هل يضمن الغرب التفوق النوعي للخليج في مواجهة إيران؟


 أصبح “مشروع الدرع الدفاعية” للخليج خط أحمر، وضرورة قصوى، وفي ظل التهديدات المتنامية صار ملف الدفاع يتصدر استراتيجية الخليج العسكرية، ولكن السؤال هل تصلح واشنطن أن تستمر كشريك وداعم وراع لهذا المشروع، وهل تفي بوعودها بدعمه، وهل تقبل بتفوق نوعي ما ضد طهران، وهل أصبح الغرب في الأصل مؤتمن على أمن الخليج، في ظل سياسة نفض اليدين الأمريكية، وتأييدها للمواقف الروسية الإيرانية في سوريا والعراق، وهل على الخليج أن يطور قدرات الدفاع الذاتية حتى لا يصبح مكشوفا لحليف متواطيء على أمنه ومستقبله، كذلك لم تتخذ واشنطن خطوات جادة لتحجيم الدعم الروسي اللامحدود لتطوير القوات الدفاعية الإيرانية وقواتها المسلحة، ولم تستطع الإدارة الأمريكية تقييد برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية المتنامي.

بعد تهديد إيران الفج بغلق مضيق هرمز، وإعلانها تجهيز إرسال خمس ألوية إيرانية برية إلى العراق، ودعوة مسؤولين فيها إلى تأسيس حرس ثوري عراقي، وقرار الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني باستهداف الرياض بدلا من تل أبيب عبر حزب الله، صارت هناك معادلة عسكرية جديدة تنطوي على مواجهة تهديدات دولة وميلشيات مسلحة مدربة تعلن العداء والتهديد ولا تبطنه، فإلى أي مدى تستطيع اتفاقيات الدفاع الخليجية مواجهة هذه التحديات، كذلك القواعد العسكرية الأجنبية تحقق توازن الردع أم أنها ستكون عبئا على أمن الخليج؟

في الوقت نفسه هناك مخاوف متنامية من أن يتحول مشروع الدرع الدفاعية إلى فرصة لشركات السلاح الأمريكية لعقد حزمة من الصفقات، ومزيد من التغلغل العسكري الأمريكي لدول المنطقة، بحسب مراقبين.

مشروع الدرع الدفاعية      

أكد الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، ل”الشرق الأوسط” أن التنسيق بين دول الخليج والولايات المتحدة يجري من أجل مشروع الدرع الدفاعية، ونشر الدوريات البحرية في مياه الخليج، وتنفيذ مقررات قمة كامب ديفيد التي جمعت الريئس الأمريكي باراك أوباما وزعماء دول الخليج العام الماضي، إضافة إلى ما أسفر عنه اجتماع وزراء الدفاع الخليجيين ونظيرهم الأمريكي آشتون كارتر الشهر الماضي، في العاصمة السعودية الرياض.

وعود تنتظر التنفيذ

وعود أمريكية تنتظر التنفيذ، فقد كشف أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عبداللطيف الزياني، في 20 أبريل 2016 عن الخطوات الخليجية الأمريكية التي ستُتخذ في مجال تعزيز التعاون العسكري في عدة مجالات من بينها منظومة الدفاع الصاروخي والأمن البحري، والتسليح والتدريب العسكري وأمن الفضاء الإلكتروني أو السيبراني، وهي مجالات مهمة وحيوية، لتعزيز القدرات العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي وتمكينها من بناء جاهزيتها الدفاعية للحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.”

وكشف الزياني أنه من تلك الخطوات، : التعاون في مجال الدفاع الجوي الصاروخي عبر مساهمة أمريكا بناء قدرات دول المجلس للتصدي لهذه التهديدات، وأيضا رفع الجاهزية والكفاءة القتالية للقوات المسلحة بدول المجلس، عن طريق التمارين المشتركة للقوات البرية والجوية والدفاع الجوي والبري والقوات البحرية والقوات الخاصة، ومكافحة الأنشطة البحرية الإيرانية المخالفة من خلال العمليات المشتركة لاعتراض الأسلحة الإيرانية  الموجهة لليمن أو غيرها من مناطق الصراع.”

من جانبه، قال كارتر: اليوم أكدت مجددا على التزام أمريكا بأمن شركائنا في الخليج، بما في ذلك الالتزام الذي أعرب عنه الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في القمة الخليجية الأمريكية في مايو الماضي.”

لماذا الدرع الدفاعي الآن؟

المثير للجدل أن فكرة نشر الدرع الصاروخي قديمة جديدة لكنها تصاعدت بالتزامن مع إقرار الاتفاق النووي الإيراني في أبريل 2015 ، وفي إطار سعي واشنطن لطمأنة الحليف الخليجي، من خطر محدق لا محالة، فقد أكد مسؤولون وعسكريون أمريكيون أن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران لا يتعارض مع نظام الدفاع الصاروخي الإقليمي في الخليج، قائلين إن طهران تمتلك أكبر مخزون من الصواريخ في المنطقة.

