صادق خان قد يكون أخطر عدو لجيريمي كوربين

12 مايو، 2016

تليغراف –

حقق صادق خان فوزًا كبيرًا في الانتخابات البلدية في لندن، ولكن جيرمي كوربين يناضل من أجل جعل الناس تصدق أن له الفضل في ذلك. في الواقع، لم يقم كوربين بأي شيء في تلك الحملة. وبطبيعة الحال، فإن ذلك لن يمنع زعيم حزب العمّال من محاولة التمسك بنجاح صادق خان على أمل استخدامه كدليل على أن قيادته أتثبت نجاحًا كبيرًا بين الناخبين، على الرغم من هزيمة حزبه في اسكتلندا.

لكن عمدة لندن الجديد أكّد أنّه كان بعيدًا كل البُعد عن حملة كوربين، في إشارة إلى أن وقوفه بجانبه كان سيضر حملته الانتخابية. لذلك، فإنَّ العداء الذي يشعر به خان تجاه قائده واضح بالفعل. وأكّد صادق: “لن أكون أداة في يد أي شخص.”

كما أوضح عمدة لندن أثناء حملته الانتخابية مدى اختلافه مع زعيم حزبه. في أول مقابلة صحفية أجراها بعد اختياره كمرشح لحزب العمّال جاء في عنوانها الرئيسي أنّه “لن أخشى انتقاد جيريمي كوربين“. وكان خان سعيدًا للغاية لإظهار مثل هذا الموقف خلال الأشهر التالية، واتهام زعيم حزب العمّال بتأجيج معاداة السامية في بريطانيا والإشارة إلى أنَّ رفضه ترديد النشيد الوطني أظهر أنّه غير مناسب ليكون رئيسًا للوزراء. وهذا أجبر كوربين إلى اتخاذ إجراءات ضد كين ليفينغستون إزاء الأفكار المثيرة للجدل عن هتلر، ومن ثمّ قيادة الحملة الموجّهة ضد حليفه السياسي.

صادق خان لا يتسرع للتقرب من كوربين الآن لأنّه فاز على أي حال، مع عدم ظهور زعيم حزب العمّال في أي احتفالات ما بعد الانتخابات. من الواضح أن عمدة لندن الجديد لا يريد أن يكون مرتبطًا بقائده وهو يباشر مهما منصبه الجديد في مبنى سيتي هول.

بالتأكيد لم يكن خان مصدر إزعاج كبير لجيريمي كوربين في الماضي. ولكن كان ذلك عندما احتاجه من أجل اختياره كمرشح عن حزب العمّال لمنصب عمدة مدينة لندن. حرص خان على كسب دعم أنصار كوربين من خلال التفاخر بأنّه هو مَن رشحه للقيادة. وقد عاد ذلك بالنفع علي خان، حيث صوّت 90 بالمئة من أنصار كوربين لصالحه، وبالتالي ضمان هزيمة تيسا جويل ليكون مرشح حزب العمّال لمنصب العمدة. وبمجرد انتهاء ذلك، كان صادق خان بحاجة كبيرة ليكون لطيفًا مع جيريمي كوربين، لأنّه هناك انتخابات يريد الفوز بها.

وبالرغم من أنَّ صادق خان قد رشّح جيريمي كوربين لقيادة الحزب، إلّا أن عددًا قليلًا يمكنهم الادّعاء بأنّه كان مؤيدًا لنهج كوربين.

يدرك حلفاء كوربين أنه شخص يجب الحذر منه. وكان هذا واضحًا عندما كتب كين ليفينجستون في صحيفة “إيفيننج ستاندرد” أن اللندنيين يجب أن يصوّتوا لصالح “رؤية جيريمي كوربين لمدينة أفضل”، دون أن يذكر خان على الإطلاق، مما يشير إلى أنه يشعر أن خان غير قادر على تحقيق تلك الرؤية. جورج غالاوي، أحد المؤمنين المتحمسين لكوربين، قارن دعم عمدة حزب العمّال لقائده بــ “حبل يدعم رجل مشنوق”. أولئك الذين يعملون لصالح زعيم حزب العمّال حذرون على نحو مماثل، من وصف كاتي كلارك لصادق خان بأنه شخص “عدائي” وإدراجه في “قائمة الولاء” لنواب الحزب في البرلمان البريطاني.

