ثالث حوادث الطيران بمصر.. يعمق جراح سياحتها واقتصادها


كثيرة هي الأزمات التي عصفت بالاقتصاد المصري، وأبرزها ما تعرض له قطاع السياحة من جراء النكبات المتتابعة، التي زادها سقوط الطائرة الروسية التي ما كادت مصر تخرج من لعنتها حتى جاء اختطاف الطائرة التي توجهت لقبرص، الثلاثاء 29 مارس/آذار، ثم فقدان الطائرة القادمة من باريس إلى القاهرة، الخميس 19 مايو/أيار الحالي.

ورغم أنها انطلقت من باريس دون مشاكل كان دخولها الأجواء المصرية بعشرة أميال نقطة بداية لأزمة ستتكشف قريباً، لتحدد مصير 66 شخصاً، حيث أعلنت شركة “مصر للطيران” (حكومية)، في بيان، الخميس، أن الرحلة رقم (MS804)، على متنها 56 راكباً، و10 من أفراد طاقمها، اختفت من على شاشات الرادار في ساعة مبكرة.

وتعيدنا الطائرة المصرية المفقودة إلى الطائرة التي اختطفت في مارس/آذار الماضي؛ “لأغراض رومانسية”، إلا أنها شكّلت – كغيرها من الحوادث – تأثيراً في نشاط السياحة والحركة الجوية في الأجواء المصرية.

فبعد ساعات من إعلان احتجاز ركاب على متن طائرة “مصر للطيران” أيضاً، وأجبرها الخاطف على التحول لمطار لارنكا في قبرص، أكد “الاتحاد الروسي للسياحة” أن الجانب الروسي لن يستأنف الرحلات الجوية إلى مصر؛ “على خلفية اختطاف طائرة الركاب المصرية”، وذلك بعد ترقب كان يشير إلى عودة الرحلات الجوية بين البلدين.

وجاءت أزمة تلك الطائرة بعد أسبوع من إعلان وزارة الخارجية الروسية أنها لا تستبعد استئناف الرحلات الجوية من روسيا إلى مصر بحلول الصيف، وهو ما ينبىء بتراجع موسكو عن قرارها من جديد.

وكان “الاتحاد الروسي للسياحة” قد بعث برسالة إلى الحكومة المصرية طالب فيها بضمان سلامة المجال الجوي، وحث على ضرورة اتخاذ تدابير أمنية إضافية، وتأمين المنتجعات والمرافق السياحية في مصر بما يضمن سلامة السائح الروسي قبل استئناف الرحلات المعلقة.

وقررت روسيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تعليق الرحلات الجوية السياحية إلى مصر؛ بعد تحطم طائرة تابعة لشركة الطيران الروسية “كوغاليم أفيا” فوق شبه جزيرة سيناء المصرية، بعيد إقلاعها من مطار شرم الشيخ؛ نتيجة عمل إرهابي، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها الـ217، وأفراد طاقمها الـ7.

وجاء قرار تعليق حركة الطيران من قبل روسيا وبريطانيا كالصاعقة على النظام المصري؛ باعتبار أنه نذير شؤم للاستثمار، ورسالة للخارج بانعدام الأمن في مصر، حيث يعد السياح الروس من أكبر الزائرين لمصر.

– السياحة المصرية تتهاوى

رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، كان قد كشف مطلع مارس/آذار 2016، أن إيرادات السياحة المصرية تراجعت بنحو 1.3 مليار دولار، منذ تحطم الطائرة الروسية في سيناء العام الماضي.

من جهته كان وزير السياحة المصري، هشام زعزوع، قد صرح منتصف شهر يناير/كانون الثاني، أن خسائر قطاع السياحة منذ حادث سقوط الطائرة الروسية بلغت 2.2 مليار جنيه مصري شهرياً (283 مليون دولار).

وتأتي تلك الأزمات التي تعصف بالسياحة المصرية في وقت قدرت الخسائر التي لحقت بقطاع السياحة بنصف العائدات السنوية في مصر، حيث كانت في عام 2010 تقدر بقيمة 14 مليار دولار، في حين بلغت نحو 6 مليارات دولار خلال عام 2015.

وخلال السنوات الأربع الماضية تكبدت السياحة النيلية خسائر قدرت بـ8 مليارات دولار، وقد أوقفت 286 فندقاً عائماً بسبب الاضطرابات الأمنية، وتوقفت الرحلات النيلية الطويلة في محافظتي الأقصر وأسوان جنوبي البلاد.

وتوجه وزارة السياحة المصرية منذ حادثة الطائرة الروسية الاتهامات إلى الأجهزة الأمنية، مؤكدةً أن الأخيرة رفضت الاعتراف بفشلها في تأمين مطار شرم الشيخ؛ حفاظاً على صورتها أمام الرأي العام المصري والدولي، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة.

وسعت وزارة السياحة إلى تشجيع السياحة المحلية في محاولة لتغطية أزمتها مع الخارج، إلا أن الكوارث المتلاحقة في السياحة النيلية في تلك الفترة أثارت خشية المصريين من التجول بين المناطق السياحية.

كما يعيش الاقتصاد المصري حالة اقتصادية متردية بعدما كسر الدولار حاجز الـ10 جنيهات، ولا سيما بعد الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي، التي كان من شأنها أن تفاقم تلك الأزمة.

ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن مصر اعتمدت مؤخراً على معونات الخليج، إلا أنه – بالتزامن مع مشكلات الخليج بسبب انخفاض سعر النفط – أوقفت تلك المعونات التي تُقدم إلى مصر، ولا تجد مصر حالياً من يقف بجوارها.

وكانت مصر حصلت على ودائع من عدد من دول الخليج العربي، ومنها السعودية، والكويت، والإمارات، والبحرين، بقيمة 6 مليارات دولار خلال عام 2015.