صحيفة موالية للأسد: روسيا انتهت من وضع دستور لسورية وهذا أبرز ما تضمنه


قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، الموالية لنظام بشار الأسد، وميليشيا "حزب الله" اللبناني، إن روسيا انتهت من صياغة مشروع دستور جديد لسورية، وفقاً للاتفاق الذي توصلت إليه موسكو مع واشنطن في مارس/ آذار الماضي، والذي يقضي بوضع دستور قبل نهاية أغسطس/ آب المقبل.

وأشارت الصحيفة إلى أن الدستور الجديد يتضمن تعديلات جوهرية ومواد جديدة تختلف عن الدستور الساري منذ شباط 2012.

تغيرات جوهرية

ويشير الدستور الذي وضعته روسيا في المادة الأولى، إلى ذكر عبارة "الجمهورية السورية"، بعد شطب كلمة العربية، وبحسب الصحيفة فإن المادة الثانية أزالت البند المتعلق بأن دين رئيس الجمهورية ينبعي أن يكون الإسلام، كما أزالت البند الذي يتحدث عن أن الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع.

وتضمن مشروع الدستور مادة جديدة مفادها أنّه "تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية كلغتين متساويتين"، كما يحق لكل منطقة وفقاً للقانون أن تستخدم بالإضافة إلى اللغة الرسمية لغة أكثرية السكان إن كان موافقاً عليها في "الاستفاء المحلي".

ويعطي الدستور صلاحيات أكبر لـ"الإدارات المحلية" تقيّد مركزية السلطة، وتقول "الأخبار" إن المشروع الروسي يرتكز على تنظيم "وحدات الادارة المحلية على تطبيق مبدأ لا مركزية السلطات. ويبيّن القانون وضعية حكم الذاتي الثقافي الكردي. وتتولى جمعية المناطق إلى جانب جمعية الشعب (وهي تسمية بديلة لـ مجلس الشعب) السلطة التشريعية في البلاد".

ويشير الدستور إلى أن هذه الجمعة تُؤسس لـ"تكفيل مشاركة ممثلي الوحدات الإدارية في العمل التشريعي وإدارة البلد"، وتتكون من "ممثلي الوحدات الإدارية"، وينعقد مجلسها على نحو منفرد عن مجلس الشعب، ويجوز لها عقد جلسة عامة للانتخاب والاستماع إلى رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية أو قيادات الدول الأجنبية، ولها الحق في وضع نظامها الداخلي.

صلاحيات واسعة للجمعيتين

وبحسب ما نشرته "الأخبار" – ولم يتسن التأكد من صحته – فإن المشروع الروسي يمنح صلاحيات واسعة لـ"جمعية المناطق"، إلى جانب "جمعية الشعب" في مسائل عديدة كعدم جواز اللجوء إلى القضاء بحق أي عضو في الجمعيتين، بسبب التصويت أو الآراء السياسية التي يبديها.

ويضيف أنه لا يجوز توقيف أي عضو أو تفتيشه أو تقديمه إلى العدالة إلا باذن من جمعيته، على أن يؤدي أعضاء الجمعيتين القسم الدستوري ذاته. كما يستطيع الطرفان المبادرة التشريعية، ويجوز لجمعية المناطق احلال مشاريع القوانين إلى جمعية الشعب للنظر فيها.

وينظم مشروع الدستور العلاقة بين المجلسين في مادة واضحة، وتُظهر إحداها أنّه في حال "رفض رئيس الجمهورية قانون مقدّم من جميعة المناطق. يجوز لجمعية الشعب والمناطق إعادة النظر في هذا القانون. واذا جرى قراره في صيغته السابقة (بأغلبية الثلثين) من أعضاء الجمعيتين على رئيس الجمهورية التوقيع عليه خلال سبعة أيام والاعلان عنه".

