الفلوجة مرة أخرى.. مدينة الصمود وعقدة الاحتلال الأمريكي-الإيراني
25 مايو، 2016
جمال محمد –
إذا كانت “حلب” السورية احترقت بيد قوات نظام الأسد والميليشيات الطائفية المدعومة من إيران وبدعم جوي روسي، فقد جاء الدور علي “الفلوجة” لكي تحترق بيد المليشيات المذهبية وبدعم جوي أمريكي، والإيرانيون حاضرون بقيادة قاسم سليماني هنا وهناك، وفي الحالتين المدنيين السنة هم الضحية.
الخطة التي أعلنها “العبادي” باسم “بدء معركة تحرير الفلوجة رسمياً” لم تكن مفاجئة كما صورتها وكالات الانباء، فقط سبقتها ترتيبات عسكرية أمريكية مع جيش العبادي، ومع إيران، ومثلما زعموا أن الهدف هو داعش في حلب والفلوجة، قصفوا المدنيين العزل وقتلوا المئات.
فهناك توافق أمريكي-إيراني سبق إعلان معركة ما يسمى “تحرير الفلوجة”، كما أنه سبق بدء معركة الفلوجة وصول قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال الأمريكي جوزيف فوتيل إلى العراق ثم إلى سوريا التي قال أن الحرب منها الحرب ضد “داعش”.
فالفلوجة بأطفالها ونسائها هي التي تقف في مرمى القوات العراقية والمليشيات الطائفية بمشاركة إيرانية، ودون توفير ممرات آمنة، تمنعهم المليشيات الطائفية من الخروج، وتمنعه داعش بزرع الألغام في مداخل الفلوجة ليدفع الأبرياء من سنة العراق فاتورة الحرب.
ويوجد في الفلوجة نحو 50 ألف مدني بحسب المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الذي يؤكد أنهم في “خطر كبير”، داعياً إلى فتح ممرات آمنة للسماح لهم بالخروج.
لماذا الفلوجة؟
المالكي وصف الفلوجة بأنها “رأس الأفعى”، ولكن الحقيقة هي أنها المدينة التي أطلقت المقاومة ضد المحتل الأمريكي، وهي التي هزمت الجيش الأمريكي وعلقت المرتزقة الامريكان على أبواب مدينتها، لهذا فالتدخل العسكري الأمريكي يهدف لكسر المدينة التي استعصت على الاقتحام.
وتقع الفلوجة، على بعد 50 كيلومترا، غربي العاصمة بغداد، وتعد أول مدينة سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية ولا يزال في العراق وسوريا، إذ اقتحمها في يناير/ كانون الثاني 2014، قبل ستة أشهر من سيطرته على مناطق أخرى في شمالي وغربي العراق.
وظلت المدينة عامين ونصف تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وحصار دام ثمانية أشهر من قبل القوات العراقية، فيما يعاني سكان الفلوجة من أزمة طاحنة.
وقد أكد الإعلام الحربي أن العملية يشارك فيها ميليشيات “الحشد الشعبي” والعشائري وجميع القطاعات العسكرية، واعترفت مصادر عراقية رسمية بوجود حساسيات متعددة في مشاركة “الحشد الشعبي”، خشية قيام ميلشياته بمذبح للسنة بدعوي أنهم داعشيون.
وكشفت هيئة “الحشد الشعبي” أن الفصائل التابعة لها، والمشاركة في معركة تحرير الفلوجة، هي “لواء أنصار المرجعية” و”لواء علي الأكبر” و”بدر” و”سرايا عاشوراء” و”سرايا العقيدة” و”لواء المنتظر” و”كتائب سيد الشهداء”.
وأما “الحشد العشائري”، فيضم ألفا عنصر، مع مع فوج من الشرطة، دربه الأمريكيون في قاعدة الحبانية جنوب الرمادي، فيما أكدت مصادر عسكرية وعشائرية عراقية أن نحو 60 مقاتلاً إيرانياً، مجهزين بأسلحة حديثة، يشاركون في معارك الفلوجة.
ويقول مسؤول عراقي أن معركة الفلوجة قد تكون وسيلة لمنع تطور الخلاف الحادث بين الصدريين والبدريين بعد تفجيرات بغداد وتحوله إلى نزاع مسلح بين فصائل “الحشد الشعبي”، أكثر منه محاولة جدية لتحرير الفلوجة، ولهذا يتخوف كثيرون أن يهاجم الصدريون البرلمان مرة أخري ويجري احتلال بغداد وسقوطها بدلا من سقوط الفلوجة.
وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، يؤكد القادة السنة في محافظة الأنبار إن سكان الفلوجة يقدرون بنحو 50 إلى 100 ألف نسمة، وإنهم محاصرون من دون الحصول على مساعدات إنسانية.
وأن هؤلاء السكان محاصرون بين فكي كماشه، من قبل عناصر تنظيم “داعش” الذين يمارسون ضغوطات كبيرة عليهم وصلت إلى حد استغلالهم كدروع بشرية، وهجمات الجيش العراقي وقصف طائرات التحالف الدولي.
ونقلت الصحيفة شهادات بعض المدنيين الذين تمكنوا من الفرار من الفلوجة، إذ قال أحد الشباب أنه كان شاهدا على وفاة بعض الأشخاص الذين عانوا من نقص في التغذية والعلاج “الناس يعيشون على المدخرات أو الاقتراض من الجيران. أنا أعرف العديد من الأشخاص لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية أو نقص الرعاية الطبية. العمليات الجراحية تجرى دون تخدير”.