‘معاريف: ليبرمان لن يضرب السد العالي’
22 مايو، 2016
رأى “يوسي ميلمان” محلل الشئون العسكرية بصحيفة “معاريف” الإسرائيلية أن تعيين اليميني المتطرف أفيجدور ليبرمان في منصب وزير الدفاع لا يجب أن يثير القلق.
ذلك لأن وضع الرجل الذي صرح في الماضي بقصف السد العالي واحتلال قطاع غزة، يختلف الآن. بكلمات أخرى تختلف المواقف السياسية للمعارض عندما يصبح مسئولا في الحكومة، على حد قول الصحيفة.
ورغم افتقاره للخبرة العسكرية، قال “ميلمان” إن وزراء دفاع كثر في تاريخ إسرائيل مثل ليفي أشكوك وموشيه آرنس لم يكن لديهم سجل عسكري، لكنهم لم يكونوا سيئين على حد قوله، مختتما بالقول إن ليبرمان وليس كما يتوقع البعض لن يشعل الحرائق بالشرق الأوسط.
يقترب أفيجدور ليبرمان من تحقيق انتصار آخر في طريقه لتحقيق حلمه: شغل منصب رئيس وزراء إسرائيل ذات يوم. بالنسبة له وزارة الدفاع محطة هامة في رحلته لقيادة معسكر اليمين، وللمنزل في شارع بولفور بالقدس، هناك سيرث بنيامين نتنياهو، الذي مهد بيديه طريقه إلى هناك.
عندما يدخل ليبرمان إلى مكتبه في الطابق الـ 14 ببرج وزارة الدفاع الكرياه (مقر هيئة الأركان العامة ووزارة الدفاع الإسرائيلية في سارونا وسط تل أبيب) فيجب أن تثير بعض أقواله القلق. ليس فقط في إسرائيل بل أيضا لدى الأصدقاء والأعداء على حد سواء.
في 2001 على خلفية تناقضات في العلاقات بين إسرائيل ومصر، حذر ليبرمان أنه حال اندلاع حرب فسوف تقصف إسرائيل السد العالي. وخلال الحرب الأخيرة على غزة صيف 2014، وكعضو في المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) اشتبك مع يعالون ونتنياهو، وانتقد على نحو غير مباشر إدارة الجيش الإسرائيلي للحرب.
طالب باحتلال قطاع غزة وإسقاط نظام حماس. قال مؤخرا إنه حال أصبح وزيرا للدفاع، فسوف يمنح رئيس حكومة حماس إسماعيل هنية مهلة، تقضي بأنه إذا لم يرجع فورا جثث الجنود (هدار جولدين وأورون شاؤول)، فمن الأفضل له أن يبحث لنفسه عن قبر.
كذلك عاد ليبرمان وطالب التعامل بقبضة حديدية ضد الإرهاب الفلسطيني. وفي كثير من المناسبات طالب باتباع سياسة عدوانية وعنيدة ضد تركيا وعدم تقديم تنازلات خلال الاتصالات لتحسين العلاقات بين الدولتين، وهي الاتصالات التي لم تؤد حتى الآن إلى أية نتائج.
تشير تلك التصريحات إلى نظرة عدوانية. ليس من قبيل الصدفة يعجب ليبرمان بشدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبشكل يفوق ما يحدث بين العامة، يثير تعيينه استياء في الأركان العامة للجيش الإسرائيلي وداخل منظومة الدفاع. ليس فقط كونه يفتقر لأية خبرة عسكرية.
بعد هجرته إلى إسرائيل قادما من الاتحاد السوفيتي (مولدافيا) أدى خدمة عسكرية قصيرة استغرقت عاما في الحكم العسكري بالخليل، ومؤخرا سخر مقربون من نتنياهو من خدمته قائلين إن “الكرات الوحيدة التي مرت بجوار أذنيه كانت كرات التنس”، في إشارة لهوايته الرياضية.
نتنياهو الذي لا يفوت فرصة للتباهي بماضيه كملازم في وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة الصهيونية (سيريت ماتكال)، قال عنه إنه “رجل يفتقر للمواهب التي تؤهله لأن يكون محللا عسكريا”.