وصرح روبرت شير مساعد وزير الدفاع الأمريكي في 10 سبتمبر 2015 بأن البنتاغون سيواصل الضغط من أجل برامج دفاع صاروخية جماعية لأن الاتفاق النووي لا يتعلق بأنشطة إيران الخاصة بالصواريخ الباليستية.

وقال شير أمام اللجنة الفرعية للقوات الاستراتيجية التابعة للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب “ما من شك لدي في أن أنشطة الصواريخ الباليستية الإيرانية تمثل خطرا على الولايات المتحدة وعلى حلفائنا وشركائنا في أوروبا وإسرائيل والخليج”، حيث يرى خبراء أن طهران تمتلك أكبر مخزون من صواريخ كروز القصيرة والمتوسطة المدى والصواريخ الباليستية في المنطقة.

غلق مضيق هرمز وصواريخ بالستية   

يأتي السعي لتنفيذ مشروع الدرع الدفاعية الخليجي بتوقيت شديد الحساسية، فقد هدد الجنرال حسين سلامي، نائب قائد «الحرس الثوري» الإيراني، بإغلاق مضيق هرمز الحيوي لتجارة النفط، أمام السفن الحربية للولايات المتحدة وحلفائها، إذا «هُددت» طهران، وذلك في معرض تعليقه على مشروع قرار جديد للكونغرس الأميركي يستهدف فرض عقوبات جديدة على برنامج إيران الصاروخي، عقب استمرار طهران بإجراء اختبارات على صواريخ بالستية تحمل رؤوساً نووية، ما يعد انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن إيران.

وهدد سلامي في مقابلة مع القناة الأولى للتلفزيون الإيراني بالرد على أميركا في حال مصادقة الكونغرس على مشروع القرار، الذي ينص أيضاً على وضع قيود على المناورات الإيرانية في الخليج.

في الوقت نفسه هناك مخاوف من سعي إيران لضمان تفوقها الإقليمي، فهناك نقاش جار بين موسكو وطهران حول تزويد الأخيرة بمعدات حديثة يرى بعضهم فيها محاولة لجعل موازين القوى في المنطقة في مصلحة الإيرانيين، بينها مقاتلات حديثة من طراز «سوخوي» ودبابات «تي 90» التي تعد الجيل الأكثر تطوراً في روسيا. وهذا يأتي بعد إتمام صفقة صواريخ «إس 300»، وبدء الحديث عن صفقات مماثلة محتملة في مجال الدفاع الجوي.

في مواجهة إيران

في سبتمبر 2012 تحدث مراقبون عن ترحيب بإقامة الدرع الصاروخي الخليجي، وأنه سيجعل العلاقة بين إيران ودول الخليج ستزداد توترا، خاصة مع تهديدات إيران السابقة بإغلاق مضيق هرمز، ووفق مسؤولين أميركيين ووثائق عامة، فإن المنظومة الدفاعية الخليجية تهدف لحماية المدن ومصافي النفط وخطوط الأنابيب والقواعد العسكرية الأميركية إزاء الخطر الإيراني.

يشار إلى أن الدرع الصاروخية مشروع ضخم ليس وليد اليوم، بل سبق وأن تم طرحه في أكثر من مناسبة خاصة بعد حرب الخليج الثانية عام 1990، بينما كان التأجيل من قبل قادة الدفاع الخليجيين، وقيل حينها أن الدرع الصاروخية تمثل إستراتيجية جديدة ذات مهمة مستقبلية تكمن فقط في ربط الأنظمة الصاروخية الموجودة بدول مجلس التعاون لتكون بمثابة أساس إنشاء المنظومة، باعتبار أن تطور الأنظمة الدفاعية بالدول الخليجية الست والمتمثلة بالصواريخ المضادة للصواريخ بعيدة المدى سيسهّل جمعها بدرع مشترك يكفل الحماية في حالة تعرضها لهجوم إيراني محتمل.

الثقة في الحليف الأمريكي في مهب الريح     

يتساءل مراقبون كيف يمكن للخليج أن يثق بالحليف الأمريكي في ظل حقائق مثيرة للقلق منها إعلان قائد سلاح الجو لـ”الحرس الثوري” الإيراني، العميد “أمير علي حاجي زاده”، وجود “خط  تواصل” بين طهران وواشنطن في المجال العسكري، منذ حرب الخليج الأولى، خلال تصريحات صحفية أدلى بها “زاده” في مدينة قم شمالي إيران، ونقلتها وكالة أنباء “فارس” الإيرانية.وأضاف زاده “كما هو الحال في المجال السياسي، فهناك خط تواصل عسكري بين القوات المسلحة الإيرانية ووزارة الدفاع الأمريكية، منذ الحرب العراقية الإيرانية (امتدت من سبتمبر1980 حتى أغسطس 1988).