‘“حرب خفية” تخوضها روسيا في سورية لضرب فصائل المعارضة ببعضها تحت مسمى الهدن’

12 أيار (مايو - ماي)، 2016
6 minutes

مقاتلون من قوات المعارضة السورية – أرشيف

الأربعاء 11 مايو / أيار 2016

لم تحقق روسيا خلال عملياتها العسكرية في سورية المستمرة منذ نهاية أيلول/ سبتمر الماضي نتائج تؤثر على كامل مجريات الملف السوري، رغم عشرات آلاف الغارات التي قال “فلاديمير بوتين” إن قواته نفذتها في المدن السورية.

واقتصرت نتائج التدخل الروسي على تحقيق تقدم محدود لقوات النظام في ريف حلب، ومدينة تدمر وسط حمص، إلا أن هذه القوات لم تستطع حتى الآن استرجاع مساحات واسعة ما تزال تسيطر عليها فصائل المعارضة من جهة، أو تنظيم “الدولة الإسلامية” من جهة أخرى.
مناورة روسية

“السورية نت” علمت من مصادر عسكرية في ريف حمص، أن روسيا بدأت تجري اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع عدد من  الفصائل العسكرية الموجودة هناك، بالإضافة إلى تواصلها مع هيئات إغاثية وخدمية.

وتهدف روسيا من اتصالاتها الجارية تحقيق تقدم في المشهد العسكري لصالحها وصالح نظام الأسد، وذلك عبر إغراء فصائل معارضة في الدخول بهدن، توفر لهم الحماية من القصف، وتؤمن لسكان المناطق التي تتواجد فيها الفصائل ما يطلبونه من احتياجات.

روسيا تأمل من اتصالاتها مع الفصائل بتحويلها من طرف معارض للنظام إلى طرف رمادي على الأقل لا يهاجم قوات النظام، ويقبل بشروط المصالحة شريطة تحسين وضع الجانب الإغاثي من قبل الطرف الروسي.
بنود من الاتفاق

وقال أحد القادة العسكريين لـ”السورية نت” – طلب عدم ذكر اسمه – إن “طرفاً سياسياً روسيا اقترح عليه أن يوصل مقترحاً لسكان الرستن”، ويتضمن المقترح:

– إجبار قوات النظام على إيقاف جميع أشكال إطلاق النار على المدنيين في الرستن وريفها.

– إدخال كل ما يطلبه الأهالي من مواد طبية ومتطلبات حياتية أخرى رغم أنف قوات النظام.

– في حال تمت الموافقة يتم التفاوض والاتصال مع القائد الأعلى للقوات الروسية في سورية الجنرال “كورنليكا”.

– يمنع أي شخص من طرف النظام بدخول مدينة الرستن، على أن تبقى الأخيرة تحت الحماية الروسية.
خلق اقتتال

خطورة الاتصالات الروسية مع مقاتلي المعارضة في الداخل السوري، تأتي لكون موسكو اقترحت على الفصائل التي ستقبل بالمصالحة أن تقدم لها دعماً عسكرياً تحت مسمى “مكافحة الإرهاب”، ووفقاً للتواصل الذي أجرته “السورية نت” مع فصيلين تلقيا اتصالاً من روسيا (طلبا عدم الكشف عن اسميهما)، فإن المقصود بالإرهاب هنا “الفصائل الإسلامية، والأخرى التي سترفض العرض الروسي”.

المقترح الروسي سيؤدي في حال قبول فصائل معارضة به إلى تأجيج الاقتتال بينها وبين الفصائل الأخرى الرافضة، وبذلك تحقق روسيا ونظام الأسد هدفاً مشتركاً في ضرب الفصائل مع بعضها وإضعافها جميعاً، كما أن الفصائل الموافقة على العرض الروسي لن تكون بمأمن حينها إذا نقضت روسيا أو النظام الاتفاق، ولن تستطيع حماية نفسها، لا سيما إذا استنزفت في معارك ومواجهات مع الفصائل الرافضة للمشروع الروسي.

ولم تخلو اتصالات موسكو من المناورة لدفع فصائل المعارضة للقبول، إذ ذكر عسكريون لـ”السورية نت” أن روسيا تعهدت ضمن بنود الاتفاق المقترح برحيل الأسد، أو التوصل إلى تعديل سياسي يجري الاتفاق عليه لاحقاً.
موقف الفصائل

تحدثت الفصائل التي صرحت لـ”السورية نت” أن بعض من تلقوا اتصالات من روسية رفضوا عرضها، وقالوا: “لا يمكن أن نغامر بقبول المقترح الروسي لعدة أسباب، أبرزها شق الصف مع الفصائل الرافضة للمقترح، خاصة وأن المطلوب منا في حال القبول قتالها أيضاً”.

وأشارت الفصائل ذاتها إلى أنه لا يمكن الوثوق بالموقف الروسي، سيما وأنه تحدث أكثر من مرة عن رحيل الأسد، والحل السياسي، وشددت على أنه حتى لو استمر الموقف الأمريكي في غموضه الحالي “لا خيار أمامنا سوى القتال، والعودة إلى فترة ما قبل التسليح الأمريكي وهذا ما نسعى إليه الآن، الأبواب أمامنا أوسع في الأسواق السوداء لبيع السلاح، والجماعات الجهادية خاصة تنظيم القاعدة، الذي ربما يكون حليفنا الوحيد القادم عسكرياً لإسقاط النظام”. حسب قولها.

ولفت أحد القادة العسكريين لأحد الفصائل الموجودة بريف حمص في تصريح لـ”السورية نت” أن “الجانب الروسي دائماً ما يوحي بأن اتفاق أمريكا مع إيران دفعها للتخلي عن  الملف السوري، كما أنها ضغطت على السعودية لمنع تسليح المعارضة، وحالياً تمارس ضغوطها على تركيا”. وفق ما قال.
استهداف المنظمات

وفيما يبدو أن بداية لتطبيق المقترح الروسي، علمت “السورية نت” أن روسيا تواصلت مع عدد من المنظمات المدنية “المحايدة” في ريف حمص، أو التابعة لنظام الأسد، وذلك لملئ فراغ غياب مؤسسات المعارضة.

وتستغل روسيا انحسار الدعم وتجفيفه عن عدد من المنظمات العاملة في ريف حمص، حيث تقترح عليهم تقديم المساعدات والمواد الغذائية، بالإضافة إلى إرسالها تطمينات لهم بفتح معابر إنسانية، بهدف المساعدة على تطبيق المشروع الروسي.

وأعربت المصادر التي تحدثت لـ”السورية نت” عن خوفها من أن يكون التحرك الروسي الحاصر يجري بالتناغم مع الولايات المتحدة، أو في ظل قبول الأخيرة بالمشروع الروسي. وتشير المصادر أن عدداً من الفصائل التي تلقت اتصالات من روسيا لم تحسم أمرها بعد في قبول أو رفض المقترح الروسي.

ويشار إلى أن أجهزة نظام الأسد تنشر شائعات في أن المناطق التي تلقت عرضاً روسيا للمصالحة قد وافقت، وذلك لزرع الشك بين فصائل المعارضة، ودفعها بطريقة غير مباشرة إلى القبول بالمشروع الروسي. 

المصدر: السورية نت