ما هي أهمية البرلمان الإيراني الجديد؟


فوكس –

أدى البرلمان الإيراني اليمين الدستورية يوم السبت، 28 مايو، وهو البرلمان العاشر منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979. وبطبيعة الحال، تقع السلطة المطلقة في يد المرشد الأعلى غير المنتخب إلى جانب 12 عضوًا بمجلس صيانة الدستور (غير المنتخبين أيضًا).

لكنَّ البرلمان المؤلف من 290 عضوًا، المعروف رسميًا باسم مجلس الشورى الإسلامي، لديها بعض الصلاحيات أيضًا. يسيطر البرلمان الجديد على الميزانية، ويمكنه مساءلة الوزراء، ولديه صلاحية طرح أسئلة رسمية ينبغي أن تجيب عنها الحكومة. والأهم من ذلك هو أنَّ هذا البرلمان بمثابة منتدى عام لنقاشات سياسة قوية ومثيرة للجدل.

يفحص مجلس صيانة الدستور مؤهلات المرشحين لعضوية البرلمان، مما يعني أنّه يتحكم في مَن يُسمح لهم بخوض الانتخابات البرلمانية. ومع ذلك، يتمّ انتخاب أعضاء البرلمان بتصويت شعبي ويمثلون شريحة متنوعة نسبيًا من المجتمع الإيراني، بما في ذلك النساء والأقليات الدينية.

بعبارة أخرى، أعضاء هذا البرلمان الجديد وأجنداتهم الخاصة هي في الواقع أمور هامّة للغاية في السياسة الإيرانية. هنا، إذن، أربعة أمور مهمّة عن البرلمان القادم من شأنها أن تساعدنا على فهم أفضل للمشهد السياسي الحالي في إيران، وكيف أنّه من المحتمل أن تتغير الأمور – أو ربما لا تتغيّر – في المستقبل القريب.

  • التركيبة السياسية للبرلمان ليست بهذه البساطة: “المعتدلون” مقابل “المتشددون”

تميل وسائل الإعلام الأمريكية إلى وصف الانتخابات الإيرانية بأنها انتصار “للمعتدلين” الذين يدعمون الرئيس حسن روحاني والاتفاق النووي، والذين يريدون علاقات أفضل مع الغرب، على حساب “المتشددين” الذين يريدون عكس ذلك.

لكن من الخطأ تقسيم المشهد السياسي الإيراني إلى معسكرين. كما أنَّ مصطلحات مثل “اليسار” و “اليمين” أو “ليبرالي” و “محافظ” لا تبدو منطقية في السياق السياسي الإيراني؛ إذا أنَّ إيران ليس لديها أحزاب سياسية رسمية، وبالتالي فإنَّ الطبيعة السائلة للتسييس الفئويّ يضيف فقط إلى حالة الالتباس والغموض.

يمكننا فهم التركيبة السياسية للبرلمان الجديد عن طريق استخدام المصطلحات التي تستخدمها وسائل الإعلام الإيرانية. وعلى هذا النحو، فإنَّ الفصائل الثلاثة الرئيسية هي كما يلي:

الإصلاحيون (122 مقعدًا): ائتلاف واسع من الإصلاحيين والمحافظين الوسطيين المعتدلين، وكلهم تحت مجموعة مؤيدة لروحاني معروفة باسم “قائمة الأمل.”

يجتمع هؤلاء المرشحين لمساعدة روحاني على الوفاء بالتعهدات التي قطعها على نفسه في عام 2013، والتي تضمنت زيادة حقوق المرأة والأقليات، وإنهاء العزلة الدبلوماسية الإيرانية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وإقامة علاقات أكثر دفئًا مع الغرب، والسماح لمزيد من الحريات الاجتماعية والاقتصادية في الداخل.

هذا الفصيل هو أكبر كتلة في البرلمان. ومع ذلك، فإنهم لا يمثلون الأغلبية المطلقة، وهو ما يعني أنهم بحاجة إلى جزء من المستقلين للتكتل معهم من أجل أن تحقق إدارة روحاني أهدافها في البرلمان.

