أزمة المياه.. الخليج في قلبها والتعاون الإسلامي تبحث حلولها


ما تزال أصداء الصرخة التي أطلقها عام 1995 نائب رئيس البنك الدولي وقتها، إسماعيل سراج الدين، بأن حروب القرن الحادي والعشرين سوف تكون حروب المياه، مسموعة وتتردد في أوساط المهتمين؛ ومن بينها الأكاديميات ومراكز الأبحاث، فضلاً عن وسائل الإعلام، كما باتت عبارة “حروب المياه” عنواناً لعديد من الكتب والمؤلفات؛ وهو ما يكشف عن عمق أزمة المياه العالمية، وفي القلب منها منطقتنا.

ومعلوم أن منطقة الشرق الأوسط تحظى بأقل من 2% من الموارد المائية المتجددة في العالم، طبقاً لأرقام البنك الدولي؛ ما يعني أننا في المنطقة الأكثر جفافاً في العالم، حيث تضم أكثر 12 بلداً في العالم من حيث ندرة المياه؛ من ضمنها دول الخليج الست؛ بالإضافة إلى الجزائر والأردن وليبيا والأراضي الفلسطينية وتونس واليمن.

وفي المتوسط لا يتجاوز توفر المياه 1200 متر مكعب؛ أي أقل بنحو ست مرات عن المتوسط العالمي البالغ 7000 متر مكعب.

وتحتضن مدينة إسطنبول التركية الدورة الثالثة للمؤتمر الإسلامي للوزراء المكلفين بالمياه، في الفترة بين 17-19 مايو/أيار الجاري، برعاية منظمة التعاون الإسلامي، ومشاركة مسؤولين من 36 دولة؛ بينهم 26 وزيراً.

وأوضح بيان صادر عن وزارة المياه والغابات بدول المنظمة، أنها ستتولى تنظيم أعمال المؤتمر، الذي “سيبحث عن حلول لمشاكل مصادر المياه، وترسيخ سبل التعاون بين الدول الغنية والفقيرة، من أجل ترشيد إدارة المياه وتطبيق وثيقة (رؤية منظمة التعاون الإسلامي حول المياه)”.

وأضاف البيان أنَّ وزير الغابات والمياه التركي، ويسل أر أوغلو، سيسلط الضوء من جديد على مقترح إنشاء صندوق للمياه، من أجل تقديم الدول الغنية حلّاً لمشاكل المياه في الدول الفقيرة.

ومن المنتظر أن توقع اتفاقيات تعاون ثنائية بين الدول، تتعلق بالمياه والغابات والأحوال الجوية، كما ستعقد على هامش المؤتمر، ندوتان تتعلقان بوسائل تعزيز القدرات في قطاع المياه، ومكافحة الأمراض التي مصدرها المياه.

– المنطقة الأعلى فقداً للمياه على الأرض

ووفقاً لدراسة نشر موقع البنك الدولي نتائجها، فإن المنطقة تفقد كل 7 سنوات من المياه ما يصل إلى حجم البحر الميت كاملاً، ما يجعله أعلى معدل لفقدان المياه العذبة على وجه الأرض.

ويشير البنك إلى أن نصيب الفرد من وفرة المياه سينخفض إلى النصف بحلول عام 2050.

وسجلت دول الخليج العربي أعلى معدلات استهلاك للمياه للفرد في العالم، وتشهد البلدان ذاتها كبرى الفجوات بين إمدادات المياه المتجددة والطلب؛ فالبحرين تستخدم 220% من احتياطي المياه المتجددة لديها، مقابل 943% في السعودية، و2465% في الكويت، ومن المقدر أن تستنفد الإمارات مواردها من المياه العذبة الطبيعية خلال 50 عاماً تقريباً.

وازداد استهلاك المياه في قطر بنسبة 70% خلال سبعة أعوام، بحسب ما أظهرت دراسة نشرتها وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية، شملت الفترة الممتدة بين العامين 2006 و2013، أشارت إلى أن استهلاك المياه زاد من 437 مليون متر مكعب، إلى أكثر من 740 مليوناً.

وتشكل تحلية مياه البحر الرئيسي لمياه الشرب في قطر، في حين يعتمد على المياه الجوفية للزراعة والري.

وتعتمد كثير من بلدان المنطقة على تحلية مياه البحر لتلبية الطلب على المياه. فأكثر من 75% من مياه البحر المحلاة في العالم موجودة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ 70% منها في بلدان مجلس التعاون الخليجي (السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات) و6% في ليبيا والجزائر.

وفي أغسطس/آب من العام الماضي، قالت بيتسي أوتو، مديرة البرنامج العالمي للمياه في المعهد العالمي للموارد المائية: إن “من الأهمية بمكان أن تتفهم الحكومات الأخطار المحتملة التي تواجهها فيما يتعلق بالمياه اللازمة لتسيير شؤونها الاقتصادية، بما في ذلك تعاظم الطلب الناجم عن الزيادة السكانية، علاوة على الآثار غير المؤكدة لتغير المناخ”.

وأوضحت أوتو أنه “ليس من المجدي معالجة المياه إلى مستوى المياه القابلة للشرب وإتاحة استخدامها في المنازل، ثم تهدر بعد ذلك في شبكات الصرف الصحي”، لافتة إلى أن “بعض دول الشرق الأوسط تعول على تحلية المياه من خلال إزالة ملوحة مياه البحار والمياه الجوفية، وقد تواجه مثل هذه الدول وغيرها التي تعاني أزمات المياه العجز عن توفير الغذاء اللازم لشعوبها؛ لأن المياه تلتهم موارد المياه”، في حين يرى خبراء المعهد أن “السعودية على سبيل المثال تقول إن شعبها سيعتمد بصفة أساسية على واردات الحبوب بحلول 2016”.

وبالرغم من وجود “قواعد هلسنكي” التي تساعد على تفسير حقوق المياه بين البلدان فإن هناك بعض الصراعات المريرة التي تتجدد بين الفينة والأخرى، أو التي تشكل أزمة سياسية كبرى في الدول المتجاورة سببها الرئيسي الصراع على الأنهار والمياه.

يشار أخيراً إلى أن هناك إجماعاً على أن الترشيد في استهلاك المياه هو أنجع الحلول للحد من التدهور العالمي الحاصل في توفر المياه، سواء كان ذلك من خلال استخدام الأفراد أو المؤسسات أو في الزراعة والري.