بالتفجيرات الانتحارية.. استراتيجية داعش تتغير

16 مايو، 2016

 مع خسارة الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا “بداعش” مزيدا من الأراضي في حرب طاحنة بالشرق الأوسط، فإن التنظيم بدأ يغير استراتيجيته إلى هجمات أقل تعقيدا، وتشمل أهداف مدنية مثل سلسلة التفجيرات الانتحارية في العراق الأسبوع الماضي.

جاء ذلك في تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” اﻷمريكية لتسليط الضوء على الهجمات الانتحارية التي شنها داعش مؤخرا في العراق، وهو ما اعتبره البعض “تغيير في استراتيجية التنظيم”، خاصة بعد فقدانه الكثير من اﻷراضي جراء ضربات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة,

وقالت الصحيفة، خلال ثلاثة أيام متتالية من التفجيرات في بغداد التي بدأت الأربعاء الماضي، قتل التنظيم أكثر من 100 شخص، وفي أعقاب الهجمات الإرهابية في باريس نوفمبر الماضي، وبروكسل مارس الماضي، قال مسؤولون غربيون إنهم يرون مزيد من العلامات على أن استراتيجية داعش تتحول إلى شن هجمات على غرار حرب العصابات التي تعتمد بشكل متزايد على الهجمات الانتحارية.

المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد الجنرال “سعد معن”: أحدث الهجمات الإرهابية في العراق تنبع من حاجة الدولة الإسلامية إلى أن يكون لها تأثير بعيدا عن ساحة المعركة”.

وأضاف: من المعروف أنه كلما كان هناك انتصار عسكري ضد داعش، فإن التنظيم يلجأ إلى مثل تلك اﻷعمال اﻹجرامية باستخدام السيارات المفخخة أو الانتحاريين لقتل الأبرياء”.

داعش تظل العدو اللدود في العراق وسوريا رغم ما يقرب من 12 ألف غارة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على التنظيم منذ 2014، ورغم ذلك مازال التنظيم يحتفظ برقعة شاسعة من الأراضي في سوريا والعراق، حيث يتم تدريب المقاتلين لشن هجمات على اﻷهداف القريبة والبعيدة.

وأضافت، التنظيم أثبتت مرارا وتكرارا أنه يشكل تهديدا قويا ومرنا، فهو قادر على القيام بعمليات لتوسيع أراضيه في أماكن مثل حلب السورية، وكانت هجمات هذا الاسبوع في بغداد الاكثر دموية منذ سنوات، وقتلت داعش الأسبوع الماضي جندي أمريكي في شمال العراق.

الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش في العراق تماطل في عملية تحرير الموصل – ثاني أكبر مدينة في البلاد- والتي سيطرت عليها الدولة الإسلامية منذ عام 2014. وقد نوقشت عملية التحرير لمدة عامين تقريبا ولكن لم تنفذ على الارض حتى اﻵن.

ومع ذلك، عانت داعش من سلسلة انتكاسات مؤخرا بما في ذلك الهزيمة بمدينة الرمادي العراقية ديسمبر  الماضي، وفقدان تدمر المدينة السورية الأثرية مارس  الماضي أيضا.

الأراضي الخاضعة للدولة الإسلامية في العراق وسوريا تقلصت بنحو الربع العام الماضي -بحسب تقديرات الولايات المتحدة- ولكن الاهم من ذلك هو فقدانها للسيطرة على الكثير من الأراضي على طول الحدود التركية، التي تعتبر طرق تهريب النفط.

وأضوحت الصحيفة، الدولة اﻹسلامية كونها دولة شبه عسكرية لديها مشكلة في تجديد صفوف مقاتليها، ففي إبريل الماضي قال وزارة الدفاع اﻷمريكية “البنتاجون”: إن عدد المجندين الأجانب الذين ينضمون للتنظيم انخفض لحوالي 200 شهريا على مدار 2015، مقابل 2000 شهريا عام 2014.

وفي الوقت نفسه، كان المقاتلين اﻷجانب يعودون إلى أوروبا لشن هجمات هناك، بحسب مسؤول كبير في مكافحة الارهاب بالولايات المتحدة.

ونقلت الصحيفة عن أحد المنشقين ويبلغ من العمر 28 عاما قوله:” كن معهم، أو أنك عدوهم لديك خيارين.. الآن هم يجبرون الناس على الانضمام، فهم لديهم نقص شديد في المقاتلين.. التنظيم حاليا يغلق جميع الطرق لمنع الناس من الهروب، ويحظر عليهم ترك أرض الخلافة”.

وتوقع مسؤولون غربيون وإقليميون عودة المزيد من المقاتلين لموطنهم اﻷصلي لشن هجمات أصعب بكثير، وعلى أهداف أكثر وضوحا، مشيرين إلى أن التنظيم سوف يصعد هجمات العالمية لأنه يفقد أرضيه في الشرق الأوسط، بحسب الصحيفة.

وبحسب شركة عالمية لاستشارات المخاطر فإن التنظيم شن الكثير من الهجمات الانتحارية خلال الأشهر القليلة الأولى من عام 2016 أكثر من النصف الثاني من العام الماضي ﻹيصال صورة للعالم مفادها أنه “لا زال يتمتع بالقوة”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى في مكافحة الإرهاب قوله: التنظيم لديه القدرة والحافز والمعرفة، وقادر على شن هجمات ضد الحكومة العراقية والشعب.. لذا فإنه لا يزال يشكل تهديدا لفترة طويلة جدا حتى لو أنهم محرومون حاليا من مساحة كبيرة من الأراضي التي يسيطرون عليها”.

وقالت الولايات المتحدة الشهر الماضي إنها تعتزم إرسال 250 جندي إضافي من القوات الخاصة لسوريا لمساعدة الحلفاء في القضاء على سيطرة داعش على المناطق القريبة من الحدود التركية.

وبحسب الصحيفة، أصبحت الأراضي الواقعة تحت سيطرة داعش غير مترابطة بعد قطع السلطات اثنين من الجسور البرية التي تربط الأراضي العراقية بالسورية في فبراير الماضي.

الولايات المتحدة وحلفائها على الأرض يسعون لتقسيم داعش إلى قسمين بحلول نهاية هذا العام، وتحاول الولايات المتحدة قطع الجسر البري المتبقي لداعش والذي يربط بين خطوط الإمداد بين اثنين من البلدان الحيوية لحركة الأفراد والمعدات العسكرية والسلع.

في سوريا، قال مسؤولون غربيون إنهم يخشون أن داعش أصبحت أكثر استقرار في الأراضي الشرقية القاحلة، وكما هو الحال في العراق، استهدفت داعش بشكل منهجي الشباب السوري، واغلقت المدارس، وشجعت على الالتحاق بمدارس “أشبال الخلافة”، حيث يتلقى الأطفال التدريب على الأسلحة والقتال.

وقال دبلوماسي غربي: استراتيجيتهم هي ترسيخ أنفسهم، وهم فعلوا ذلك في سوريا الآن”.