رحلات "ماهان" السرية أحد أهم وسائل إيران في نقل السلاح والمقاتلين إلى سورية


في الوقت الذي تنظم فيه إحدى شركات الطيران الإيرانية رحلات بانتظام إلى مدينتي ميونيخ ودوسلدوف الألمانيتين، ذكرت صحيفة "بليد" الألمانية أنها أيضاً تقوم بنقل مقاتلين من إيران والعراق ولبنان ليقاتلوا إلى جانب قوات الأسد في سورية، في ظل رفض ألماني وأوروبي لتطبيق العقوبات الأميركية التي اتخذتها ضد الشركة.

وتشير الصحيفة إلى أن شركة "ماهان إير" الخاصة التي يبلغ عدد طائراتها 54، والمفضلة لدى الحرس الثوري الإيراني، تنقل عبر طائراتها منذ شهر أغسطس/آب 2015 بشكل يومي الأسلحة والذخيرة إلى جانب مقاتلين من العراق ولبنان وإيران إلى سورية لتدعم بقوة نظام بشار الأسد.

ويبيّن الخبير في شؤون الطيران، "إيمانويل اوتولنغي"، من منظمة "فاوندشن فور ديفنس أوف ديموكراسيس" الأميركية أن طائرات "ماهان" تعد من أهم تدابير الحفاظ على نظام الأسد.

وتنظم الشركة أيضاً في الوقت نفسه رحلات إلى مختلف المدن الأوروبية، بينها رحلتان أسبوعيتان من مطار "الإمام الخميني" في طهران إلى ميونيخ ودوسلدورف. وتنقل بذلك المئات من المسافرين في طائراتها الأوروبية الصنع.

رحلات سرية

ولا تظهر الرحلات السرية لصالح نظام الأسد على خارطة وجهات الشركة، فالنقاط الخضراء تدل على الوجهات الحالية والصفراء المخطط لها والوردية تمثل الرحلات الموسمية.

وبحسب الخارطة فإنه على الرغم من أن الشركة تنظم رحلات كثيرة إلى الشرق الأوسط وأوروبا إلا أنها لا تنظم رحلة واحدة إلى سورية بشكل رسمي.لكن موقع "Flightradar24 "الذي يتيح تعقب الرحلات التي تقوم بها طائرات قد شغلت الجهاز المرسل - المجيب فيها، الذي أظهر بيانات مختلفة عن رحلات الشركة.

ويتوجب على جميع الطائرات التي تقوم برحلات مدنية تشغيل الجهاز المذكور على الدوام؛ ليتمكن المراقبون الجويون من تعقبها، وبالتالي تجنيبها الاصطدام بالطائرات الأخرى.

ويظهر الموقع أن شركة الطيران المذكورة توجّه رحلات كثيرة بين إيران وسورية، تقريباً بشكل يومي.

وتذكر الصحيفة أن بيروت تعد من معاقل ميليشيا"حزب الله" المصنف منظمةً إرهابية، الذي يحارب الآلاف من مقاتليه إلى جانب نظام الأسد في سوريا بما فيها قرب حلب، وأن شركة ماهان قامت بنقلهم إليها فيما يبدو.وتضرب مثالاً آخر أكثر خطورة عن هذه الرحلات السرية، وكيف ظهرت طائرة من العدم فوق حلب في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وكانت طائرة من طراز Airbus A310، التي تستخدمها الشركة أيضاً في رحلاتها إلى ألمانيا أيضاً، قد شغلت جهاز التعقب بعد بلوغها ارتفاع 9000 كيلومتر على بعد عدة كيلومترات جنوب حلب. وتتكهن الصحيفة بأن الطيار أراد كسب الارتفاع بعد انطلاقه من حلب قبل أن يظهر كأي طائرة عادية متجهة للاذقية.

ونتيجة للظهورالمفاجئ للطائرة تظهر صورة موقع "Flightradar24" هبوطها في البحر، وهو تمثيل مغلوط لمسارها.