أصحاب المبادئ (84 مقعدًا): يمثلون المعسكر السياسي الأقوى على مدار تاريخ إيران. لم يجتمعوا حول مرشح واحد في الانتخابات الرئاسية عام 2013، ونتيجة لذلك انقسموا إلى فصيلين: الأول هو الفصيل المتشدد الحالي القلق من العديد من سياسات روحاني، بما في ذلك الاتفاق النووي فضلًا عن توسيع الحريات الاجتماعية في الداخل.  

ويتكون الفصيل الآخر من المحافظين الاجتماعيين التقليديين الذين يعارضون الإصلاحات الاجتماعية المقترحة من جانب روحاني لكنهم يؤيدون الاتفاق النووي، وهذا كان سبب الهجوم عليهم من قِبل المتشددين في معسكر أصحاب المبادئ. فقد أصحاب المبادئ الأغلبية البرلمانية السابقة، بما في ذلك بعض النواب الذين كانوا من أكثر المنتقدين والمتشددين المعارضين للاتفاق النووي.

المستقلون (82 مقعدًا): هناك خليط من المرشحين التقليدين المحافظين والوسطيين الأقل شهرة. ويرى بعض المراقبين أنَّ السجل الحافل لهؤلاء المرشحين المستقلين يشير إلى أنهم لم يصوتوا للمحافظين.

تاريخيًا، على الرغم من ذلك، مارست السلطة التنفيذية نفوذها على المستقلين، في ظلّ التزامهم بالوعود الانتخابية المحلية، والحاجة إلى الحصول على دعم من السلطة التنفيذية لتحفيز التنمية الاقتصادية لمناطقهم الخاصة.

بدلًا من اختيار فائزين وخاسرين محددين، تلخص فريدة فرحي، وهي باحثة إيرانية وأستاذة بجامعة هاواي في مانوا، نتائج الانتخابات بأنها “استفتاء” حول قيادة الرئيس روحاني ورؤيته لهذا البلد. ومع خسارة أصحاب المبادئ لأغلبيتهم المحافظة، فمن الأسلم أن نفترض أنَّ روحاني سيكون له بعض النفوذ لفرض الوصاية في الشؤون البرلمانية.

  • لأول مرة في تاريخ الجمهورية الإسلامية، يتفوق عدد النساء على رجال الدين في البرلمان

تمّ انتخاب ثمانية عشر امرأة في البرلمان الإيراني الجديد، وهو أعلى رقم في تاريخ الجمهورية الإسلامية. على الجانب الآخر، وصل تمثيل رجال الدين إلى أدنى مستوياته على الإطلاق بــ 16 مقعدًا فقط.

ترشحت غالبية النائبات الجديدات تحت راية الائتلاف المؤيد لروحاني، في حين ترشحت بعضهنّ كمستقلات. وبالإضافة إلى ذلك، في تحوّل كامل، فقدت تسعة من المشرّعات المتشددات المحافظات في البرلمان السابق حظوظهنّ في جولة الإعادة.

من بين 16 من رجال الدين المنتخبين في البرلمان، 13 لديهم ميول سياسية محافظة، وثلاثة لديهم ميول أكثر اعتدالًا.  

ومن المرجح أن تصبح المجموعة الإيرانية الجديدة من النائبات هي “المعيار الجديد” في الانتخابات البرلمانية. لقد اعتمد مجلس صيانة الدستور في إيران أكثر من 6200 من المرشحين لعضوية البرلمان في انتخابات عام 2016، وكان 586 منهم من النساء. وهذا هو ضعف عدد المرشحات في الانتخابات البرلمانية لعام 2012.

ومع عدد الشباب الإيراني الهائل الأقل أيديولوجية من الأجيال السابقة، تتبنى أجيال ما بعد الثورة الإيرانية سياسة تعددية. وهذا يشير إلى أنَّ الانخفاض المطّرد لعدد رجال الدين في البرلمان منذ الذروة في عام 1979 سوف يستمر في المستقبل.

قالت لي هالة اسفندياري، المدير الفخري لبرنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون، إنها تتوقع أنَّ الإصلاحيين بين النساء سوف يضغطنّ لوضع تشريع لتحسين وضع المرأة، وخاصة في السعي لتعديل قانون حماية الأسرة المثير للجدل الذي يعتقد كثيرون أنه ضد المرأة.

