ما مخاطر الألوية الإيرانية الجديدة في العراق على أمن الرياض؟

16 مايو، 2016

علانية ودون تخفي بجرأة إيران تعلن حشد 5 ألوية عسكرية تمهيدًا لدخول الأراضي العراقية، بالتزامن مع إعلان إرسال دفعة جديدة من المستشارين العسكريين الإيرانيين إلى سوريا والعراق، بينما تطلق صواريخ بالستية من اليمن صوب الرياض، الأمر الذي يثير تساؤلات حول محاولة تطويق المملكة وخنقها من ناحية حدودها الشمالية ناحية العراق والجنوبية نحو اليمن، ويؤشر على وجود مخطط إيراني ممنهج لمزيد من الحشد لقوات عسكرية إيرانية كثيفة بالعراق تتحالف مع ميلشيات الحشد الشعبي وحزب الله العراق، كمصدر تهديد قادم لأمن الخليج وبخاصة السعودية لقربها من الحدود العراقية، مع تأكيد قبائل عراقية أن إيران تدفع بأسلحة ثقيلة على الحدود العراقية السعودية، ولم يعد سرًّا أن طهران تريد أن يكون لها راعٍ على كل المناطق الحدودية مع السعودية، وبذريعة داعش الحشد الشعبي أصبح يهدد الحدود السعودية بمعدات تفوق حاجتها لمحاربة التنظيم..

ولم يتضح بعد ما طبيعة هذه الألوية الجديدة ومهامها العسكرية وأهدافها الحقيقية؟ ولكن من المحتمل أن تكون هذه الألوية ستكمل سيناريو الموجة البشرية الذي تم تصديره للعب دور ما لم يتكشف بعد، أو لوأد وقمع أي تحرك ضد الدور الإيراني مع تنامي السخط الشعبي ضدها، أو لحسم معارك قادمة ضد داعش أو قمع السنة، أو كارت تهديد لدول الجوار، وقد تكون لهذه الأسباب مجتمعة، بحسب مراقبين.

إيران تحشد 5 ألوية عسكرية نحو العراق

كشف قائد القوات البرية الإيرانية، العميد أحمد رضا بوردستان، أن إيران حشدت 5 ألوية عسكرية لدخول الأراضي العراقية.وقال بوردستان: “القوات المجهزة هي ألوية من القوات البرية، وأنجزت عمليات الاستطلاع في الجانب الآخر من الحدود العراقية، وأصبحت جاهزة للاشتباك بشدة.”

وأكد بوردستان، أمس، أن المروحيات الإيرانية  باشرت التحليق فوق مناطق عراقية، فيما تواصل عناصر استخبارات إيرانية مراقبتها لجميع المناطق العراقية، من خلال تحديدها عبر الخرائط وتسجيل المسارات بمنظومات تحديد الأمكنة،  ليتم قصفها بنيران المدفعية الثقيلة.

وقال العميد بوردستان في تصريح لصحيفة “صف” الصادرة عن الجيش الإيراني، ونشرتها وكالة فارس للأنباء، إن “القوات الإيرانية في حال شعرت بأن الإرهاب يعتزم عبور خط الأربعين كيلومتراً داخل العراق، فهي ترى أن من حقها الدخول إلى الساحة والتصدي له داخل الأراضي العراقية.

وتمتد الحدود العراقية الإيرانية إلى نحو 1458 كيلومتراً، وتتخللها ممرات مائية ومحميات طبيعية، فيما يرجح خبراء أمنيون توغلاً إيرانياً في مناطق شمال شرق العراق، من ضمنها ديالى الحدودية مع إيران.

دفعة جديدة من مستشاريها العسكريين

ليس فقط حشد ألوية ولكن مستشارين أيضا دون مواربة فقد أعلن قائد كلية الإمام الحسين العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني العميد مرتضى صفاري، عن إرسال دفعة جديدة من المستشارين العسكريين الإيرانيين إلى سوريا والعراق.

