هل يضع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العرب تحت “الإقامة الجبرية”

12 مايو، 2016

يواجه المسلمون والعرب في بريطانيا تقييد حركتهم داخل دول الاتحاد الأوروبي بشكل غير مسبوق، إذا ما صوت البريطانيون على خروج بلادهم من الاتحاد، عبر سلسلة من العراقيل الأمنية التي سيكون على طالبي السفر منهم المرور من خلالها.

وتشكل هذه العراقيل بالفعل عبئا كبيرا على كاهل المسلمين والعرب الذين يسافرون بين الحين والآخر من بريطانيا إلى كندا والولايات المتحدة.

وسيعقّد قرب الموقع الجغرافي من دول الاتحاد الأوروبي، وسهولة التنقل الجوي والبحري، والبري عبر خط سكك الحديد يوروستار، كثيرا من إجراءات الفحص الأمني للمسافرين العرب.

ومنذ أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، وتصاعد وتيرة الهجمات التي ينفذها جهاديون تابعون لتنظيم داعش في عواصم أوروبية، باتت تحركات المسلمين بموجب اتفاقية شنغن تحظى بمتابعة دقيقة، بعد أن ثبت استغلال الجهاديين لحرية الحركة في التنقل والاختباء بسرعة فائقة.

ويقول خبراء أمنيون إن تشديد الإجراءات على المسافرين من المسلمين والعرب المقيمين في بريطانيا سيتخطى بكثير إجراءات المراقبة المعروفة بدقتها لحركة السفر بين إيطاليا والنمسا. كما سيشكل قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد، في الاستفتاء المقرر إجراؤه في 23 يونيو المقبل، حاجزا أمام سفر البريطانيين أنفسهم إلى باقي أوروبا.

وقال الوزير في وزارة العدل البريطانية دومينيك راب إن البريطانيين سيحتاجون إلى تأشيرة دخول إلى دول الاتحاد الأوروبي، أو “أي نوع آخر من تصريحات السفر”، إذا ما قررت بريطانيا الخروج من الاتحاد.

وسيكون بمقدور دول الاتحاد منع أي مواطن بريطاني من السفر إليها إذا ما كان ذلك “يضر بمصلحة المجتمع”، وفقا لقوانين مكافحة الإرهاب الأوروبية.

وعندما وعد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بإجراء استفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي كخطوة أعطت دفعة لفوز حزب المحافظين الذي يتزعمه في الانتخابات التشريعية التي أجريت العام الماضي، كان ينظر لوعوده على نطاق واسع باعتبارها مزحة أو مغامرة تهدف إلى رفع شعبية الحزب المتراجعة.

لكن بعد مرور ما يقرب من العام على تمكن الحزب من الهيمنة على غالبية مقاعد البرلمان، ومن ثم ضمان السيطرة المنفردة على الحكومة، يجد كاميرون نفسه أمام كابوس يقيد حركة الكثير من البريطانيين، وقد يقضي على مستقبله السياسي إلى الأبد. وقال أعضاء في الدائرة المقربة لكاميرون إنه يستهدف التصويت على بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي بنسبة تقترب من 60 بالمئة.

ويعتقد كاميرون أن هذه النسبة هي الحد الأدنى لدفن “قضية أوروبا” وضمان قدرته على الاستمرار في منصبه حتى عام 2020.

وتشير استطلاعات الرأي إلى نتائج متقاربة للغاية. لكن مستشاري رئيس الوزراء يعتقدون أن الفوز بهامش قليل لا يكفي. فمن دون الفوز بفارق واضح سيبقى كاميرون عرضة لخطر تمثله القضية التي أسقطت اثنين من أسلافه هما مارغريت ثاتشر وجون ميجور وأنهكت حزب المحافظين لعقود.

كما سيصبح المسلمون في مرمى صعود اليمين المتطرف الذي يروج لأفكار معادية للمهاجرين، ويتسق كثيرا مع خطاب الكراهية الذي يروج له المرشح الجمهوري المتطرف للرئاسة الأميركية دونالد ترامب.

وقال مقداد فيرسي الكاتب البريطاني في صحيفة الغارديان إن “صعود ترامب المعادي للمسلمين، وخطاب زاك غولدسميث المرشح السابق لمنصب عمدة لندن، يجعلان المسلمين يقلقون كثيرا على مستقبلهم في بريطانيا خارج الاتحاد، إذ ليس لدى بريطانيا دستور مكتوب يضمن لهم الحقوق التي يتمتعون بها في ظل اتفاقية المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”.

وأضاف“إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد، فإن الإسلاموفوبيا المتعاظمة ستقوض كثيرا حرية الحركة للمسلمين البريطانيين. هذا هو السيناريو الأقرب إلى الحدوث”.