‘أسبوع أسود على إيران وحزب الله في سورية مليء بالخسائر’

14 مايو، 2016

منيت إيران وميليشيا “حزب الله” اللبناني خلال الأسبوع الماضي خسائر كبيرة في سورية، لا سيما خلال المواجهات التي دارت في مدينة خان طومان قرب حلب.

ووفقاً للتقديرات فإن عدد القتلى في صفوف المسلحين الإيرانيين، والأفغان، واللبنانيين، وصلت إلى 80 في الهجوم الذي شنته قوات المعارضة على خان طومان، وذكرت وكالة رويترز، اليوم السبت، أن من بين هؤلاء القتلى 17 إيرانياً على الأقل، وهو على ما يبدو يمثل أكبر خسارة لطهران في معركة خارج حدود الجمهورية الإسلامية منذ الحرب العراقية – الإيرانية.

هزيمة خان طومان

ووصف عضو لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، محمد صالح جوكار، ما حصل في خان طومان بـ”الكارثة”، وقال إنه “لا توجد أرقام دقيقة بشأن عدد الإيرانيين الذين قتلوا أو أسروا في كارثة خان طومان”.

أما رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، وصف ما حدث في خان طومان بأنه جريمة ارتكبها “إرهابيون جبناء” أثناء وقف إطلاق النار، في إشارة على ما يبدو إلى اتفاق وقف الاقتتال الذي لا يشمل جبهة النصرة وجماعات متشددة أخرى.

ومن جانبه قال سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لنادي الصحفيين الشبان هذا الأسبوع “هذه الحادثة لن تمر دون رد”.

وجاءت تصريحات المسؤولين الإيرانيين بعدما نشرت قوات المعارضة صوراً أعادت نشرها أيضاً مواقع إخبارية إيرانية، وتظهر عن قرب مقاتلين قتلوا في مواجهات خان طومان، وتظهر إحدى الصور ما لا يقل عن 12 جثة فيما يبدو مخضبة بالدماء ومصفوفة في رواق مبنى.

وبيّنت لقطات صورتها قوات المعارضة من طائرة دون طيار هجوماً مركباً على خان طومان بدأ بإطلاق وابل من الصواريخ وقذائف المورتر وشاركت فيه عربات مدرعة ودبابة. وشوهدت سحابة من الدخان نتجت فيما يبدو عن تفجير سيارة ملغومة تتصاعد قرب مبنى.

كما ذكرت وكالة رويترز أن مقاتلاً إيرانياً كتب في رسالة على تطبيق واتسآب عبر الهاتف نشرها موقع إيراني رسمي، يقول فيها: “دعواتكم لنا.. لا نستطيع التحرك. هناك 83 منا في غرفة واحدة. نحن في انتظار الدعم بالمدفعية لنتمكن من الانسحاب .. بإذن الله نحن شهداء ولن نؤسر”.

وقال موقع تسنيم الإخباري، إن من بين القتلى “شافي شفيع” القائد في فيلق القدس وهو قوة من النخبة تابعة للحرس الثوري. وقال موقع (إيه.بي.إن.إيه) الإخباري، إن جثته بحوزة المعارضة السورية المسلحة.

استياء في الرأي العام

وأحدثت الخسائر الإيرانية الكبيرة في خان طومان صدمة في إيران، سيما وأن مواقع مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني نشرت أسماء وصور 13 إيرانياً قتلوا في خان طومان. وكان أغلب هؤلاء ينتمون إلى وحدة من الحرس بإقليم مازاندران في شمال البلاد.

كما أثارت هزيمة القوات الإيرانية مخاوف بين بعض المسؤولين والقادة العسكريين الإيرانيين، من أن الأنباء عن وقوع خسائر بشرية كبيرة قد تحول الرأي العام ضد مشاركة إيران في سورية. وانعكس بعض من تلك المخاوف في بيان صحفي صدر عن مكتب الحرس الثوري في إقليم مازاندران.

وقال البيان إنه “للحفاظ على الهدوء في المجتمع” ينبغي عدم الوثوق في أي معلومات سوى تلك التي تصدر عن مكتبهم.

ضربة لحزب الله

وازدادت خسائر إيران وحلفاؤها مع إعلان ميليشيا “حزب الله” اللبناني، أمس الجمعة، عن مقتل القيادي “مصطفى بدر الدين”، الذي كان يشرف على العمليات العسكرية للحزب في سورية.

وقالت ميليشيا “حزب الله” إن بدر الدين قتل في انفجار قرب مطار دمشق. بينما قال النائب اللبناني عن حزب الله “نوار الساحلي”، الجمعة، لتلفزيون المنار إن إسرائيل هي من تقف وراء اغتيال بدر الدين، ولم تعلق الحكومة الإسرائيلية على ذلك.

وصباح، اليوم السبت، اتهمت ميليشيا “حزب الله” من وصفتهم بـ”الجماعات التكفيرية” في سورية بالضلوع في قتل بدر الدين، دون أن تحدد فصيلاً محدداً.

وتعتبر خسارة ميليشيا “حزب الله” لبدر الدين الضربة الأكبر له بعد مقتل القيادي البارز “عماد مغنية”، إثر اغتياله في دمشق عام 2008. وتشير تقديرات إلى أن حزب الله فقد نحو 1200 مقاتل في سورية، حيث يقدم مقاتلو الحزب الذين يتمتعون بتدريب جيد المساندة للجيش السوري.

الدور الروسي

أحد التفسيرات المحتملة لزيادة الخسائر البشرية قد يكون انخفاض الدعم الجوي الروسي، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقاتل يحارب في سورية، إن “كثافة الضربات الجوية الروسية مؤخراً تراجعت”.

كما يقول محللون يتابعون ما يجري في سورية، إن هذا التطور قد يكون مصدراً للخلافات بين حلفاء الأسد، ويصف خبير أمني مقرب من نظام الأسد تدني الروح المعنوية في الحكومة بسبب خسارة أراض بعد استعادتها بصعوبة.

ومنذ نهاية سبتمبر/أيلول 2015 تنفذ روسيا ضربات جوية داعمة لقوات النظام، لكنها أيضاً مشتركة في جهود دبلوماسية تدعمها الولايات المتحدة، وتساند في اتفاقات وقف إطلاق النار.

ومثل تلك الضربات التي تتعرض لها إيران وميليشيا “حزب الله” في سورية، هي دليل على الثمن الذي يدفعه الطرفان، وحجم العداءات التي يواجهونها في الحرب متعددة الأطراف التي تصاعدت مجدداً في الأسابيع القليلة الماضية في ظل إخفاق المساعي الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة.

وليس من الواضح كيف يمكن أن تؤثر مثل تلك التغيرات على الأرض في مسار الحرب التي نشبت في أعقاب احتجاجات استلهمت الربيع العربي في عام 2011 للمطالبة بتغيير ديمقراطي. وقبل تدخل إيران جاءت “حزب الله” وكذلك روسيا لمساعدة الأسد عندما بدا أن قبضته على الحكم بدأت في التفكك. ويعتبر دبلوماسيون وخبراء من الشرق الأوسط التزام هؤلاء الحلفاء بمساندة الأسد أساسياً لبقائه.