‘د. جيمس زغبي يكتب: نتانياهو لا يتوقف عن المراوغة’

26 أيار (مايو - ماي)، 2016
5 minutes

د. جيمس زغبي

يبذل بنيامين نتانياهو، منذ أسابيع، جهوداً مضنية لضم زعيم كتلة الاتحاد الصهيوني اسحق هيرتزوغ الى حكومته الائتلافية، ولكنه تخلى عن الفكرة فجأة، وضم بدلاً منه اليميني المتطرف افيغدور ليبرمان الى حكومته!
وقد أخذت هذه الخطوة الجمهور الاسرائيلي ومعظم المراقبين في العالم، على حين غرّة، فقبل يوم واحد من إعلان نتانياهو ضم ليبرمان، تغنى المعلقون الليبراليون باحتمالات ائتلاف حكومي بين نتانياهو وهيرتزوغ، ليتبين سريعاً أنهم بنوا تقييماتهم على التفكير الحالم اكثر مما بنوها على التحليل السياسي العقلاني.
وقد تنبأ البعض بأن تتخذ حكومة الوحدة الوطنية مواقف معتدلة، الامر الذي يخفف من وطأة الضغوط الدولية المفروضة على اسرائيل.
وقبل أيام، حين عرض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المساعدة في تسهيل مفاوضات السلام الاسرائيلية ــ الفلسطينية، وسارع كل من نتانياهو وهيرتزوغ الى تأييد المقترح المصري، أبدى المحللون سعادتهم بهذا التطور، لدرجة ان بعضهم ظن ان هناك تنسيقاً مصرياً ــ اسرائيلياً بهذا الشأن.

بوليصة تأمين
ورأى بعض المحللين في دخول حزب «الاتحاد الصهيوني» الى الائتلاف الحكومي، باعتباره بوليصة تأمين لضمان الاّ تتخذ حكومة أوباما او تدعم اي خطوات خارجية ضد اسرائيل في الامم المتحدة، وذلك خشية ان يؤدي ذلك الى تعطيل الائتلاف الحكومي الهش في اسرائيل. ووصف كاتب إسرائيلي مرموق خطوة نتانياهو التي لم تتم (بضم هيرتزوغ!) بأنها «ضربة عبقرية»، تؤمن لحكومته ورقة التوت بينما تواصل سياستها الاستيطانية في الاراضي المحتلة.
وعلى الرغم من حرص كل من رئيس الوزراء اليميني وزعيم حزب الاتحاد الصهيوني (المصنف على انه حزب «وسطي») على اقامة شراكة، كل لأهدافه الخاصة، فإنها لم تتم. فقد أصبح نتانياهو يضيق ذرعاً بوزير دفاعه موشيه يعالون الجريء في طرح مواقفه التي خالفت رئيس الوزراء احياناً، علناً، خصوصاً حين دافع أخيراً عن حق افراد الجيش في الحديث عن معارضتهم للاستخدام المفرط للقوة ضد الفلسطينيين. وهكذا قرر استبداله. وقد عبر هيرتزوغ عن استعداده ليحل محله، لكنه طالب بحقيبة وزارية مهمة اخرى لحزبه، وهذا كان يتطلب من نتانياهو الاستغناء عن احد شركائه في الائتلاف، وبالتالي زعزعة التحالف اليميني، ولذلك صرف النظر عن هذه الخطوة.

فلسفة نتانياهو
ولكن مع اصراره على إزاحة وزير الدفاع وتوسيع تحالفه الحكومي، الذي يحظى باغلبية صوت واحد في الكنيست، اتجه – فجأة – يميناً ودعا افيغدور ليبرمان (المثير للجدل) للانضمام إلى حكومته، وعرض عليه وزارة الدفاع.
لقد كشف نتانياهو بذلك عن الجوانب الرئيسية من فلسفته في الحكم؛ فهو ملك المناورات والمراوغة، وعلى الرغم من مراوغاته باتجاه اليسار، فإنه متطرف يميني صميم، فلا نية لديه لانهاء الاحتلال او توفير العدالة للفلسطينيين، وحتى لو انضم هيرتزوغ إلى حكومته، فإن هدفه من ذلك هو جعله درعاً للانتقادات الغربية ليس إلا، ولا يرمي الى جعل تلك خطوة فعلية نحو السلام.
ومن المهم ملاحظة ان نتانياهو زعيم ضعيف، يخشى الآخرين دائماً، سواء من داخل ائتلافه او من خارجه، ويحرص دائماً على الحفاظ على بقائه في السلطة، وعدم التنازل عن الأراضي المحتلة.
هذان الهدفان يعرفان بالرجل وبمناوراته ومراوغاته. وما من شك في ان سلوك نتانياهو مخزٍ، كذا سلوك الاسرائيليين والأميركيين والآخرين الذين يمكّنونه من مواصلة أساليب حكمه الشريرة.
وكما أشار قائد عسكري اسرائيلي الاسبوع الماضي، فإن المجتمع الاسرائيلي وصل الى شفير الهاوية، حيث بات أكثر تقبلاً للعنف المدفوع بالعنصرية.

بعيد المنال
وعلى الرغم من ان حكومة اليمين تضم اكثر الوزراء تعصباً وعنصرية، فإن زعيم «الوسط» كان يلهث وراء الانضمام اليها لحمايتها من الانتقادات الغربية. فالأوروبيون يواصلون تهديداتهم بفرض العقوبات على اسرائيل في وجه اكبر مشروع لتوسيع المستوطنات في الاراضي المحتلة. ويواصل نتانياهو تحديه لأوروبا وللمجتمع الدولي بهذا الخصوص. وقد زاد عدد المستوطنين في عهده بأكثر من 100 ألف مستوطن، وتمكن من اسكات الانتقادات الأوروبية، وعلى الرغم من تعبير الاميركيين عن عدم رضاهم عن سياسات بناء المستوطنات، فإنهم يفاوضون نتانياهو على منح اسرائيل حزمة مساعدات بقيمة 35 مليار دولار، بينما هو يطالب بــ 45 ملياراً.
وهكذا، يواصل نتانياهو سياسات المماطلة من دون ضوابط، ويدفع بأجندته اليمينية بقوة. كما يستمر في تشديد قبضته على السلطة، بينما يتجه المجتمع الاسرائيلي نحو المزيد من التطرف والتعصب، ويتجه المجتمع الفلسطيني نحو المزيد من اليأس وخيبة الأمل.. وما زال السلام بعيد المنال.

المصدر: القبس

د. جيمس زغبي يكتب: نتانياهو لا يتوقف عن المراوغة على ميكروسيريا.
ميكروسيريا –

أخبار سوريا ميكرو سيريا