والواقع أن أنصار كوربين لديهم سبب إضافي للتشكّك في سياسات كوربين، وفي ظل وصول صادق خان الآن بأمان إلى مبنى سيتي هول، فهو ليس بحاجة إلى رعاية زعيم حزبه بعد الآن. لقد ابتعد خان عن جيريمي كوربين، ومع ذلك فاز بشكل رائع في الانتخابات البلدية، لذلك فهو غير مَدين له بأي شيء على الإطلاق.

لن يكون عمدة لندن حريصًا على تفعيل جدول أعمال كوربين كذلك؛ إذ يجب عليه العمل مع الحكومة لتحقيق نتائج للندنيين، لذلك لا يستطيع جعل تحذيرات المحافظين تتحقق من خلال تحويل لندن إلى “ساحة كوربينيّة “. لقد وعد بمحاربة سياسات مثل ضرائب العقارات، وهي السياسة التي يؤيدها كوربين، وعرض وجهة نظر مختلفة تمامًا عن رؤية كوربين بأنَّ امتلاك لندن لأكثر من 140 ملياردير كان “شيئًا جيدًا.”

أصبح صادق خان الآن أحد السياسيين الأكثر أهمية في البلاد، وكعمدة لمدينة لندن سيكون لديه منصة يستطيع من خلالها التعبير عن رأيه. على الجانب الآخر، لا يستطيع كوربين منعه عن طريق الإصرار على أنه يجب أن “يحترم” ولايته كزعيم، لأنَّ خان لديه نفس الصلاحية الآن كعمدة جديد لمدينة لندن.

لقد تحرر خان من أي التزام لقيادة حزب العمّال، وبالتالي يمكن أن يصبح مصدر إزعاج كبير لجيريمي كوربين. زعيم حزب العمّال لا يستطيع أن يفعل أي شيء لمساعدته على القيام بعمله، لأنّه لا يمتلك أي صلاحيات حكومية. ولذلك، يجب أن يتقبل كوربين ذلك ويتحمله، جنبًا إلى جنب مع بقية الانتقادات التي يواجهها من المعتدلين داخل حزب العمّال.

رئاسة بلدية لندن لا تتيح لصادق خان وضع مثالي للتعبير عن رأيه فحسب، ولكنها منصة مثالية لتحديد ما يمكنه القيام به مع بعض السلطة. لقد ناضل المعتدلون داخل حزب العمّال لإيجاد وسيلة لإقصاء كوربين، لكنهم لم يجتمعوا حتى الآن وراء بديل يمكن الوثوق به. وربما يروا أنّه حان الوقت للتغاضي عن الشكوك المعتادة وتأييد صادق خان.

ستكون السنوات الأربع القادمة في مبنى سيتي هول فرصته لإظهار أنه بإمكانه إنجاز الأمور، حتى يزداد تأثيره داخل الحزب. ستنتهي فترة ولاية خان في عام 2020، مع مخاطرة كوربين بقيادة حزب العمّال نحو الهزيمة، لذلك سيواجه كوربين تحديًا كبيرًا بشأن خطوته القادمة. إذا بدأت قيادة كوربين بالتفكك سريعًا، سيتوجب عليه أن يقرر بسرعة مدى طموحه.

إنَّ وجود عمدة من حزب العمّال هو أمر مناسب لإحداث التوازن داخل القيادة، سواء كان ذلك بمثابة حصان المطاردة من أجل فرض إجراء انتخابات، أو كمنافس حقيقي ظهر فجأة. هذا يعتمد على حدم الدور الذي يريد أن يلعبه في الإطاحة المحتملة بكوربين. حلفاء كوربين، مثل جون ماكدونيل أو كلايف لويس، يمكنهم التقدم بسهولة لحمل شعلة القيادة من كوربين في أي انتخابات قادمة، لذلك قد يتطلب الأمر شخصًا مثل صادق خان لتقديم بديل جديد.

وعندما يحدث ذلك، سيكون جيرمي كوربين سعيدًا بفوز صادق خان برئاسة بلدية لندن، لكنه سيكون من الحكمة أن يتوخى بعض الحذر. لقد منحت الانتخابات لأحد أشد منتقديه منصة رئيسية لتقديم برنامج مختلف، وإشارة واضحة للنواب والأعضاء الساخطين عن زعيمهم المستقبلي. ولذلك يمكن القول بأنّه مع فوز صادق خان بدأ العد التنازلي لقيادة كوربين.