معركة الفلوجة.. ورقة رهان العبادي لإعادة هيبة سلطته الضائعة


يسعى رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، في ظل ضعف سلطته وتهاويها واضطرابها، وانهيار هيبة الدولة؛ بسبب تغول الفساد، والحراك الجماهيري الغاضب الذي يأتي بفعل عوامل سخط داخلية، ومحاولة أطراف سياسية ودينية ركوب الموجة بهدف الإسقاط السياسي وتصفية الحسابات الحزبية، يسعى بحسب مراقبين إلى تشتيت الأنظار عن ذلك كله من خلال إعلانه عن معركة “استعادة الفلوجة” من سيطرة تنظيم الدولة، من خلال حملة عسكرية ستعمل بسياسة الأرض المحروقة بحسب ترجيح مراقبين، بعد أن فشلت القوات الأمنية والمليشيات المساندة لها في اقتحام المدينة من خلال عمليات عسكرية متعاقبة باءت جميعها بالفشل، وسط مخاوف تبثها منظمات المجتمع المدني وحقوقيون من أن تؤدي العملية لمجزرة يذهب ضحيتها عشرات آلاف الأهالي المحاصرين في الفلوجة منذ أكثر من عام.

تجدر الإشارة إلى أن العبادي فشل مؤخراً في حماية المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مقر حكومته، ومؤسسات الدولة السيادية كلها في بغداد، حين اقتحمها متظاهرون يتبعون التيار الصدري للمرة الثانية على التوالي خلال أقل من شهر.

صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية ذكرت أن ما حصل بالمنطقة الخضراء يؤكد ان “سلطة العبادي الضعيفة أصلاً بدأت تتهاوى”، مبينة أن “هذه الاقتحامات والاضطرابات السياسية التي تعيشها بغداد توفر فرصة لتنظيم الدولة لإثبات ضعف السلطة”.

– انتقام طائفي

ونحن بصدد الحديث عن معركة الفلوجة، لا بد من الإشارة إلى أن للمليشيات الشيعية ثأراً متجذراً مع المدينة التي قادت المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي، والتي استعصت على القوات الغازية، ونالت حصتها من الضربات بقنابل الفوسفور عقاباً لمقاومة أبنائها، ورغم مطالب القوى السنية بإبعاد الحشد الشعبي عن المشاركة في معركة استعادة الفلوجة، إلا أن العبادي أعلن عبر التلفزيون الرسمي العراقي، ليل الأحد الاثنين 23 مايو/أيار، عن بدء العمليات العسكرية تحت اسم “كسر الإرهاب” بمشاركة الحشد الشعبي.

وجاء هذا الإعلان بعد أيام قلائل من تصريح لقائد مليشيا بدر الشيعية، هادي العامري، بأن “المعركة المقبلة ستكون في الفلوجة وليس الموصل”.

ويتساءل البعض كيف لحكومة العبادي أن تدافع عن الفلوجة، وهي تمنع دخول المساعدات الإنسانية القادمة إليها؟ ويقول الإعلامي والناشط السياسي، سفيان السامرائي، إن منع دخول المساعدات تم “بأمر من إيران”؛ بحجة فحصها ومعاينتها لتذهب إلى الحشد.

وتهاجم المليشيات الشيعية مدينة الفلوجة رافعين رايات مكتوب عليها “عمليات الثأر لنمر النمر”، في إشارة إلى المواطن السعودي المحسوب على إيران الذي حكم عليه القضاء بالإعدام لقيامه بأعمال إرهابية وقتل رجال أمن، ويرى الناشط السياسي السامرائي أن هذا “التصعيد الإيراني يستهدف المنطقة برمتها”.

من جهته أبدى الصحفي البحريني، محمد العرب، في تغريدة له على “تويتر” استغرابه من “ادعاء إيران سعيها الحثيث لتخليص الأبرياء في الفلوجة، بقتل الأبرياء أنفسهم”

– معركة صعبة

وقالت الواشنطن بوست، الاثنين 2016/5/23، إن معركة الفلوجة “لن تكون سهلة”، مشيرة إلى أن “تنظيم الدولة وضع عدة سواتر دفاعية لحمايتها”.

وتتأرجح الفلوجة اليوم تحت لهيب القصف الصاروخي الجوي العشوائي للمليشيات الإيرانية وتنظيم الدولة وقوات التحالف الدولي، بالإضافة إلى الجيش العراقي، ويرى العراقيون أن هذه المعركة ما كانت إلا لقتل سكان الفلوجة وإخلاء المدينة.

حيث انطلقت غارات جوية وقصف صاروخي مكثف على أحياء الجولان والحي الصناعي والنعيمية والأزركية، بالإضافة إلى غارات مكثفة شاركت فيها طائرات تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب مصادر محلية من الفلوجة.

وبحسب مصادر في الجيش العراقي؛ فإن الهجوم الذي انطلق في ساعة متأخرة من ليلة أمس شهد مشاركة كبيرة للمليشيات الشيعية وعلى رأسها ما يعرف بكتائب “حزب الله”، و”عصائب أهل الحق”، بالإضافة إلى “منظمة بدر” التي يرأسها هادي العامري، والحشد الشعبي.

وتذكر تلك المصادر أن المليشيات كانت في مقدمة القوات التي زحفت على الفلوجة ليلة أمس، موضحة أن المليشيات الشيعية نقلت وحدات من بطاريات الصواريخ الخاصة بها إلى الفلوجة، وهي من بدأت أولى عمليات القصف بالراجمات الصاروخية على الفلوجة.

وطلب تنظيم الدولة من الأهالي عدم التجمع، وعزل حي الأرامل عن أحياء المدينة، وقطع التيار الكهربائي بالكامل، ولم يكن يسمع أو يرى سوى وميض الصواريخ التي تسقط على أحياء متفرقة من المدينة.

في حين بثّ التلفزيون الرسمي الإيراني أغاني حماسية وصوراً من الفلوجة، حيث أشارت مصادر عراقية إلى وجود فرقة من الحرس الثوري الإيراني تشارك في عمليات استعادة الفلوجة.

– نشطاء يناصرون الأهالي

وأطلقت العديد من الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي لدعم أهالي الفلوجة والمطالبة بمساعدتهم. حيث أطلق وسم “#أنصروا_الفلوجة_بالدعاء”، بالإضافة إلى وسم “الفلوجة_تحت_النار”، ووسم “#مليشيات_إيران_تتوعد_الفلوجة”..