ويعطي المشروع الروسي صلاحيات واسعة إضافية أيضاً لـ مجلس الشعب، كـ تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا (التي هي من صلاحيات الرئيس في الدستور الحالي)، وتعيين رئيس البنك الوطني (ويقصد به البنك المركزي) وإقالته من المنصب. كذلك ألغى المشروع الروسي التقسيم السائد لعضوية مجلس الشعب، القائم على نصف الأعضاء من فئة العمال والفلاحين، والنصف الآخر من باقي الفئات.

تخفيض صلاحيات الرئيس

ويرد في المشروع الروسي أن الشرط للترشح لرئاسة الجمهورية أن يكون المرشح قد أتم الأربعين عاماً من عمره وأن يكون متمتعاً بالجنسية السورية، وبذلك شُطبت عبارة إضافية من الدستور السابق بأنه يجب أيضاً أن يكون من "أبوين متمتعين بالجنسية السورية بالولادة"، وأن "لا يكون متزوجاً من غير سورية".

وينتخب الرئيس، حسب المشروع الروسي، لمدة سبعة أعوام ولا يجوز إعادة انتخاب الشخص نفسه إلا لولاية واحدة تالية. ويؤدي الرئيس المنتخب القسم الدستوري أمام أعضاء جمعيتي الشعب والمناطق.

وتشير مادة جديدة أخرى، إلى أنّ الرئيس يتولى "مهمة الوساطة بين سلطات الدولة وبين الدولة والمجتمع"، ويلغي المشروع أي سلطات تشريعية للرئيس.

لكن المشروع الروسي أبقى القوات المسلحة تحت قيادة رئيس سورية، على يتولى مهمات القائد الأعلى للقوات المسلحة،وفي حال العدوان أو الخطر بالعدوان، ويحقّ له اتخاذ الاجراءات للتصدي له، كما ويحق له إعلان التعبئة العامة ويطرح إلى جمعية المناطق الموافقة على إعلانها.

ويحق له أيضاً إعلان حالة الطوارئ بالموافقة المسبقة لجمعية المناطق. وفي تأكيد إضافي لدور هذه الجمعية، تتولى الأخيرة مهمات رئيس الجمهورية في حال الشغور الرئاسي أو عجز الرئيس عن تأدية مهماته، بعد إثبات عجز رئيس مجلس الوزراء أيضاً عن ذلك.

صلاحيات لمجلس الوزراء

وبما يخصّ مجلس الوزراء، يحق لرئيس الجمهورية وفق المشروع الروسي تحديد الاتجاه العام لأعمال المجلس، وهو يشرف على تنفيذ القوانين وعمل أجهزة الدولة، ولهذا المجلس مسؤولية سياسية عن أعماله أمام رئيس الجمهورية وجمعية المناطق.

وتلفت إحدى المواد إلى أنّ تعيين مناصب نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء يكون "تمسّكاً بالتمثيل النسبي لجميع الأطياف الطائفية والقومية لسكان سورية، وتُحجز بعض المناصب للأقليات القومية والطائفية". وفي مادة أخرى، تشير إلى أن على رئيس مجلس الوزراء تقديم برنامج عمل الحكومة إلى جمعية المناطق أيضاً.

ويحق للحكومة، في صلاحيات إضافية عن الدستور الساري، عقد معاهدات واتفاقيات تعطي الشركات الأجنبية حق الامتياز، والاتفاقيات التي تقصد نفقات إضافية غير منصوص عليها في الموازنة.. وأيضاً تعيين وفصل موظفين الدولة والعسكريين.

 كذلك، تستطيع الحكومة أن تصدر مراسيم أيضاً، ويجري اصدار هذه المراسيم على أساس القانون الذي يعطي الحكومة صلاحيات مناسبة.

ويحق لثلث أعضاء جمعية المناطق طرح حجب الثقة عن الحكومة، كما يحق للجمعيتين "المناطق والشعب حسب التسمية الجديدة" في جلستهما المشتركة حجب الثقة عن الحكومة بأغلبية أصوات الحاضرين. وغاب عن المشروع الروسي أي إشارة لما ذكر في دستور 2012 بأنّ "رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء مسؤولون أمام رئيس الجمهورية" وأنّ للأخير الحق في إحالة هؤلاء إلى المحاكمة (المادتين 121 و124).

