ماذا لو دخلت (روسيا – بوتين) حربا ضد المحور السني؟

21 أيار (مايو - ماي)، 2016

8 minutes

  ماذا لو دخلت روسيا حربا ضد دول المحور السني “السعودية-تركيا-قطر” الرافضة للاحتلال الروسي الإيراني لسوريا، سيناريو كارثي خطير، أثاره بناء روسيا القيصرية قواعد عسكرية جديدة في سوريا، فهل يمكن أن تتحول إلى رأس حربة ضد دول المنطقة، وأداة تهديد وابتزاز بعد عسكرة المنطقة من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المعروف بجرأته والذي أمطر هذه الدول بسيل من التهديدات على لسان مصادر مقربة، فإلى أين تتجه منصات القواعد الجديدة ومن تستهدف، وماذا بعد عسكرة روسيا بقواعد ليس من الواضح أنها مؤقتة، وماذا لو بقيت في سوريا بشكل دائم، وشرعنت وضعها ضمن الدستور المراد تفصيله تحت بصر الحلف الروسي الإيراني، وطالما ظلت روسيا في حلف مع إيران، يثار تساؤل حرج هل تستغلها إيران في يوم ما ضد الخليج في ظل صفقة محتملة؟

ماذا لو قررت السعودية والمحور السني التدخل البري في سوريا، سيكون قرارها مقيدا وحذر للغاية في ظل كثافة القواعد الروسية في سوريا وقربها الجغرافي من دول الخليج، يضاف إلى ذلك خطورة التحالف البحري بين إيران وروسيا حين جربت روسيا قصف سوريا من بحر قزوين، بحسب مراقبين.

قاعدة عسكرية روسية جديدة في تدمر

يعمل الجيش الروسي على بناء قاعدة عسكرية جديدة في مدينة تدمر، ضمن المدينة الأثرية المصنفة على لوائح التراث لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونيسكو”، ومن دون الحصول على إذن من “السلطات المعنية”، وفق ما أكدت منظمة أمريكية تعنى بالتراث ومسؤول آثار سوري.

ونشرت المدرسة الأمريكية لمبادرة الأبحاث الشرقية والتراث الثقافي، صوراً من الأقمار الاصطناعية والشركة التحليلية “ديجيتال غلوب”، تظهر أعمال البناء على حافة المدينة الأثرية التي دمرت جراء المعارك التي جرت في وقت سابق بين مقاتلي تنظيم “داعش” من جهة، وقوات النظام والميليشيات المتحالفة معها مدعومة بالطيران الروسي من جهة أخرى.

القدرات العسكرية الروسية

من جهته أكد متحدث عسكري أمريكي، بأن روسيا سحبت القليل من قواتها في سورية منذ إعلان الرئيس “فلاديمير بوتين” انسحاباً جزئياً في مارس، حيث رصد العقيد “ستيف وارن” المتحدث الأمريكي أثناء مؤتمر بالدائرة التلفزيونية المغلقة من بغداد أمس الأربعاء، إن “القدرات” العسكرية الروسية في سورية هي ذاتها تقريباً أو شبه مماثلة لما كانت عليه قبل إعلان “بوتين“.

وأوضح أن الروس “لا يزالون يملكون قوات جوية هناك وقوات برية ومدفعية”. وتابع: “كما لا تزال لديهم قوات خاصة تقدم المشورة والمساعدة لقوات النظام“.

وفي سياق متصل، أعلن المتحدث أن القوات الروسية أقامت “قاعدة متقدمة” في تدمر وسط سورية التي سيطرت عليها قوات النظام والميليشيات المتحالف معها في مارس، منوهاً إلى أنه “من المبكر معرفة أن كانت القاعدة لأمد بعيد أو قصير إلا أن هذه القاعدة تمنح الروس رأس جسر لحضور أكثر استقراراً في المنطقة“.

روسيا تتمدد

في مقال بعنوان “روسيا في سوريا…باقية وتتمدد” للكاتبة “موناليزا فريحة” بصحيفة النهار في 11 مايو، رصدت ملاحظات الصحافيين الذين دعتهم موسكو للتوجه إلى سوريا، أهمها وجود قواعد عدة تضم طائرات هليكوبتر روسية قرب حمص وتدمر وغيرهما، إلا أن أكثر ما فأجأهم، كما قال مراسل شبكة “سي أن أن” الأميركية للتلفزيون، هو رؤية هذا العدد من الجنود الروس في مواقع عدة من سوريا. ولفت الصحافيين الموقع الجديد الذي بناه الجيش قرب تدمر الأثرية. ومع أن الموقع نظرياً هو قاعدة للفريق الذي أزال آلاف الألغام من تدمر وضواحيها في الأسابيع الأخيرة، لاحظ الصحافيون أن العتاد المنتشر فيها يتجاوز كاسحات الالغام إلى عشرات الآليات القتالية وناقلات الجند المدرعة، وصولاً إلى نظام للدفاع الجوي من طراز “بانتسير- س 1” القادر على إطلاق صواريخ وقذائف على طائرات.“

روسيا تنفي

برغم كل هذه الشواهد في المقابل نفى اللواء إيغور كوناشينكوف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء 17 مايو/أيار صحة المعلومات التي نشرتها وسائل إعلام عن إنشاء قاعدة عسكرية روسية جديدة في مدينة تدمر السورية.

