ما هي طوائف العلويين في سورية؟


رغداء زيدان ـ السورية نت

لا يميز كثير من السوريين بين أبناء الطائفة العلوية، ويعتبرونهم جماعة واحدة منسجمة، تقاتل مع نظام الأسد الذي شحنها طائفياً ليحوّل مسار الثورة السورية المطالبة برحيله إلى حرب طائفية بغيضة.

وهذا بالطبع غير صحيح، وهو ما كشفت عنه الثورة السورية بشكل واضح.  ومع ظهور "حركة أحرار العلوين" التي بدأت تكتب منشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي مميزة بين فرق العلويين: الحيدريين والماخوسيين والكلازيين  تزايدت التساؤلات حول من هم العلويون وما هي فرقهم؟

نصيرية أم علوية؟

كان السوريون يعرفون الطائفة العلوية بالنصيرية، وهم أتباع محمد بن نصير النميري (ت 260 هـ)([1])، الذي ادعى أنه الواسطة بين الإمام الغائب في السرداب (حسب اعتقاد الشيعة في المهدي المنتظر الذي اختفى في سرداب بمنزل أبيه في سامراء بالعراق).

وقد نشأت هذه الطائفة بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (الإمام الحادي عشر من أئمة الشيعة الإثنا عشرية)، والذي تذكر الروايات أنه كان ضد ابن نصير، وكان له موقف شديد منه([2]).

وبحسب المصادر فإن العلويين كانوا يدعون بالنميرية، ثم اتخذوا اسم النصيرية منذ عهد شيخهم الحسين بن حمدان الخصيبي (260 ـ 358هـ) الذي نشر تعاليم ابن نصير في اللاذقية([3]).

وبقي اسم النصيرية يطلق على الطائفة حتى فترة الاحتلال الفرنسي لبلاد الشام حيث أطلق الفرنسيون اسم (العلويين) عليهم([4]).

الفرق العلوية

انقسم العلويون قبل عقود طويلة إلى فريقين، وكان هذا نتيجة مناظرة بين رجلي دين حول مسألة تدور حول تجلي "اللاهوت" أو مسكنه بشخص سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، هل هو القمر أم الشمس؟.

وقد توزع العلويون بناء على نتيجة هذه المناظرة إلى فريقين:

1 ـ القمرية: وهم الذين اختاروا رأي شيخهم في أن مسكن اللاهوت هو القمر، ومنهم الكلازية، نسبة لبلدة كلازو في أنطاكية والتي خرج منها شيخهم محمد بن يونس الكلازي الذي ولد سنة 1101هـ، وانتقل منها إلى اللاذقية وحلب([5]).

ومن العائلات الكلازية اليوم في سورية عائلة جديد ومعروف ومخلوف وهواش وكنج وعباس وخير بك والأسد.

2 ـ الشمسية: وهم الذين اختاروا رأي شيخهم في أن مسكن اللاهوت هو الشمس، ومنهم الحيدرية. (نسبة إلى علي بن أبي طالب الذي من أسمائه حيدر)، والذين انضم إليهم فيما بعد الماخوسيون (نسبة لشيخهم علي ماخوس).

كما أن هناك فرقة تسمى الغيبية: يقولون: إن الله تجلَّى ثم اختَفَى، والزمان الحالي هو زمان الغيبية، ويُقرِّرُون أن الغائب هو الله الذي هو علي بن أبي طالب([6]).

وليس بين هذه الطوائف اختلاف كبير في أصول العقيدة الخاصة بهم، ولا في عباداتهم وأصول ديانتهم.

ونتيجة سرية التعاليم في الطائفة العلوية فإن معظم أفراد الطائفة لا يتلقون أي تعليم ديني، ويبقى تعليم الدين محصوراً في مجموعة صغيرة من المشايخ. وهذا يجعل معرفة العلويين بالتعاليم الدينية عامة محدودة ومقتصرة على ما يأخذونه ويسمعونه من مشايخهم.

وبعد أن أعلن رجل الدين الشيعي اللبناني السيد موسى الصدر أن العلويين فرقة من فرق الإسلام، وذلك سنة 1974([7])، بدأت الحوزات العلمية الشيعية بالتغلل بين العلويين لتعليمهم أحكام الدين وفق المذهب الشيعي. لكن نجاح الشيعة في تحويل العلويين إلى المذهب بقي محدوداً ذلك أن انتماء العلويين لطائفتهم أصبح أقرب للانتماء إلى العشيرة أو القبيلة باعتبار الطائفة مركز قوتهم ودعمهم([8]).

 

مراجع

[1] ـ راجع ترجمته في كتاب الغيبة لأبي جعفر الطوسي، ص 398.

[2] ـ انظر أبو جعفر الطوسي، الغيبة، ص 398 ـ 399.

[3] ـ راجع ترجمته في الأعلام لخير الدين الزركلي، ج2، ص 236.

[4] ـ انظر كمال ديب، تاريخ سورية، ص 45 وما بعد.

[5] ـ في نقد المتمنطقين باسم العلويين، كتاب منشور على الإنترنت في موقع المكتبة الإسلامية العلوية.

[6] ـ بحث إلكتروني منشور على الإنترنت بعنوان النصيرية، لم يُذكر مؤلفه.

[7] ـ انظر: حسام سلامة، "العلويون ثاني أكبر الطوائف في سورية"، الشرق الأوسط، العدد 11808، 28 مارس/آذار 2011.

[8] ـ راجع كتاب البعث الشيعي في سورية، تأليف مجموعة مؤلفين.