وقال العميد صفاري، في تصريح لوكالة أنباء “تسنيم” إنه تم إرسال 100 مستشار عسكري من هذه الكلية إلى هذين البلدين، وذلك في مهمة استشارية تدريبية قيادية.

وتواصل إيران إرسال المقاتلين والخبراء العسكريين إلى سوريا والعراق بذريعة دعم المقاتلين العراقيين والسوريين في مواجهة تنظيم داعش.

إيران تدفع بأسلحة ثقيلة على الحدود العراقية السعودية 

رصدت تقارير إعلامية في 7 مارس 2016 أنه في حين تنفي الأجهزة الأمنية في بغداد صحة تخزين إيران أسلحة على الحدود (السعودية- العراقية)، تتصاعد  -يومًا بعد يوم- الأصوات التي تطلقها بعض القبائل العراقية لتأكيد وجود هذه الأسلحة والتحذير من خطورتها.

وأكد شيخ مشايخ الأنبار وعشيرة البونمر “نعيم الكعود”، إن تخزين السلاح الإيراني على الحدود مع المملكة أمر متوقع، وليس بالمفاجأة، خصوصًا في ظل وجود الحشد الشعبي بهذه المناطق، موضحًا أن هذه المعلومة ليست بجديدة على الساحة العراقية، في ظل ما يعرف بمحاولات إيران لزعزعة أمن الخليج وبالدرجة الأولى السعودية.

وأضاف (الكعود): “نحن نعلم بالتحركات الإيرانية على الحدود السعودية، لكن العشائر الآن -ويا للأسف!- غير مؤهلة من حيث التسليح لردع هذه الميليشيات التي تنتشر على الأراضي العراقية كافةً”، حسب ما ذكرته صحيفة “عكاظ”، 7 مارس 2016.

وشدد الكعود الذي تعتبر عشيرته “البونمر” رأس الحربة في مواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي، على أن التحركات الإيرانية على الحدود مع المملكة ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة، ولم يعد سرًّا أن طهران تريد أن يكون لها راعٍ على كل المناطق الحدودية مع السعودية.

وأكد الكعود أن العشائر السنية لن تقبل بمثل هذا الأمر بكل تأكيد، وتعتبر المساس بأمن المملكة خطًّا أحمر، سواء على مستوى العشائر السنية أو على المستوى الرسمي للحكومة العراقية.

وكشف الكعود عن وجود أكثر من 20 ألف مقاتل من العشائر جاهزين للتسلح ومحاربة الإرهاب تحت مظلة التحالف الدولي الذي تشارك فيه السعودية، لافتًا إلى أن هذا العدد قابل للزيادة إذا حال توافر الغطاء السياسي والعسكري.

أما المتحدث الأمني باسم غرفة عمليات بغداد زيد الأسدي، فرأى أن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة من وجود سلاح إيراني على الحدود السعودية العراقية، مجرد (فرقعات إعلامية)، مؤكدًا أن بلاده لا تسمح لأي دولة كانت، سواء كانت إيران أو غيرها، أن توجد على الحدود السعودية أو غيرها من حدود العراق.

بذريعة داعش الحشد الشعبي يهدد الحدود السعودية    

وأقر الأسدي بوجود الحشد الشعبي على الحدود السعودية في بلدة النخيب، إلا أن وجوده يتعلق بقتال التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي، معتبرًا المساس بأمن وحدود المملكة خطًّا أحمر، وأن القيادات العراقية بكل أطيافها تشدد لمقاتلي الحشد على عدم الاقتراب من حدود المملكة، وحصر مهمتها في قتال داعش فقط.

ولم يًنْفِ الأسدي وجود آليات عسكرية مدرعة متطورة وأسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة في الصحراء المتاخمة للأراضي السعودية، إلا أنه أكد سيطرة القوى العراقية على هذه الأسلحة، مضيفًا أن وجود مثل هذه الأسلحة أمر يحتاج إلى فهم الحالة العراقية التي أصبحت سوقًا مليئة بالسلاح؛ بسبب اندفاع الكل لمحاربة داعش.

