حمزة رافع كل من ساندهم ووقف معهم شيباً وشباباً، ويقدرون كل ما بذل للوقوف الى جانبهم، ويستنكرون ايضاً ما صاحب هذه القضية وتبعاتها من بعض التصرفات الفردية التي حاولت الإساءة لجرمانا وأهلها الكرام.
  4. يؤكد المجتمعون ان جرمانا ستبقى بيتاً للجميع وصورة عن سورية الوطن، وستكون دائماً حضناً لجميع أبناء البيت السوري.
  5. ان موقف آل حمزة رافع تجاه هذه القضية هو موقف حق مرتبط بهذه المسألة، وكل ما تم ترويجه من محاولات للتسييس هو محاولات مكشوفة للتصيد بالماء العكر لن ننجر وراءها.
  6. يؤكد وجهاء العائلة على تمسكهم بالخط الوطني والقومي لمدينة جرمانا والانتماء لمواقف القيادة السورية والسيد الرئيس بشار الأسد.

13178571_769418336493036_400564991475986721_n

أخبار سوريا ميكرو سيريا