on
د. رياض نعسان أغا يكتب: ما قبل جنيف 4
د. رياض نعسان أغا
يريد النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون وميليشياتهم تحقيق نصر عسكري كاسح وسريع قبل متابعة الجولة القادمة من المفاوضات كي يجعل المعارضة في موقف ضعيف تضطر فيه إلى قبول الفتات الذي يعرضه النظام وهو مجرد مشاركة شكلية في حكومة جديدة يشرك فيها بعض من يختارهم من المعارضة التي صنعها تعمية على المعارضة الوطنية، ويكسب من خلالها استعادة سيطرته على سوريا ليبدأ مرحلة جديدة هي الانتقام من الشعب الذي ثار عليه ويكفي أن يتركه لعقود طويلة قادمة نازحاً ومشرداً وملاحقاً، وتبقى مدنه وقراه مهدمة لسنين في مناطق سوريا غير المفيدة، وستكون سوريا المفيدة إذا حدث ذلك محمية إيرانية روسية لأن توقف إيران وروسيا عن دعم النظام ولو يوماً واحداً سيجعله في مهب رياح التغيير التي ستبقى هائجة مهما طال الأمد.
وكل المراقبين يعلمون أن الأسد لا يريد حلاً سياسياً، وهو من أوقف توجه كثير من أنصاره عن المسير نحو حل سياسي بدأت ملامحه في مؤتمر صحارى الذي ترأسه نائب الرئيس يومذاك.
وما يتردد اليوم عن حشود للنظام وللجيوش الإيرانية والروسية والشيعية المتجهة إلى حلب وإلى الغوطة وإلى درعا يجعل مفاوضات جنيف مؤجلة من قبل النظام إلى ما بعد الانتصار كي تأتي المعارضة مهزومة مسحوقة، ولن تكون هزيمتها (لا سمح الله) انهياراً لثورة الشعب السوري وحكماً عليه بالرضوخ الأبدي، وإنما ستكون انهياراً للأمة العربية كلها بما فيها الدول المؤيدة للنظام حيث ستجد إيران فرصة واسعة لمزيد من التوغل في العمق العربي كله، كما فعلت في لبنان والعراق وكما تفعل اليوم في سوريا، مما يعيد إلى الأذهان المرحلة الصفوية في التاريخ الإسلامي.
ولم تنفع مع إيران كل النداءات العربية العقلانية التي دعتها إلى حسن الجوار، وإلى التعاون والتفاعل الإسلامي أو الإنساني، ولا الدعوات الحكيمة إلى التحكيم (كما في موضوع الجزر الإماراتية) ولم يتوقف طموحها في التسلط على الدول العربية وبخاصة في اليمن والخليج العربي، وقد بدا للسوريين أن ما تفعله إيران هو جردة حساب تاريخية تستعيد الماضي البعيد من ذي قار إلى حرب العراق الأخيرة.
ربما تنتظر قيادات المعارضة اليوم ما سينجم عن لقاء فينا القادم في17 مايو، وهي لم تجد في لقاء باريس الأسبوع الماضي ما يدفع إلى التفاؤل، لكننا نشعر أن الرغبة الروسية في إقصاء أصدقاء سوريا وبخاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي كله عن الملف السوري ومباركة الولايات المتحدة لهذا التفرد الروسي سيهدد الحضور الأوروبي الدولي لاحقاً، وهذا ما لا يغيب عن الذهن الأوروبي، ونرجو أن يستعيد أصدقاء سوريا الأوربيون حضورهم في مؤتمر فيينا القادم، وهم الذين استضافوا مئات الآلاف من السوريين المهاجرين، وكان موقفهم الإنساني حضارياً وأخلاقياً.
المصدر: الاتحاد
د. رياض نعسان أغا يكتب: ما قبل جنيف 4 على ميكروسيريا.
ميكروسيريا -