on
لماذا ناقش الأزهر والفاتيكان الفكر المتطرف “الإسلامي” دون المسيحي؟
محمد جمال –
كانت المفارقة الأولي الواضحة في الزيارة التاريخية الأولى من نوعها لشيخ الأزهر لبابا الفاتيكان أمس الاثنين هي تركيز “الطيب” و”فرانسيس” علي دور الأزهر فيما سمي محاربة الفكر المتطرف”، في إشارة واضحة للفكر الإسلامي، وإغفال الحديث عن أي تطرف مسيحي.
أما المفارقة الثانية فكانت الحديث عن أحوال المسيحيين في العالم العربي والاسلامي (الشرق)، ودور الازهر أيضا في حمايتهم كأنهم يعانون من الاضطهاد، برغم أنه سبق لنفس شيخ الأزهر أن هاجم الفاتيكان عام 2010 حين طالب بحماية المسيحيين عقب تفجير كنيسة القديسين واعتبر هذا تدخلا في الشئون المصرية.
هذه المفارقات ظهرت في تأكيد “إذاعة الفاتيكان”، نقلا عن مدير دار الصحافة التابعة للفاتيكان “فدريكو لومباردي”، أن الجانبين بحثا “مسألة الالتزام المشترك لمسؤولي ومؤمني الديانات الكبرى لصالح السلام في العالم ونبذ العنف والإرهاب فضلا عن أوضاع المسيحيين في إطار الصراعات والتوترات في الشرق الأوسط ومسألة حمايتهم”.
كما ظهرت في تأكيد بوابة الأزهر، والشيخ عباس شومان، وكيل الأزهر، أن الهدف من وراء زيارة شيخ الأزهر لبابا الفاتيكان، هو “تصويب المفاهيم المغلوطة التي دلستها الجماعات الإرهابية المتطرفة”، ونشر ثقافة الحوار والسلام والتعايش بين الشعوب والمجتمعات.
كما ظهرت في قول البابا أنه “متابع لدور الأزهر الشريف في نشر ثقافة السلام والتعايش المشترك وجهوده في مواجهة الفكر المنحرف”، مشددًا على أن دور الأزهر في هذه الفترة من تاريخ العالم مهم ومحوري.
وتصديق شيخ الازهر علي هذه الاتهامات ضمنا بقوله أن “الأزهر يعمل بكافة هيئاته على نشر وسطية الإسلام ويبذل جهودًا حثيثة من خلال علمائه المنتشرين في كل العالم من أجل إشاعة السلام وترسيخ السلام والحوار ومواجهة الفكر المتطرف، ولدينا مع مجلس حكماء المسلمين قوافل سلام تجوب العالم”.
لماذا مؤتمر دولي للسلام بين المسلمين والمسيحيين؟
من المفارقات أيضا، اتفاق كل من شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الفاتيكان فرانسيس، أمس الاثنين 23 مايو/أيار، على عقد مؤتمر دولي للسلام بين الاديان، بعد إنهاء قطيعة استمرت 5 سنوات من جانب الازهر للفاتيكان بسبب تصريحات للبابا السابق بندكتوس السادس عشر اعُتبرت مسيئة للإسلام والنبي محمد، دون توضيح أجندة هذا المؤتمر والغرض منه.
وقال الازهر أن شيخه حل على روما في زيارة هي الأولى من نوعها في تاريخ المؤسستين الدينيتين بهدف “تنسيق الجهود بين الأزهر الشريف والفاتيكان من أجل نشر ثقافة الحوار والتعايش بين الشعوب والمجتمعات”، بحسب موقع الازهر الالكتروني.
وتوقع مسئولون بمؤسسة الازهر بالقاهرة، أن يوجه شيخ الازهر دعوة لبابا الفاتيكان لزيارة الأزهر الشريف في أقرب وقت، كما سيتم الإعلان رسميا عن عودة الحوار بين الأزهر والفاتيكان، بعد قطيعة استمرت نحو خمس سنوات، وتشكيل لجان مشتركة وتفعيل دور مركز حوار الأديان بالأزهر.
10 سنوات من التوتر
ويأتي هذا اللقاء بعد 10 سنوات من العلاقات المتوترة بين المؤسستين الدينيتين.
حيث أوقف الأزهر الحوار مع الفاتيكان عقب تصريحات للبابا السابق بندكتس السادس عشر عام 2006 اعتبر فيها أن الدين الإسلامي “يرتبط بالعنف”، كما تعرضت محاولات استئناف الحوار بين المؤسستين الدينيتين لتوتر قوي عام 2011 عقبُ مطالبة بابا الفاتيكان السابق بحماية المسيحيين في مصر عقب تفجير طال كنسية القديسين بالإسكندرية، فضلًا عن تصريحاته المتكررة الُمعادية للإسلام والمسلمين، ورفضه التراجع عنها.
وتصاعد التوتر عقب تدخل الفاتيكان ومطالبته مصر بحماية المسحيين في اعقاب انفجار أمام كنيسة القديسين بمحافظة الإسكندرية خلال احتفالات رأس السنة عام 2011، جري اتهام وزير الداخلية السابق حبيب العادلي بتدبيره، ما أثار غضب الازهر الذي رد رافضا تدخل الفاتيكان في شئون مصر.
وتم الإعلان رسميا عن عودة الحوار الإسلامي المسيحي اليوم الاثنين، مرة أخرى بعد قطيعتين، الأولي من 2006 الي 2008، والثانية من 2011 الي 2016.
وأعقب لقاء القمة اليوم بين شيخ الازهر وبابا الفاتيكان، جلسة حوارية بين عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، ومحمود حمدي زقزوق، رئيس مركز الحوار بالأزهر، ومحيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، وبين وفد من الفاتيكان ضم الكاردينال جان لوي توران، رئيس المجلس البابوي للحوار، لمناقشة إعادة تفعيل لجان العمل المشتركة بين الأزهر الشريف والفاتيكان.
وبدأ الحوار بين الازهر والفاتيكان رسميا عام 1989، ولكن شيخ الازهر الراحل سيد طنطاوي جمده عام 2006، بسبب هجوم البابا “بنديكت السادس” في إحدى الجامعات الألمانية في سبتمبر 2006 علي الإسلام والربط بينه وبين العنف، ثم ألغي “طنطاوي” التجميد عام 2008، وجري استئناف الحوار.
وفي عهد شيخ الازهر الحالي أحمد الطيب، جري التجميد الثاني للحوار، يوم 20 يناير 2011، بسبب تصريحات لبابا الفاتيكان تنتقد تفجير كنائس المسيحيين في مصر عقب تفجير كنيسة القديسين في ليلة رأس السنة، والان يعود الحوار مرة أخري بعد اتصالات بدأت نهاية ديسمبر 2015 ويتوج بلقاء هو الاول من نوعه بين شيخ الازهر وبابا الفاتيكان.