“وفي هذا المسعى، تقول اسفندياري “سوف يستمتعنّ بلا شك بدعم الرئيس روحاني ونائبه لشؤون المرأة والأسرة، شاهين دوخت مولافيردي. وبدورهم، سوف يوفرون الدعم في البرلمان لأجندة الحكومة.”

لكنَّ كمية الدعم الذي سيحصل عليه فصيل المرأة من نظرائهنّ من الرجال في البرلمان هو أمر غير واضح. وقالت اسفندياري: “في الماضي، منع المحافظون، بما في ذلك النساء المحافظات في البرلمان، أي جهود لتعزيز حقوق المرأة.”

تشكّل النساء أكثر من 50 بالمئة من سكّان إيران، ومع ذلك، يحصلنّ على 6 بالمئة من المقاعد البرلمانية. وهذا يعني أنَّ هذا الفصيل الجديد سيواجه قدرًا هائلًا من الضغوط من الناخبات، المتوقع أن يكنّ أكثر نشاطًا في جهودهنّ الرامية إلى تعزيز شؤون المرأة أكثر من حركة النساء المنتهية ولايتها.

وبالإضافة إلى ذلك، سوف يختبر نظرائهم المحافظون من الرجال العديد من النائبات المنتخبات لأول مرة عندما يتعلق الأمر بالمرأة والتشريعات وشؤون الأسرة.

ولكن النساء في إيران قد اعتدنّ منذ فترة طويلة على الضغط الثقافي والسياسي وأظهرنّ سُبل العيش في المجتمع الإيراني الذكوري. مع التعليم والثقافة إعادة الانخراط سياسيًا، ستستمر الناشطات في مجال حقوق المرأة في العمل لتحقيق هدف زيادة عدد النساء في البرلمان إلى 30 بالمئة على الأقل.

الانتخابات البرلمانية لعام 2020 يمكن أن تكون انتخابات قياسية للنساء.

  • تأثير البرلمان الجديد حول قضايا الأمن والسياسة الخارجية الوطنية الهامّة سيكون ضئيلًا للغاية

قدرة البرلمان على فرض قوته ونفوذه في الخارج محدودة للغاية. البرلمان القادم لن يكون له تأثير يُذكر على القضايا الرئيسية الهامّة للولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان، ورعاية الدولة للجماعات الإرهابية، ودعم الرئيس السوري بشار الأسد.

وهذا لأنّه يتمّ التعامل مع مثل هذه القضايا السياسة من قِبل مؤسسات غير منتخبة تمارس تأثيرًا أكبر بكثير من البرلمان.

يقيّد الدستور الإيراني البرلمان عن طريق اشتراط استخدام مجلس صيانة الدستور حق النقض ضد أي تشريع يراه غير إسلاميّ أو غير دستوريّ. وهناك مؤسستان إضافيتان غير منتخبتين تتعارضا مع سلطة البرلمان: المجلس الأعلى للثورة الثقافية، الذي يمكن أن يؤثر على التشريعات الاجتماعية والثقافية المحلية، والمجلس الأعلى للأمن القومي، الذي يستعرض قضايا السياسة الخارجية ذات الصلة بالأمن القومي، مثل الاتفاق النووي.

وأخيرًا، لا يمكننا المبالغة في دور الحرس الثوري الإسلامي في السياسة الخارجية والاستراتيجية الإيرانية. كما لاحظ خبير الشؤون الإيرانية، أفشون أوستفار، في مقال نُشر مؤخرًا على موقع “فوكس”، فإنَّ الحرس الثوري هو “الآلية الرئيسية للسلطة القسرية الإيرانية” الذي “يتحكم بأداة الردع الاستراتيجية الأهم في إيران، برنامجها الصاروخي، ويسهّل علاقات إيران مع أقرب حلفائها وعملائها في المنطقة، مثل حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية في العراق، ونظام بشار الأسد في سوريا.”

وفيما يتعلق بمسألة علاقة إيران المثيرة للجدل مع المملكة العربية السعودية، قد يوفر البرلمان لروحاني القليل من الفهم لطبيعة هذه العلاقة.

