قريبا.. وزارة الإعلام السورية تتربع على قمة «مول» تجاري يحتضن جريدة البعث


قريبا.. وزارة الإعلام السورية تتربع على قمة «مول» تجاري يحتضن جريدة البعث

يرعى النظام السوري معرضا دوليا لتكنولوجيا البناء (تكنوبيلد 2016)، بمشاركة 40 شركة محلية وعربية متخصصة في مجال البناء والتشييد والتطوير العقاري. وقد افتتح المعرض الأسبوع الماضي في فندق «داما روز»، وسط العاصمة دمشق، الذي يستثمر فيه رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد. والمفارقة، بحسب متابعين في دمشق، ليست في افتتاح معرض عن البناء في بلد تواصل الطائرات الحربية تدميره، وإنما في الإعلان خلال المعرض عن افتتاح قريب لتجمع تجاري ضخم في دمشق كأهم مشروع شارك في المعرض، يحول مبنى وزارة الإعلام السورية، المملوك أصلا لحزب البعث، إلى مول تجاري يحتضن أيضًا جريدة البعث.

ويعد هذا المشروع باكورة أعمال شركة «ملك الشرق» للإعمار في سوريا. وبحسب تصريحات رئيس مجلس إدارة الشركة عدنان الساعور، فإن هذا المشروع هو الأول من نوعه الذي يُقام في سوريا خلال «الأزمة»، وتم العمل عليه من خلال «التشاركية بين القطاعين العام والخاص».

وكشف الساعور عن مفارقة جاءت مفاجئة في بلد يحكمه «حزب البعث العربي الاشتراكي»، الذي كان لغاية عام 2012 في الدستور حاكما للدولة والمجتمع، ألا وهي أن المجمع التجاري المذكور سيقام ضمن بناء دار البعث، على أتوستراد المزة، وهو بناء مؤلف من عشرة طوابق، الطوابق الأولى منه تشغلها دار البعث للصحافة والنشر، وتصدر عنها جريدة البعث الناطقة باسم الحزب، والطوابق العليا مستأجرة من قبل الحكومة السورية لصالح وزارة الإعلام، حيث يقع في الطابق العاشر مكتب وزير الإعلام، الذي يعتبر أحد القلاع الإعلامية الأمنية في العاصمة.

وقال الساعور إن مشروع المجمع التجاري «سيُقام ضمن بناء دار البعث في منطقة المزة، من خلال إعادة تأهيله من مبنى كلاسيكي إلى مبنى تتوافر فيه كامل المواصفات العصرية»، وإنه تم العمل على «إيجاد مستويات جديدة في المبنى، لخلق تباين في كل طابق، واكتساب المزيد من المساحة التي قاربت 10 آلاف م2 تتوزع على 5 طوابق، من خلال التصاميم المبتكرة التي تم العمل عليها»، لافتا إلى أن «المجمّع التجاري سيحوي كل أنواع الخدمات، حيث يضم ضمن مساحته مجموعة من صالات العرض المتنوعة للأجهزة الكهربائية والمنزلية والمفروشات وسوبر ماركت وصالة لألعاب الأطفال، ومطاعم متعددة وسينما في الهواء الطلق، إضافة لطابق يضم مكاتب هندسية وصالة خاصة لشركات مواد البناء، تمهيدًا لمرحلة إعادة الإعمار، ومن المتوقّع أن يفتتح هذا المجمع مطلع العام المقبل».

وقد علق بعثي سوري سابق – رفض الكشف عن اسمه – على نبأ إقامة مول تجاري في مبنى «دار البعث» قائلا إن المشروع لم يفاجئه، بل هو نتيجة طبيعية بعد أن «سرق حافظ الأسد حزب البعث بانقلاب عام 1970، وحوله إلى سوبر ماركت سياسي، باع فيها رفاقه البعثيين، وأهداف الحزب، وقضايا الأمة، ليصبح الحزب بكل تاريخه النضالي نافذة عبور للمكاسب والانتفاع السهل، يستخدمه الانتهازيون والفاسدون في إفراغ خيرات البلاد والعباد».

لذا، رأى البعثي القديم أنه من المتوقع أن يقوم ابنه، الذي ورث ملكية الحزب والحكم في سوريا عن والده، بطرح ممتلكات الحزب للاستثمار، وتحول الحزب إلى دكان لبيع العلكة والمنظفات، «فالشعارات البعثية التي سجن من أجلها رفاقنا في الستينات لم تعد صالحة للبيع في البازارات السياسية، بعد أن دمر معظم البلاد، وشرد ثلثا الشعب».

وكانت قيادة حزب البعث على خلاف مع الحكومة حول استيفاء قيمة إيجار وترميم الطوابق التي تشغلها وزارة الإعلام، كما حاولت قيادة الحزب في العقد الأخير، وبعد أن تقلصت صلاحيته وشحت موارده المالية، الاستفادة من المبنى الضخم واستثماره بمشاريع خدمية تجارية، إلا أن محاولتها كانت تبوء بالفشل لأسباب تتعلق بالتنافس على المكاسب داخل الحزب، إلى أن تم افتتاح مقهى في الطابق الأرضي منه قبل نحو عامين، ليتم اليوم الإعلان عن تحويل خمس طوابق من المبنى إلى مجمع تجاري يأتي من خارج سياق ما يجري في البلاد، ما عدا سياق التنافس التجاري المحموم بين ما تبقى من رجال أعمال في سوريا من الموالين للنظام على قطاع سوق الغذائيات والسلع الاستهلاكية، وهو القطاع الوحيد الذي يكاد يكون فعالا بعد تعطل معظم القطاعات الاقتصادية جراء الثورة على النظام والعقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليه.

المصدر: الشرق الأوسط