ووفقاً لبيانات الموقع المتوافرة لم يسبق أن هبطت طائرات شركة ماهان في حلب، لكن مراقب حركة الطيران أوتولنغي يفسر ذلك بأنه "يمكن بالطبع لطائرات ماهان أن تغلق أجهزة التعقب خاصتها في مثل هذه الرحلات الخاصة"، مضيفاً أنهم يعتمدون على بيانات الرحلات التجارية ويجدون بانتظام طائرات مشبوهة تختفي فجأة عن الشاشة؛ لذا من الممكن حدوث ذلك، لكنهم لا يستطيعون تأكيده.

وتؤكد الصحيفة أنه ليست بيانات أجهزة التعقب تُظهر فقط الرحلات السرية التي تنفذها إيران لصالح نظام الأسد، إذ التقط النشطاء السوريون باستمرار أشرطة فيديو لها فوق شمال سورية.

وأوضحت أن بعض الصور الملتقطة سابقاً غير واضحة وتظهر الطائرات وهي على علو مرتفع ولا يمكن التعرف على وجهتها، مشيرة إلى إمكانية رؤية العلامة الخضراء الفاتحة على ذيل الطائرة، التي تشير إلى أنها من طراز Airbus A300 أو A310، ما يجعلها محددة الهوية كطائرة تابعة لشركة ماهان.

وتلفت إلى أن النشطاء تمكنوا في 9 مايو/أيار الجاري من التقاط فيديو واضح لطائرة من طراز Airbus A-310 تابعة للشركة الإيرانية تحلق فوق مدينة حريتان شمال حلب.

ويقول الخبير "إيمانويل أوتولنغي " إن الطائرة تحلق على ارتفاع منخفض فيما يبدو، ومن الممكن أنها تابعة لشركة ماهان كانت متجهة لحلب لإيصال المقاتلين إليها.

تجاهل للعقوبات

وتوضح الصحيفة أن وزارة المالية الأميركية وضعت شركة "ماهان" للطيران على لائحة العقوبات في عام 2011 كداعمٍ لمنظمات إرهابية معروفة، ثم شددت من العقوبات المفروضة عليها مجدداً في شهر مارس/آذار من عام 2016، لتشمل داعميها في الخارج. لكن الشركة لم توسّع نطاق رحلاتها فحسب بل اشترت طائرات جديدة من شركة "إيربس" الأوروبية المصنعة للطائرات، كما تظهر الشركة مفتخرة على موقعها الإلكتروني.

وتم الحصول على الطائرات الجديدة وفقاً لعقد بين الطرفين وقع في شهر مايو/أيار 2015، تحصل بموجبها الشركة الإيرانية على 9 طائرات إيرباص.

ويوضح الخبير الأميركي "أوتولنغي" أن الأوروبيين يتجاهلون العقوبات الأميركية على طائرات "ماهان" متذرعين بعدم وجود أدلة كافية على نقلها لإرهابيين وأسلحة. لذا كان الدليل على مشاركة طيران ماهان في هجوم الأسد على حلب مهماً، على حد تعبيره.

وبيّن أن الأميركيين ذعروا من الصفقة التي تمت مع ماهان في 2015؛ لأنها شكلت خرقاً على الحظر المفروض عليها.

ويلقي الخبير باللائمة أيضاً على الرئيس الأميركي "باراك أوباما" الذي لم يتبع كلماته عن العقوبات ضد شركة ماهان بالأفعال، ما جعل الأوروبيين يواصلون بثقة تجاهل العقوبات الأميركية ضد الشركة.

وتتساءل الصحيفة أخيراً عن ردّة الفعل التي ستبديها الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي إزاء دعم الشركة الفعال أكثر من أي وقت مضى ونقلها آلاف الجنود من وإلى سورية بحسب تحقيقها هذا.