ليس هناك شك أيضا حيال نظرته مع ما يصفه يعالون ورئيس الآركان الجنرال جادي إيزنكوت بـ “قيم الجيش الإسرائيلي”. وهو ما تجلى عندما سارع في الذهاب للمحكمة العسكرية في قسطينة للإعراب عن تضامنه مع الجندي ألئور أزريا، الذي يحاكم بتهمة قتل مخرب فلسطيني مصاب.
من جانب آخر، من قال إن رجلا عسكريا يجب أن يشغل المنصب. فمدنيون مثل ليفي أشكول، وموشيه آرنس، وحتى عامير بيرتس لم يكونوا وزراء دفاع سيئين. بل ربما بالعكس. تحديدا عسكريون، شغلوا المنصب، مثل شاؤول موفاز ويعالون، يميلون لإبداء تضامن مبالغا فيه مع مكان عملهم السابق.
يجب ألا ننسى أيضا أن لدى ليبرمان خبرة كبيرة في التفاعل مع الجيش ومنظومة الدفاع في مناصبه كرئيس لجنة الخارجية والأمن، ووزير في الحكومة، وعضو في الكابينت وخمس سنوات قضاها وزيرا للخارجية.
في تلك الفترة عزز علاقات جيدة مع يوسي كوهين، الذي كان آنذاك رئيس مجلس الأمن القومي ويشغل اليوم منصب رئيس الموساد.
بعيدا عن التعبير الشائع “الأمور التي تُرى من هنا لا تُرى من هناك”، فإن لدى ليبرمان سجلا جيدا كوزير خارجية، فقد حرص على تحسين أوضاع موظفي الوزارة ولم يتردد في دخول مواجهات مع وزارة المالية. ويشهد موظفو الوزارة إنه كان يستمع خلال المناقشات بإنصات شديد للآراء المختلفة معه.
كذلك أبدى رجاحة عقل ومسئولية وانتهز كل الفرص السياسية السرية التي ظهرت في طريقه لإقامة علاقات مع دول عربية وزعماء عرب، وكان مستعدا لدراسة احتمالاتها. يجب الافتراض أنه سيفعل ذلك أيضا في منصبه الجديد. فقد دعا عدة مرات لمحاولة دراسة فرص تسوية إقليمية في مركزها السعودية، التي تحسنت العلاقات معها في العام الماضي على خلفية مخاوفها من إيران والحرب الأهلية في سوريا.
تلك العلاقات، وفقا لتقارير أجنبية، تشمل أيضا تبادل معلومات استخبارية وبيع أجهزة أمنية وتكنولوجيات متطورة. يمكن القول إن ليبرمان سيواصل الاعتناء بهذه العلاقات.
لذلك، فإن ليبرمان كوزير دفاع لن يسارع لتبني اقتراحات ليبرمان المعارض. من المشكوك فيه إن كان بأفعاله سوف يؤدي لحريق كبير بالشرق الأوسط، مثلما يتخوف عضو الكنيست بني بجين. لن يقصف ليبرمان السد العالي، ولن يحتل قطاع غزة، ولن يسقط نظام حماس، ولن يوقف التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية. بالإمكان المراهنة أيضا على أنه لن يعلن عن الحاجة لضم الضفة الغربية مثلما يطالب نفتالي بينيت.
ليبرمان، الذي سيكون مع نتنياهو مسئولا عن استخدام القوة العسكرية لإسرائيل، وستكون أصابعه قريبة أكثر من أي وقت من الأزرار الحمراء، سوف يضطر إلى أن يتعلم العيش بسلام مع رئيس أركان لا يقل عنه حزما وتحديدا للهدف، ومع لواءات لا يترددون عن إبداء رأيهم المهني.
ليبرمان، صاحب الحواس السياسية الحادة، التي لا تخلو من الأخطاء، علم منذ بضعة شهور، في محادثات مع مقربين، أنه سيصل في نهاية الأمر إلى مكتب وزير الدفاع، مثلما طالب كشرط لانضمامه للحكومة بعد الانتخابات الأخيرة.
لكن ذلك لا يحدث فقط بسبب طلبه الأخير. يصبح ذلك ممكنا بسبب نتنياهو، الذي أدرك في اللحظة الأخيرة أن هرتسوج لن يتمكن من أن يأتي معه في للائتلاف كل أعضاء التكتل الـ 24، وبفضل التوترات بينه وبين يعالون، التي وفي نهاية الأمر أوصلت ليبرمان للمنصب المراد.