وما بين هذا وذاك، قالت مصادر عراقية مطلعة إن الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني يسعيان إلى الدفع بتنظيم داعش إلى الهرب نحو الحدود السعودية العراقية؛ من أجل تبرير انتشارهما في المناطق الحدودية.

وأضافت المصادر أن حجم السلاح الذي تنشره في المناطق الحدودية يفوق الاحتياجات البشرية والعسكرية في مواجهة التنظيم، مؤكدةً أن انتشار الحشد الشعبي في المناطق الحدودية يشكل خطرًا مستقبليًّا؛ إذ إن هذه الجماعات لا تتبع الحكومة العراقية، بل تتبع قيادات طائفية تنفذ أجندة إيرانية.

من سيناريو الموجة البشرية إلى إرسال الألوية؟    

مخاطر الألوية البرية الإيرانية الجديدة التي يتم حشدها نحو العراق تتصاعد في ظل سيناريو الموجة البشرية الذي بدأ في بداية ديسمبر 2015 ، وجيمعها تصب باتجاه حشد كثيف للقوات الإيرانية داخل العراق، قد يسهل تصديرها فيما بعد لدول مجاورة، فقد حذر أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله النفيسي، من أن ما حدث على الحدود العراقية-الإيرانية بعد اقتحام نصف مليون إيراني أرض العراق هو (تجريب) لإستراتيجية “الموجة البشرية”.

 وحذّر دول مجلس التعاون عبر صفحته بـ “تويتر” قائلاً: تدرس إيران إمكانية تطبيق سيناريو (الموجة البشرية) على دول التعاون عبر اليابسة العراقية و”ربعنا واحد يعض  الثاني“.

كان العراق قد وجّه اللوم لإيران، في حالة نادرة بعد اقتحام نحو نصف مليون زائر إيراني أحد المعابر الحدودية ودخول البلاد من دون تأشيرات عبر معبر “زرباطية” الحدودي؛ في بداية سبتمبر 2015 ، الأمر الذي أسفر عن تحطيم البوابات وإصابة أفراد من حرس الحدود العراقي، في مواجهة علنية بين الدولتين الجارتين.

 واتهمت وزارة الداخلية العراقية، الزوّار بالتدفق عبر المعبر الحدودي عمداً من أجل الضغط على القوات الأمنية للسماح لهم بالدخول بطريقة غير مشروعة، وقالت إن حرس الحدود امتنع عن ممارسة الحق في استخدام القوة ضدّهم.

الحرس الثوري يقود العراق

رصد مركز كارنيغى للشرق الأوسط بدراسة بعنوان “المأزق السنَّي في العراق” في 3 مارس 2016، أنه “قد شوهد قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وهي القوات الخاصة في الحرس الثوري الإيراني، في ساحات القتال في المدن العراقية منذ سقوط الموصل. وفي تغيير غير مألوف لتوجهاته (في السابق كان شخصيّة سرّية غامضة في الظل) يظهر سليماني حتى لالتقاط الصور الفوتوغرافية في عراق ما بعد الموصل.”

“ويعد ظهور مسؤول إيراني باعتباره القائد الأعلى في العراق، يثير مخاوف العرب السنّة. علاوة على ذلك، أصبح هادي العامري هو القائد العسكري الأعلى في العراق، وهذا يشكّل أيضاً مصدر قلق بالنسبة إلى العرب السنّة، الذين يتذكرون أن العامري قاتل ضد العراق خلال الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988). ويبدو النفوذ الإيراني في أجلى صوره في وزارة الداخلية، حيث يتمتّع فيلق بدر بقيادة العامري (أكبر مجموعة في الحشد الشعبي) بسلطة حصرية تقريبا.”