خالد الكفري-ناشط سوري: ما بين الزّارة وأوزارها


193

لم يتمنّى بشّار الأسد ونظامه هديّة أثمن من الهديّة التي قدّمها مقاتلو الفصائل الإسلاميّة في قرية الزارة الموالية، وخاصّة الصورة التي ظهر فيها اثنين من المقاتلين وهم يضعون إمرأة وطفلتها الصغيرة تحت أقدامهم، والتّي يرفضها ويستنكرها كلّ شخصٍ يملك أقلّ ذرّة من الإنسانيّة.
.
لا أحد يُنكر المجازر التي ارتكبتها السّلطة وما زالت ترتكبها بحقّ المدنيّين السوريّين، سواء بالبراميل والصواريخ أو حتّى بالسلاح الأبيض، والتّي صُبغ بعضها بنكهةٍ طائفيّة مقيتة سواءً بالحولة أو البيضا أو غيرها، ولكن هذا لا يُبرّر أبداً أن يقوم الطرف الآخر بمثل هذه الردّات الطائفيّة، والتّي تجعله في ميزان المُقاربة مع إجرام السّلطة.
.
من المهم اليوم الإعتراف بخطورة الأزمة الطائفيّة الموجودة في سوريا، بل وفي المنطقة بأسرها، والتّي عمل عليها و أسّسها نظام حافظ الأسد منذ بداية السبعينات، وأجّجها فيما بعد نظام الأسد الإبن مُنذ بداية الإنتفاضة في آذار 2011 واستخدمها كورقة يُتاجر فيها ويُظهر نفسه كحامي للأقليَات، وللأسف قسمٌ كبير من المعارضة بشقّيها السّياسي والعسكري وقعوا في هذا المُنزلق الطائفي.
.
ولنعترف أيضاً أنّ المُعارضة فشلت في إقناع الأقلّيات بالإنضمام للثورة، بل واُجبرت هذه الأقليّات تحت أسبابٍ كثيرة إلى الإصطفاف وراء هذا النظام (رغم سوءه)، هذه الإصطفافات وهذا المأزق الطائفي سيقود سوريا والمنطقة إلى ما لا يُحمد عُقباه، وإذا لم نقف بوجهه قد يؤدّي إلى شروخ أكبر في المجتمع السّوري، و قد يصعب رأبها في المستقبل القريب أو البعيد.
.
للأسف إنّ المدنيّون السّوريّون هم اليوم وقود لنارٍ طائفيَة تكاد تُشعل المنطقة بأسرها، وهناك أطراف إقليميّة تصبّ الزيت على هذه النّار، ويقف السوريّون بين مطرقة فقرٍ مُدقعٍ ، تحت رحمة الدولار الذّي قد يصل قريباً إلى ما يُقارب ال 700 ليرة سوريّة(ممّا يهدّد بشبح ثورة جياع تجتاح سوريا)، وسندان نظام وفصائل إرهابيّة تقود البلد إلى الدمار و المجهول.
السّوريّون اليوم مُطالبون بالوقوف صفّاً واحداً، في وجه أمراء الحرب من الطرفين، وفي وجه الطائفيّة التي تهدّد مستقبل ووحدة سوريا والسّورييّن.
.
وأيضاً يُطالبون المجتمع الدولي بتحمّل مسؤوليّاته والمساهمة بحلٍّ سياسيٍّ سريع، يوقف الحرب ويحلّ السلام في ربوع سوريا، سوريا للجميع، دولة حرّة مدنيّة، يتساوى فيها الجميع على اختلاف أطيافهم ومشاربهم.