داعش الذريعة في الهجوم الطائفي على الفلوجة.. حرب الاستئصال السُني


محمد الشبراوي-

مع وصول القوات العراقية ومعها القوات المذهبية (الحشد الشعبي) إلى مشارف الفلوجة، أمس السبت 28 مايو/أيار 2016، للمرة الأولى منذ انطلاق عملية استعادة المدينة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” منذ أكثر من عامين، تتصاعد المخاوف بين سنة الفلوجة من أن يكونوا هم المستهدفين لا داعش.

ومع التعتيم الإعلامي، يتخوف أهالي المدينة ذات الأغلبية السنية، وقوات “عامرية الفلوجة”، من أن يكونوا هم هدف الهجوم، وداعش ليس سوى “حجة” أو “ذريعة” للهجوم، وسط تعامد مصالح أمريكا مع إيران وقوات الحشد الشعبي في الانتقام من سنة الفلوجة الذين قاموا الاحتلال الأمريكي والتدخلات المذهبية في مدينتهم.

فقوات الحشد الشعبي، التي يترأسها قاسم سليماني، قائد لواء القدس بالحرس الثوري الإيراني، والذي أعلنت إيران صراحة عن تواجده على رأس حرية قوات تحرير المدينة التي تعد معقل السنة في العراق، تشارك في المعارك، وقوات أمريكية وطائرات خاصة تشارك ايضا في القصف.

وسائل الإعلام العالمية والعربية لا تنقل ما يجري في الفلوجة سوى عن المصادر العراقية والإيرانية والامريكية، ولم تتاح الفرصة لسنة الفلوجة وقوات “عامرية الفلوجة” السنية أن تشرح حقيقة الوضع في المدينة.. هنا ننقل بعض ما يقوله السنة بحسب ما ينشرونه علي مواقع التواصل.

داعش والميلشيات ستذبحنا

photo_2016-05-29_00-02-28

يقول “منير العبيدي” -وهو أحد قادة أهل السنة في العراق -اتصلت بالأخ “فيصل العيساوي هاتفيا وهو رأس الحربة في مقاتلي عامرية الفلوجة، وهو على الساتر، وسألته: “ماذا تفعلون يا عشيرة البو عيسى”.

قال: يا شيخ إذا دخلت علينا داعش ذبحتنا عن بكرة أبينا.. بتهمة أننا عملاء وصحوات!، وإذا دخلت علينا المليشيات (الحشد الشعبي) ذبحتنا بتهمة أننا دواعش، ونحن عشائر، لا نترك دواويننا،فقل لي ماذا نفعل؟”.

ويؤكد “العبيدي” أنه لا توجد قوة سنية عشائرية ممكن تمسك الأرض بعد داعش، غير هؤلاء، ولكن “قد يغدر بهم الجيش والأمريكان والحشد، ويقتلوا جميعا، وهم يعرفون ذلك، ولكن لا حيلة أمامهم، واسميتها بـ (دعشنة العرب السنة).

وتابع: “هم يمسكون محورا مهما، وقد يفتحوا، طريقا أمنا للعوائل فيوصلوهم إلى عامرية الفلوجة، وهناك حالة استنفار عالي وهم على استعداد للمواجهة لكن الايام حبلى بتغير الامور كما حدث في “تكريت” وانسحابهم المفاجئ “.

تصفيات جسدية وسرقة ممتلكات وتفجير منازل

ويروي د. صلاح الدليمي من كلية العلوم الإسلامية بجامعة بغداد ما شاهده قرب الفلوجة قائلا: “قبل سويعات من الآن كنت خطيبا في أحد القرى غرب بغداد وتبعد 10 كم عن مدينة الفلوجة والتقيت هناك على الغداء بشخصية عسكرية سنية من المشاركين في قوات درع الفلوجة، وقد أخبرني بتفاصيل كثيرة عما يجري في الميدان”.

وتابع: “لمدة ساعتين كان يشرح لي على الخرائط التحركات الميدانية لهذه القوات قرب مدينة الفلوجة التي تقع غرب بغداد على مسافة 40 كم متر على الضفة الشرقية لنهر الفرات على النحو التالي:

تتحرك القوات المهاجمة على محورين:

أولا: المحور الشرقي:

يمتد من منطقة النعيمية جنوبا الى منطقة السجر شمالا، وهذا المحور يقع تحت سيطرة الحشد الشيعي والفرق العسكرية من الجيش والشرطة الاتحادية، وتتمركز هذه القوات في النقاط التالية:

