on
تنظيم الدولة الإسلامية في سرت: بين الحقيقة والتهويل
تضاربت معلومات كثيرة خاصة من أجهزة الاستخبارات الغربية حول تنظيم الدولة في ليبيا وتحديدًا في مدينة سرت وأعداد مقاتليه.
آخر المعلومات التي نشرتها صحف أمريكية ونسبتها لجهاز الاستخبارات الأمريكية “C . I . A” تفيد بأن عدد مقاتلي التنظيم في سرت وصل إلى ستة ألاف مقاتل.
لكن واحدًا من أبرز القادة الميدانيين في كتيبة 166 التي كانت أول من قاتلت التنظيم في سنة 2014 على مشارف مدينة سرت يقول إن هذا العدد مبالغ فيه، معللاً كلامه بالقول “لو كان تنظيم الدولة لديه هذا العدد من المقاتلين لما انسحب من مناطق مهمة استولى عليها مثل منطقة أبو قرين الاستراتيجية، ولما اعتمد على أسلوب السيارات المفخخة وألغام الانسحاب” كما يقول هذا القائد الميداني الذي فضل عدم الكشف عن اسمه.
وأضاف القائد الميداني أن معرفة عدد مقاتلي التنظيم المتواجدين في سرت أمرًا بالغ الصعوبة ولا يقبل التكهن، مؤكدا في الوقت ذاته أن معظم مقاتلي التنظيم المتمرسين والمدربين جيدًا هم من ليبيا وتحديدًا من مدينة درنة ممن قاتلوا من قبل في العراق وأفغانستان، إضافة إلى مقاتلين من جمهورية مالي أصحاب القدرة العالية على التحمل والمدربين بشكل جيد ممن يطلق عليهم التنظيم اسم “الانغماسيين”.
ويمضي القائد الميداني في حديثه قائلاً “إن معظم قيادات التنظيم الآن هم من الأجانب لكن من أسس للتنظيم داخل سرت كانوا ليبيين قبل أن يتغول الأجانب في صفوف التنظيم ويستولوا على مراكز القيادة”.
وفي الخامس عشر من مايو الجاري قامت وحدة من تنظيم الدولة بالهجوم ليلاً على بوابة “السدادة” الواقعة على بعد 106 كيلومترات شرق مدينة مصراته بسيارة مفخخة واشتباك دام لساعات فشل التنظيم من خلاله في السيطرة على البوابة وقد خسر عددًا من مقاتليه، وقد استعان التنظيم في هذا الهجوم بأفضل وحدة مقاتلين لديه وهم “الانغماسيون”.
وحسب ما ذكره هذا القائد الميداني المطلع فإن فشل هذا الهجوم شكل انتكاسة للتنظيم وفتح في وقت ذاته الطريق لقوات عملية البنيان المرصوص فيما بعد للسيطرة من جديد على منطقة أبو قرين وما حولها والتي خضعت لأسبوعين لسيطرة التنظيم قبل أن يتقهقر منها إلى ما بعد منطقة بويرات الحسون على بعد أقل من 80 كيلومترًا عن وسط مدينة سرت.
وحسب معلومات أدلى بها بعض النازحين من مدينة سرت، فإن تنظيم الدولة بات يتحضر للمعركة داخل المدينة بإقامة سواتر ترابية وإغلاق بعض الشوارع، راسمًا خريطة للمعركة التي ومن المتوقع إن حدثت أنها ستكون حرب شوارع سيستخدم فيها التنظيم أسلوب حرب العصابات.
وخلال اقتحام مقرات التنظيم في بداية الاشتباكات بينه وبين كتيبة 166 سنة 2014 وجدت داخل مقرات التنظيم أوراق تحوي تعليمات لمقاتليه تحثهم على تجنب الاشتباك المباشر وانتهاز فرصة رداءة الطقس واستغلال الغبار للتحرك والاعتماد بشكل مباشر على المشاة.
ومنذ البداية اعتمد تنظيم الدولة على أسلوب الألغام المزروعة مستخدمًا طرقًا “بدائية” في صناعة الألغام وزرعها على جوانب الطريق وأماكن تحرك القوات المعادية والأماكن التي ينسحب منها.
وفي نهاية حديث القائد الميداني للكتيبة 166 يقول “أنا لست مع التدخل الأجنبي في هذه الحرب، أمريكا والغرب يعلمون ما يدور في سرت وهم قادرون على إنهاء التنظيم في أقل وقت لو أرادوا، لكن أهدافهم السياسية هي من تأخرهم على ضرب التنظيم”، ويضيف قائلاً “نحن نحتاج فقط لتزويدنا بالذخيرة والأسلحة المتطورة خاصة الأسلحة المضادة للدروع وكاسحات الألغام”.