عمر سليمان..أسعد شخص في العالم | فيديو

دلير يوسف - كاتب ومخرج من سوريا
عمر سليمان، ناشر السعادة في كلّ البلاد التي يحط فيها، يتلقى الكثير من الشتم والسباب من قبل سوريين. على الضفة الأخرى هناك جمهور سوري كبير له وخاصة من فئة الشباب محبي الموسيقى الإلكترونيّة.
من غير المفهوم هذا الهجوم على شخص سليمان، الذي قد يكون الشخص الأسعد في هذا الكوكب، أو على الأقل من أكثر الأشخاص نشرا للسعادة من خلال موسيقاه
"جردوه من الجنسيّة السوريّة بشرفكم، والله فضحنا، اعتقلوه.. قوصوه.. اشنقوه.. اعملوا أي شي"، يقول أحد المعلقين على صورة من صور المغني السوري عمر سليمان منشورة في إحدى صفحات فيسبوك. وفي الجهة المقابلة يكتب أدمن صفحة "ولدي ماهر الصفحة الرسميّة" والتي يقوم بنسبها إلى ماهر ابن المغني السوري فائق الشهرة عمر سليمان: "اش المشكلة بأنه الواحد يحاول يرسم البسط والفرح بغنانيه.. كل الدول اللي زارها الوالد من اليابان إلى أمريكا والمناطق اللي بينهم حبو الوالد وفنه اللي له نوع خاص مختلف عن فنانيهم العالمين الآخرين". من غير المفهوم هذا الهجوم على شخص سليمان، الذي قد يكون الإنسان الأسعد في هذا الكوكب، أو على الأقل هو من أكثر الأشخاص نشرًا للحب والسعادة من خلال موسيقاه وأغانيه القادمة من منطقة الجزيرة السوريّة والمكونة من خليط ألحان كرديّة وعربيّة مضيفًا إليها موسيقى إلكترونيّة. لا يمكن تفسير الهجوم على شخص سليمان لأنه يرتدي "الجلابية" (وتسمى الدشداشة في مناطق أخرى) على المسرح سوى بأنّه نظرة فوقيّة للمدينة على حساب الريف أو ربما هي نظرة سطحيّة لما يقدمه الرجل. لا يمكن تفهّم وصف الرجل بالمهرج ورفض إطلاق لقب فنان أو مغني عليه لمجرد أنّه مختلف عن الآخرين، مع الاحترام الكامل لأصدقائنا المهرجين. قد يكمن سر الهجوم الحاد والسخرية التي تصيب الفنان عمر سليمان هي عقدة الرجل الأبيض، فهذا "الشيء" القادم من تراث إحدى المناطق السوريّة، المنسيّة أصلًا، يتصدر كبريات المسارح في العالم، وبطاقات حفلاته تباع حتى آخرها، كيف يمكن لنا قبول أن يقوم رجل يرتدي الجلابية بالغناء للآلاف حول العالم؟ لا والأكثر من ذلك أنّ هؤلاء الأغبياء يرقصون على إيقاعاته. هذه عقدة الإنسان الأبيض التي تصيب بعض جهّال القوم، هؤلاء من يظنون بأنّهم يحملون قيم الحضارة والفن فقط لأنّهم سكان مدن كبيرة. بالطبع أنا لا أقصد هنا لون بشرة الشخص حين أقول الرجل الأبيض، بل هي عقدة الاستعلاء على الآخرين.
قد يكمن سر الهجوم الحاد والسخرية التي تصيب الفنان عمر سليمان هي عقدة الرجل الأبيض
حفاظّا على أنفسنا وعلى الخيط الرفيع الذي يفصلنا عن الوقوع في هاويّة لا قرار لها علينا أن نحافظ على الاختلاف ولو كان بغير رغبتنا، ليس فقط فنيًّا وليس فقط موسيقيًّا بل في كافة المجالات وعلى جميع الأصعدة، من أجل أن نحافظ على حريّة الأفراد في لبس ما يشاؤون ساعة ما شاؤوا وأن يغنوا أغنياتهم التي يرغبون بها كيفما أرادوا. من أجل أن لا نعيش في عالم اللون الواحد والنمط الواحد والشكل الواحد، كي نحافظ على خصوصيّة كلّ فرد وكلّ مجتمع مهما صغر أو كبر علينا أن نقبل بموسيقى عمر سليمان كما موسيقى فيفالدي كما مارسيل خليفة وبيتهوفن وأم كلثوم ومايكل جاكسون، علينا أن نقبل الجميع مهما اختلفوا عنّا، ومهما كانوا بعيدين عنّا ثقافيّّا أو جغرافيًّا. على كلّ حال عزيزي القارئ ما عليّ إلا أن أنصحك بسماع موسيقى عمر سليمان بصوت عال واترك لنفسك العنان ولا تتحكم بها، دع جسدك يهتز ويتراقص علي إيقاعات هذه الأغاني أغمض عينيك وانطلق إلى عالم جديد. حين تتعب بعد ساعة أو اثنتين وترغب في أن تستريح إلى حاسوبك أو إلى هاتفك المحمول وتتصفح موقع فيسبوك فعليك بصفحة ابن عمر سليمان "ولدي ماهر الصفحة الرسميّة" واقرأ ذكاء وبساطة وسخريّة منشورات هذا الشخص. افعل ذلك ولن تندم صدقني.