  1. القوات المتمركزة على حدود منطقة النعيمية جنوب غرب بغداد والتي يسيطر عليها تنظيم داعش، وتتكون هذه القوات من فرقة 17 من الجيش وقوات سوات والحشد الشيعي الذي يغلب عليه مليشيا حزب الله، وقبل يومين حدثت تحركات لهذه القوات باتجاه الجسر الرابط بين النعيمية والفلوجة (جسر التفاحة) للسيطرة عليه الا انهم تعرضوا لنيران شديدة من قبل عناصر داعش مما أدى الى انسحابهم، وحدثت مشادة بين الحشد وقوات سوات بسبب تصرفات الحشد الانفرادية وعدم الانضباط بالأوامر العسكرية.
  2. معسكر طارق الذي يقع بين طريق السريع الدولي والطريق القديم القريب من منطقة خان ضاري، وهذه القوات تتكون من قوات الرد السريع والشرطة الاتحادية وعدد كبير من فصائل الحشد الشيعي.
  3. منطقة الكرمة التي يتواجد فيها اعداد كبيرة من الحشد الشيعي وعدد اقل من الجيش، حيث تمتد سيطرتهم إلى منطقة السجر شمالي الكرمة، ولا يفصلهم عن الفلوجة سوى الطريق السريع الدولي وامتدت حركتهم جنوبا باتجاه المستشفى الأردني، وقد يتحركوا خلال اليومين القادمين لعبور طريق السريع باتجاه الصقلاوية المحاذية مدينة الفلوجة.

وقد شهدت الكرمة وما حولها خلال اليومين الماضيين انتهاكات كبيرة في حقوق الإنسان حيث التصفيات الجسدية المباشرة وسرقة الممتلكات وتفجير للدور السكنية كما حصل في منطقة الشهابي الاولى والثانية، إضافة الى القصف العشوائي المستمر على الفلوجة بصواريخ نمر النمر، بحسب ما نقل د. الدليمي عن المسئول العسكري السني المشاركة في تحرير الفلوجة.

ثانيا: المحور الغربي:

تتمركز هذه القوات في منطقة عامرية الفلوجة غرب نهر الفرات حيث اخذت بالتحرك منذ يومين لتطهير المناطق المحاذية لنهر الفرات من الجهة الغربية حيث وصلت الى تقاطع السلام الذي يبعد عن 20 كم عن مدينة الفلوجة.

والخطة المرسومة لهذه القوات هي:

  1. ان تتحرك لتطهير جميع المناطق الواقعة غرب نهر الفرات والمحاذية لمدينة الفلوجة من اجل تامين الدفاعات الخلفية وهذا يتطلب وقت طويل لان المساحات شاسعة جدا، ويطلق على هذه القوات (قوات درع الفلوجة) وكل الخطوات الميدانية التي تتخذها هذه القوات للتقدم تكون ضمن خطوط يرسمها الطيران الأمريكي وأي تقدم خارج هذه الخطوط غير مسموح به، وكان قد تحرك أحد الضباط مع سريته خارج هذه الخطوط باتجاه منطقة البهوى وكانت النتيجة انهم وقعوا في كمين أدى إلى مقتله مع بعض عناصر السرية.
  2. كل العمليات بإشراف تام من الامريكان ولا تتحرك أي قطعة عسكرية بدون اذنهم حيث تحرك قبل يومين قطعات من الحشد الشيعي في الكرمة فقام الطيران الأمريكي بقصفهم، وقبل يومين تحركت قوات كبيرة من الحشد من محافظة كربلاء باتجاه عامرية الفلوجة ارادوا الدخول بالقوة لكن شيوخ عشائر البوعيسى رفضوا ذلك واتصلوا بالطيران الأمريكي مما ادى الى تراجعهم والعودة إلى كربلاء بعد ان رأوا تحليق الطيران الامريكي فوقهم.
  3. الخطة المتفق عليها ان قوات درع الفلوجة مع سوات وشرطة الأنبار والجيش هم من يدخلوا الفلوجة ولا يسمح للحشد بالدخول لكن الامريكان لا يوثق بهم، فاذا رأي الأمريكان ان دخول الحشد الى الفلوجة يحقق لهم مصلحة سيتم اعطاء الضوء الاخضر لدخول الحشد الى المدينة وهذا ما لا يحمد عقباه لأنه ستحصل حينئذ مجزرة وعمليات انتقام داخل الفلوجة، خصوصا ان امريكا أعطت الضوء الاخضر لقوات الحشد للتحرك والدخول الى الصقلاوية وهذا يجعل دخول الحشد الى الفلوجة ممكن على اعتبار ان الصقلاوية محاذية الى مدينة الفلوجة.
  4. أعداد تنظيم داعش داخل الفلوجة لا يتجاوز 600 شخص قاموا بتقطيع مناطق داخل الفلوجة الى كانتونات ومنعوا الأهالي من الانتقال من منطقة إلى أخرى، وتشير الأخبار من داخل الفلوجة إلى أنهم في حالة استنفار عال وعلي استعداد للمواجهة، ولكن الايام حبلي بالمفاجأت وقد ينسحبوا من الفلوجة كما انسحبوا من تكريت بشكل مفاجئ.