القواعد العسكرية الروسية

تنضم القاعدة الجديدة بتدمر إلى قواعد أخرى، فقد أفادت تقارير وصور من الأقمار الاصطناعية في نهاية يناير 2016، بقيام كل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية بإنشاء قواعد عسكرية في الشمال السوري، فيما نفى الجانبان تلك التقارير، وبالرغم من السيطرة الروسية على مطار حميميم قرب اللاذقية شرق سوريا، أرسلت موسكو عدداً من المهندسين والعسكريين إلى مطار مهجور بالقرب من مدينة القامشلي شمال سوريا، لتشييد ورفع كفاءة مدرج الطائرات، وتهيئته لاستقبال طائرات عسكرية، وذلك بحسب عدة تقارير وتصريحات صدرت عن أنقرة، ومسؤولين أميركيين ونشطاء سوريين.

فيما تشير تقارير إلى أن الوجود العسكري الروسي في سوريا حاليًا يتضمن، نقاط تمركز وعتاد أهمها: قاعدة عسكرية روسية في مدينة طرطوس الساحلية، قاعدة عسكرية جوية داخل مطار باسل الأسد في مدينة اللاذقية، نشر منظومة صواريخ دفاعية بعيدة المدى، أربعة آلاف جندي روسي، ثلاث فرقاطات بحرية عسكرية من نوع BUYAN M-CLASS”، فرقاطة من طراز “جيبارد”، سفينة استخبارات عسكرية من طراز “فيشنيا”، غواصة حربية من طراز “كيلو” المتطورة، سفينة حربية من طراز “سالفا”، طائرة قاذفة للقنابل من نوع “Tu”  بمختلف طرازاتها.

خطورة القواعد الروسية على أمن الخليج

التغلغل الروسي العسكري ببناء قواعد دائمة يحمل تداعيات خطيرة في ظل التهديدات العلنية والمبطنة من قبل موسكو لدول الخليج وتحالفها مع حلف “بشار خامنئي”،  من جهته حذر الكاتب السعودي “جمال خاشقجي” في مقاله بصحيفة الحياة بعنوان “خطر بوتين على السعودية!” في 27 نوفمبر 2015، من تهديدات روسيا وبوتين المتصاعدة عبر مصادرة مقربة من الرئيس الروسي بلغت الدعوة بوقاحة إلى استهداف مواقع عسكرية ونفطية في السعودية وقطر، وتهديدات ضد المحور السني “السعودية-تركيا-قطر” داعيا إلى أخذها بمحمل الجد باعتبارها صادرة من القيصر الروسي الدموي الذي أشعل ما يشبه الفاشية، ويمتلك جرأة عسكرية مثيرة للقلق في القرم ثم في سوريا.

في رصد لمصادر التهديد قال “خاشقجي” :”الأفضل أن نأخذ على محمل الجد التهديدات الروسية المبطنة في شكل مقالة في صحيفة «البرافدا» تدعو إلى معاقبة المملكة وقطر وتركيا قبل أن تكون الدول الثلاث سبباً في بدء حرب عالمية ثالثة، لدعمها «داعش»! وفق زعم الجريدة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو مقالة أخرى في موقع «صدى موسكو» لمستشار سابق للرئيس، يدعو فيها بوقاحة إلى استهداف مواقع عسكرية ونفطية في المملكة وقطر. نعم بوتين أحمق ودموي ولا يؤتمن وأعتقد بأنه يكرهنا أيضاً، ويجب أن نعتبر هذه التهديدات صادرة عنه مباشرة.”

طبيعة بوتين خطر بحد ذاته فقد أشار “خاشقجي” إلى أنه :”مضى بوتين منتصراً من الشيشان التي أوغل فيها قتلاً وتدميراً، إلى أوكرانيا فضم القرم إلى الإمبراطورية، مخالفاً بذلك الشرعية الدولية، لكنه زمن أوباما، الرئيس الأميركي الذي يحتاج إلى من يترجم له المثل العربي «أشبعتهم سباً ومضوا بالإبل»! احتج الغرب وأرغى وأزبد، ثم قبل بالأمر الواقع، ثم جاء القيصر إلى عالمنا العربي حيث يزعم أن له فيه «مصالح حيوية»، فدخله من دون استئذان وتربع فيه، وتحالف مع الأقلية الطائفية وشرع معها يقتل ويستبد ويفرض أمره الواقع.”