‘هآرتس: لماذا يغازل نتنياهو السيسي’
2 حزيران (يونيو - جوان)، 2016
شككت صحيفة “هآرتس” في كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن السلام، وأعتبرت أن مغازلته الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بالحديث عن إحياء المسار السلمي وحل الدولتين لم يأت عن قناعة بل لمجرد التمويه، وخداع الرأي العام العربي والعالمي، إذ يمارس نتنياهو فن الحركات البهلوانية اللفظية.
وقال نتنياهو إنه يبارك خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخير حول السلام في المنطقة، مشيدا بجهوده الرامية لدفع السلام في المنطقة.
جاء ذلك خلال خطاب مشترك مع وزير الدفاع الجديد أفيجدور ليبرمان ألقاه نتنياهو من على منصة الكنيست أمس الاثنين، مضيفا أن حكومته تؤيد حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وأنه مستعد للمساعدة لإعادة إحياء المفاوضات من جديد مع الدول العربية، وإنشاء دولتين لشعبين.
“باراك رافيد” المراسل السياسي لـ”هآرتس” ألقى بالضوء على دوافع نتنياهو لمغازلة السيسي، والحديث عن السلام، وعلى رأسها التخلص أو تخفيف الضغط الدولي على إسرائيل في الشأن الفلسطيني والذي يتوقع أن يتزايد خلال الشهور المقبلة.
ومن المقرر أن تشهد باريس الجمعة المقبلة اجتماع دولي يضم أكثر من 29 وزير خارجية لدول بينها الولايات المتحدة وروسيا لبحث الجمود السياسي بين إسرائيل والجانب الفلسطيني، فضلا عن دفع المبادرة الفرنسية وهو ما تخشاه تل أبيب.
بعد ذلك بعدة أيام سينشر تقرير اللجنة الرباعية الدولية، التي تتولي الولايات المتحدة إعداده. وبحسب “رافيد” سوف يوجه التقرير انتقادات حادة لإسرائيل ويجزم بأن سياساتها بالضفة الغربية، وتحديدا توسيع المستوطنات تهدد بالقضاء على حل الدولتين. وذكرت تقارير عبرية أن الرباعية بصدد تغليظ تقريرها بعد تعيين المتشدد ليبرمان وزيرا للدفاع.
علاوة على ذلك فإن هناك كابوسا ينتظر نتنياهو، يتمثل في تخوفه من أن يقوم الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد الانتخابات الرئاسية في بلاده المقررة نوفمبر القادم- حيث سيكون محررا من القيود السياسية- بتبني قرار حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في مجلس الأمن أو استخدام حق النقض على قرار مشابه يتم طرحه للتصويت من قبل دول أخرى.
نتنياهو- بحسب “هآرتس”:يحاول إحباط كل هذه الخطوات من خلال خطوة بديلة أمام عدد من الدول العربية في مقدمتها مصر”، وأضافت “كان من المفترض اتخاذ هذه الخطوة الإقليمية قبل أسبوعين، ما يؤهل انضمام إسحاق هرتسوج والمعسكر الصهيوني للحكومة. كان على نتنياهو إصدار تصريح إيجابي بشأن المبادرة العربية، وتشكيل حكومة أكثر اعتدالا واتخاذ خطوات مثل تجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية وتقديم بوادر حقيقية على الأرض للفلسطينيين”.
وتابعت :”توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كانا جزءا من مجموعة عرابي هذه الخطوة، قبل أن يتضح في اللحظة الاخيرة أن نتنياهو هرب، وغير الاتجاه وفضل ضم أفيجدور ليبرمان للحكومة. حاول نتنياهو في الأيام الماضية إقناع الرئيس المصري أن استبدال ليبرمان بهرتسوج لا يقلل من التزامه بالعملية التي حاول صياغتها. لذلك كانت تصريحات الأمس جزءا من تلك المحاولة”.
وخلص “باراك رافيد” إلى أن “كلمات نتنياهو وليبرمان الجميلة لن تكفي بالنسبة للإدارة الأمريكية والدول الأوروبية أو الرئيس المصري. ولن توقف المبادرة الفرنسية، ولم تجعل تقرير الرباعية أكثر لينا ولن تؤدي لالتقاط صورة مشتركة بين نتنياهو وزعيم عربي. السبب في ذلك أن جون كيري وفيدريكا موجيريني (مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي) والسيسي لا يصدقون كلام نتنياهو عن السلام. فهم يريدون رؤية أفعال، لن يقدم نتنياهو على القيام بها”.
وذكر الصحفي الإسرائيلي بتصريحات مشابهة لنتنياهو عن السلام ابتداء من عام 2009، عندما حضر احتفالا في منزل السفير المصري بإسرائيل بمناسبة العيد الـ57 لاستقلال مصر، وكان يتعرض وقتها لضغوط أمريكية ودولية شديدة لدفع حل الدولتين وتجميد المستوطنات.
في الحفل تحدث نتنياهو بشكل إيجابي عن مبادرة السلام العربية التي طُرحت عام 2002 والتي تقضي بتطبيع الدول العربية العلاقات مع إسرائيل حال قامت الأخيرة بالتوقيع على معاهدة سلام مع الفلسطينيين تقوم على إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، مع تبادل للأراضي.
وقتها صرح نتنياهو بأن”جهود الدول العربية لدفع مبادرة سلام جديرة بالاحترام الوفير”، واعتبر أنها تشير إلى تغير كبير في توجهات الدول العربية تجاه إسرائيل.
بعدها تطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل إيجابي، بل وامتدح في بعض الأحيان المبادرة العربية مثلما فعل في خطابه بالكنيست في يونيو 2013، وفي مؤتمر صحفي في مايو 2015. لكن السؤال الكبير ماذا فعل نتنياهو للسلام؟ الإجابة لا شيء على الإطلاق.