بعد ليبيا.. هل تكون تونس الوجهة الجديدة لتنظيم “الدولة”؟
16 أيار (مايو - ماي)، 2016
اشتباكات بين وقت وآخر بين الأمن التونسي ومقاتلين يعتقد أنهم تابعون لتنظيم “الدولة”، طرح تساؤلاً حملته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، هل تكون تونس، البلد الأفريقي الهش، الوجهة المقبلة للتنظيم.
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن العشرات من التونسيين عبروا الحدود مع ليبيا للالتحاق بتنظيم “الدولة” هناك، منذ مارس/آذار الماضي، وأن بعضهم عاد إلى تونس، وتحديداً مدينة بن قردان الحدودية، التي تعتبر معقلاً للجماعات الجهادية المسلحة في تونس.
آخر المواجهات التي وقعت بين الأمن التونسي والمقاتلين الجهاديين أدت إلى مقتل العشرات من المسلحين، بينهم 10 على الأقل من بن قردان نفسها، حيث يسعى المقاتلون – على ما يبدو – لإقامة إمارة لهم في المدينة الحدودية، بحسب الصحيفة.
عملية بن قردان اعتبرت انتصاراً لقوات الأمن التونسية، التي نجحت في كبح جماح العناصر الجهادية هناك، إلا أن الهجوم يكشف عن جدية هذه العناصر في إيجاد موطئ قدم لهم في تونس.
ويعتبر التونسيون من أكثر الجنسيات المقاتلة بتنظيم “الدولة” في العراق وسوريا، رغم كل الإجراءات التي اتخذتها السلطات التونسية للتضييق على مواطنيها، ومنعهم من الالتحاق بالتنظيم، وكان آخرها تشديد الحدود وحظر السفر إلى العراق وسوريا، وهو الأمر الذي دفع التونسيين للانضمام إلى تنظيم “الدولة” في الجارة ليبيا؛ ما يشكل تحدياً على تونس، التي تبدو كأنها ديموقراطية وحيدة بعد ربيع الثورات العربية.
تونس كانت قد شهدت العام الماضي هجومين لتنظيم “الدولة”، وقع الأول في منتجع سوسة، والثاني في متحف باردو في العاصمة، أوقعا عشرات الأشخاص، معظمهم من السياح الأجانب، حيث يعتقد أن المهاجمين كانوا قد تلقوا تدريبات في ليبيا.
الغارة على بن قردان تمثل تطوراً كبيراً في طريقة تعاطي الأمن التونسي مع هذه الجماعات، فقد شن الأمن التونسي هجوماً متعدد المحاور على الجماعات المسلحة هناك، في إشارة إلى أن الأمن التونسي ربما كان يدرك جيداً سعي تلك الجماعات إلى تحويل بن قردان إلى ملاذ آمن لها.
وبحسب محمد المعالي، رئيس قسم مكافحة الإرهاب في تونس، فإن ليبيا باتت تشكل تهديداً جدياً على تونس، مشيراً إلى أن المقاتلين التابعين لتنظيم “الدولة” باتوا يلجؤون إلى ليبيا بفعل الضغط الذي يواجهونه في سوريا، فليس هناك أي سلطة أو نظام في ليبيا، الأمر الذي يعتبر بالنسبة لهؤلاء المقاتلين مثالياً، وفقاً لما نقلته الصحيفة الأمريكية.
بن قردان التي لا يبدو أنها حظيت بالاهتمام الكافي من قبل الحكومات التونسية المتعاقبة، تعيش واقعاً مزرياً، فهي بلا خدمات، ولا مصانع، ولا جامعات، ويعيش العشرات من شبابها في بطالة، حيث يتسمرون لساعات في المقاهي، أو على نواصي الشوارع، كل هذه الأسباب جعلت من التهريب تجارة رائجة، والتهريب هنا لا يقتصر على نوع دون آخر من السلع، إنه يشمل كل شيء، حتى السلاح، حيث تتم عمليات التهريب مع ليبيا المجاورة.
وتنقل الواشنطن بوست عن سالم شوات، العمدة السابق لبن قردان، قوله إن الفقر والتهميش يدفع شباب بن قردان إلى خيارات أخرى، “ففي الوقت الذي يعاني فيه الشباب من الفقر، فإنهم يجدون لدى التنظيم وعوداً بالمال والسيارات وحياة عظيمة، فماذا تتوقع من الشباب أن يفعل، إنهم بين خيارين إما التهريب، أو الالتحاق بتنظيم الدولة”.
ورغم كل الإجراءات التي مارستها السلطات التونسية بحق مواطنيها لمنعهم من الالتحاق بالجماعات الجهادية، إلا أن تونس كانت أكبر ممول لهذه الجماعات بالشباب، فقد التحق التونسيون بالبوسنة، وأفغانستان، والعراق، ولم تنفع كل محاولات رئيس النظام التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، من منعهم من الالتحاق بتلك الجماعات، حتى نقل عن أبي مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق، الذي قتل على يد القوات الأمريكية عام 2006، قوله إنه لو كانت بن قردان تقع بجانب الفلوجة لكان العراق محرراً الآن، في إشارة إلى الشباب التونسيين الذين التحقوا بالجماعات المسلحة في العراق آنذاك.