في ظلّ تصاعد التوتر بين إيران والسعودية على مدى العامين الماضيين، انتقد النواب المتشددون في البرلمان السابق روحاني ووزير خارجيته، محمد جواد ظريف، لمحاولة إنهاء تصاعد حدة التوتر بين البلدين. ومع زيادة الدعم المحلي في البرلمان، سيكون لدى إدارة روحاني أداة دبلوماسية أفضل لإعادة جهود التواصل مع السعوديين.

بصفة عامة، سيستمر المرشد الأعلى والمؤسسات غير المنتخبة الأخرى في إحكام السيطرة بقوة على توازن القوى، على حساب المؤسسات الإيرانية المنتخبة ديمقراطيًا.

نفوذ البرلمان يتجلى في ضمان إرث روحاني مع ولاية ثانية كرئيس  

برلمان أكثر استعدادًا يعني أنَّ روحاني سيكون في وضع أفضل لتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها، وبالتالي يزيد من حظوظه في الفوز بإعادة انتخابه مرة أخرى في عام 2017 (حتى لا ليصبح أول رئيس منتخب لدورة واحدة فقط في تاريخ الجمهورية الإسلامية).

ولاية ثانية لروحاني تعني وجود إجماع برلماني على تطوير برنامجه الاقتصادي واستمرار تنفيذ الاتفاق النووي. وهناك لوم شديد يقع على عاتق إدارة روحاني داخل إيران بسبب الاتفاق النووي التاريخي مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى العالمية.

ولكن العديد من المحافظين والمتشددين ما زالوا يعارضون ذلك ويريدون عرقلة تنفيذه.

في وقت سابق من هذا الشهر، على سبيل المثال، كتب أكثر من 100 من أعضاء البرلمان المحافظين المنتهية ولايتهم رسالة إلى الرئيس، يتهمون الولايات المتحدة بالتراجع عن التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ويطلبون من روحاني الرد بالتهديد بأنَّ إيران “سوف تستأنف أنشطتها النووية السابقة في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية “، في حال استمرار فشل الاتفاق النووي في تحقيق أي فوائد اقتصادية لإيران.

روحاني يحتاج لولاية ثانية كرئيس لمواصلة تنفيذ الاتفاق النووي وضمان استمرار البناء والاعتماد على إنجازه من قِبل الرئيس القادم في عام 2021، بدلًا من الوقوع في أيدي القوات المتشددة التي عارضت الصفقة.

ولكن عندما تحدثت مع فرزان ثابت، وهو زميل في مركز الأمن والتعاون الدولي في جامعة ستانفورد، قال لي إنّه حذّر من المبالغة في الحديث عن أهمية مكاسب المعتدلين الموالين لروحاني في البرلمان. حتى مع رأس المال السياسي المكتسب من الاتفاق النووي العام الماضي، قال ثابت “روحاني قد يواجه إجماعًا محدودًا على توسيع نطاق الحريات الاجتماعية والسياسية.”

على الرغم من أنَّ العديد من أصحاب المبادئ التقليديين، مثل رئيس البرلمان الحالي، علي لاريجاني، أيّد علنًا جهود إدارة روحاني في تأمين الاتفاق النووي، إلّا أنهم لا يتفقون مع الوسطيين والإصلاحيين بشأن بعض القضايا الاجتماعية والسياسية.

وأضاف ثابت: “الأهم من ذلك، أن نتائج الانتخابات ستحرم المتشددين من استخدام البرلمان كمنصة لتنفيذ أجندتهم، مما يجبرهم على زيادة الاستفادة من مراكز القوى غير المنتخبة مثل القضاء وقوات الأمن، أو في بعض الحالات، زيادة التسوية مع المعتدلين.”

في نهاية المطاف، ما سيقدّمه هذا البرلمان المقبل هو المزيد من الوقت للرئيس روحاني لتأمين محاولة إعادة انتخابه، واستخدام ولايته الثانية المحتملة لمواصلة أداء ما اُنتخب من أجل القيام به في الأساس: إنهاء العزلة الدولية الايرانية ورفع العقوبات، وإصلاح الاقتصاد، ومحاولة إحياء الحريات الاجتماعية والسياسية ضد إرادة مراكز القوى الإيرانية غير المنتخبة.