الدكتور مروان خوري ( منظمة بردى الاغاثية ) يوجه رسالة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشأن حلب …
16 أيار (مايو - ماي)، 2016
المستشارية الإتحادية
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل
شارع “فيلي برانت” رقم 1
10557 برلين
“نحن نموت تحت مرأى ومسمع العالم!”
سيادة المستشارة أنجيلا ميركل،
إن ما يحدث اليوم في مدينة حلب، أقدم مدينة مأهولة في تاريخ البشرية، تقشعر له الأبدان ولم يعد بالإمكان وصفه بكلمات.
إلى الآن، ورغم مرور سبعة أيام على قصف المستشفى، والتي كانت وزارة الخارجية الألمانية إحدى الجهات التي ساهمت في إنشائها وتمويلها، لم تنته بعد عملية انتشال جثث المرضى والعاملين فيها من تحت الأنقاض. وقد تم كذلك قصف شبكات إمداد وتكرير المياه فالضربات تستهدف كل ما فيه حياة.
في مدينة حلب يقوم النظام بقتل الأطباء والعاملين في المجال الصحي عمداً كي يتم القضاء على كل شكل من أشكال المساعدات الطبية في هذه المدينة. وحسب التقارير الواردة إلينا من سكان المدينة فإن طائرات بوتين وطائرات النظام الأسدي لم تغادر سماء حلب منذ سبعة أيام.
الإنسانية تموت في حلب…
نحن كسوريين نتساءل كيف يمكن لسيادتك وللمسئولين في “العالم المتحضر” تقبل قتل الأطفال والنساء والرجال بهذه الطريقة الوحشية في سوريا؟
كيف يمكن لسيادتك أن تتقبلين بأن يُصبح المدنيين أهدافاً للغارات الجوية وللقنابل والبراميل المتفجرة؟
يأتينا يومياً صوراً جديدة لأطفال قضوا من جراء هذه الغارات.
نحن، أعضاء منظمة بردى لمساعدة سوريا، نُسأل يومياً وباستمرار من قبل الأناس الذين مازالوا يعيشون في الداخل “لماذا يسمح العالم أن نُقتل؟ لماذا تتجاهلوننا؟ ما لذي اقترفتاه حتى نُقصف في بيوتنا؟”
كيف لنا أن نجيب؟
هل لهم أن يصدقوننا عندما نعيد القول مرة تلو الأخرى بأن العالم قد نسيهم؟
إنهــــــــــــــــــــا فضيحة!
لقد صرحت وكالات الأمم المتحدة مراراً وتكرارً بأن عمليات القتل في سوريا تشكل جريمة ضد الإنسانية، وبأنها جرائم حرب . فكيف يمكن للأمم المتحدة ولمنظماتها أن تقف إلى الآن موقف المتفرج؟ كيف يمكن أن يقوم النظام على مدى خمس سنوات بممارسة الإرهاب ضد شعبه ويبقى مصوناً من العقاب؟
العدد الكبير من الضحايا الذين سقطوا جرّاء تجاهل العالم الغربي للأزمة والتسامح مع هذه الوحشية المفرطة، هي من الأسباب الجوهرية لتوسع “الدولة الإسلامية”.
بالنسبة لنا لا نعتبر بأن الإرهاب هو فقط ما يصدر من “الدولة الإسلامية”، بل أيضاً ما يحصل اليوم في حلب، فقتل المدنيين هو لاشك إرهاب دولة.
لم نعد نتفهم حجج الغرب الدائمة بأن نظام الأسد هو جزء من التحالف لمحاربة “الدولة الإسلامية” ونرى بأن الأسد وما يقوم به من فظائع أشد إرهاباً منها.
مكافحة الإرهاب لا يقبل القسمة ، والواقعية السياسية لا تعني إعادة تأهيل قاتل جماعي.
الخطأ الوحيد الذي قام به السوريون أنهم تشوقوا إلى حياة تحمل قيم الحرية وأصيبوا بعدها بخيبة أمل مريرة. لقد بيع لنا كلام على مدى السنوات الخالية عن الحريات والكرامة الإنسانية، لكن من الذي يدعم هذه القيم بشكل حقيقي في سوريا؟؟
لا يمكن للعالم محاربة نظام الأسد الإرهابي عن طريق الإحتجاجات ولا التعبير عن القلق، بل عن طريق اتخاذ إجراءات حاسمة.
كيف لسيادتك ولكل قادة العالم الغربي شرح وتبرير ذلك لأطفال سوريا فيما بعد، بأن جيلاً كاملاً تم تركه في وضع حرج للغاية؟
هناك اليوم خمسة ملايين طفل لا يلتحقون بالمدارس. تم قتل آلاف الأطفال بلا رحمة. آلاف الأطفال أُجبروا على رؤية آبائهم يُقتلون أمام أعينهم، وهؤلاء لم تقتلهم “الدولة الإسلامية” بل القوات الموالية للنظام الأسدي.
لا يوجد اليوم طفل في سورية إلا ومصاب بصدمة رهيبة سببته له القنابل والصواريخ والطائرات.
ما لذي ستقولينه وما الذي سيقوله أعضاء الأمم المتحدة لهؤلاء الأطفال؟
حماية المدنيين حق لكل إنسان أياً كان، وهذا أمر لا جدال فيه.
أرجوك أن تأخذي هذا الالتزام بجدية فائقة، فالشعب السوري يفقد الأمل وهذا خطير جداً.
إننا ندين الذين يرتكبون هذه المجازر في حلب وندين أيضا أولئك الصامتين عليها.
إننا ننادي “أنقذوا حلب”
تفضلي بقبول فائق الإحترام
مروان خوري