المحكمة الدستورية العليا

المشروع الروسي أضاف 4 أعضاء للمحكمة لتؤلف من 11 عضواً تعيّنهم جمعية المناطق، بعدما كان يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم (المادة 140).

وفي الأحكام الانتقالية، يشير المشروع الروسي إلى أنّه تبقى التشريعات الصادرة سابقاً سارية المفعول إلى أن تعدل بما يتوافق مع أحكام الدستور الجديد، على أن يجري التعديل خلال سنة واحدة منذ تبني الدستور.
ويجري انتخابات الترتيب الجديد لجمعية المناطق خلال فترة لا تزيد على سنة منذ تبني الدستور الجديد، الذي يعد نافذاً بعد اجراء استفتاء عليه.

دور القوات المسلحة

يلفت المشروع الروسي إلى أنّ القوات المسلحة تكون تحت الرقابة من قبل المجتمع ولا تتدخل في مجال المصالح السياسية ولا تؤدي دوراً في عملية انتقال السلطة. ويحرم تنظيم أعمال عسكرية أو ذات طابع عسكري خارج سلطة الدولة.
أما في الدستور الساري، فدور الجيش والقوات المسلحة هو الدفاع عن سلامة أرض الوطن وسيادته الاقليمية. (المادة 11).
وعن الخدمة الالزامية، جاءت في الدستور الجديد على نحو فضفاض وعام، بأنّه يؤدي مواطنو سورية الخدمة العسكرية وفقاً للقانون، بعدما كانت وفقاً لدستور 2012 الخدمة العسكرية الالزامية واجب مقدس وتنظم بقانون (المادة 46).

نحو اقتصاد ليبرالي

ويُظهر المشروع الروسي نزوعاً كبيراً نحو الاقتصاد الحر، بتأكيد إحدى المواد أن سورية تُؤمّن حرية النشاط الاقتصادي وتُعترف بها الملكية الخاصة. وتخلق الدولة على أساس علاقات السوق ظروفاً لتطوير الاقتصاد وتضمن حرية الأعمال. وتضمن حرية تنقل البضائع والرساميل. وأن الموارد الطبيعية يمتلكها الشعب.

بينما في الدستور الحالي يقوم الاقتصاد الوطني على أساس تنمية النشاط الاقتصادي العام والخاص من خلال الخطط الاقتصادية والاجتماعية. عبر سياسيات للدولة تهدف لتحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية. والدولة تستثمر وتشرف على الثروات الطبيعية. (المادة 13).

تغيير القسم

لحظ المشروع الروسي تعديل في القسم الدستوري، ليُسقط مثلاً القسم بلفظ الجلالة، أو أي اشارة قومية عربية أو اشتراكية، ليكون: "أقسم أن ألتزم بدستور البلاد وقوانينها، وأن أحترم وأحمي حقوق وحريات الانسان والمواطن، وأن أدافع عن سيادة الوطن واستقلاله وسلامة أرضه، وأن أتصرّف دائماً وفقاً لمصالح الشعب".

أما القسم الحالي، فهو: "أقسم باالله العظيم أن أحترم دستور البلاد وقوانينها ونظامها الجمهوري، وأن أرعى مصالح الشعب وحرياته، وأحافظ على سيادة الوطن واستقلاله وحريته والدفاع عن سلامة أرضه، وأن أعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ووحدة الأمة العربية".

منظمات دينية واجتماعية

ويظهر في المشروع الروسي مصطلح المنظمة الدينية. إذ تفيد إحدى المواد أنه تحترم كافة الأديان والمنظمات الدينية. وهذه المنظمات متساوية أمام القانون، وكذلك مصطلح المنظمة الاجتماعية، في الكلام مثلاً عن أنه لا يجوز لأي مجموعة أو منظمة اجتماعية أو شخص استملاك صلاحية ممارسة السلطة. وأنه من المعترف به في سورية التنوع الأيديولوجي ولا يجوز اعتبار أية ايديولوجية عامة أو الزامية. إن الجمعيات الاجتماعية متساوية أمام القانون.