‘وثائق تُكشف لأول مرة: مؤسس الثورة الإيرانية استجدى الشيطان الأكبر لدعم حكمه’
3 حزيران (يونيو - جوان)، 2016
أسدلت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأيام الماضية الستار على وثائق كانت سرية، تكشف أن الخميني مؤسس نظام ولي الفقيه كان على صلة بالحكومة الأمريكية منذ ستينات القرن الماضي، حتى قبل أيام من وصوله إلى طهران قادماً من العاصمة الفرنسية وإعلان الثورة الإيرانية في عام 1979.وفقاً لما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط، اليوم الجمعة.
رسائل سرية
وتصف الوثائق التي نشرتها وكالة المخابرات الأميركية (سي آي إيه)، الخميني بأنه رجل الدين الذي أبدى رغبته بالتواصل مع الرئيس الأمريكي للحديث عن التطورات التي تشهدها البلاد على الرغم من إقامته الجبرية ورقابة جهاز السافاك.
ووفقا للوثيقة، فإن الخميني تبادل رسائل سرية مع الرئيس الديمقراطي الأمريكي الأسبق جون كيندي بعد أشهر من الإفراج عنه في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني 1963. وشرح الخميني خلالها ألا “يفسر هجومه اللفظي بطريقة خاطئة، لأنه يحمي المصالح الأميركية في إيران”.
وخرجت الوثائق قبل يومين من الذكرى السابعة والعشرين لوفاة الخميني، وتبيّن أن مؤسس النظام الإيراني تحرك باتجاه التواصل مع الرئيس الأمركي عقب غضبه من إصلاحات اقتصادية اجتماعية قام بها النظام السابق، عرفت بـ”الثورة البيضاء” في 1963، ووزع النظام السابق أراضي الإقطاعيين على المزارعين، كما اعترف لأول مرة بحق المرأة في التصويت.
وبحسب تقرير لقناة “بي بي سي” باللغة الفارسية، فإن الخميني اعتبر تلك الإصلاحات “خطراً على الإسلام”، بينما كان معارضو “شاهنشاه إيران” ينظرون إليها على أنها خداع للرأي العام، وبالتالي فإن الخميني أعلن الحداد في عيد النوروز عام 1962 بسبب ما قاله من أن “النظام الظالم يهدف إلى إقرار تساوي حقوق المرأة والرجل”.
بحث استقصائي
وأشار التقرير إلى أن وثائق السفارة الأميركية في طهران التي تتضمن رسائل الخميني ما زالت تحت درجة السرية في الأرشيف الوطني الأميركي، لكن الوثيقة المسربة تحت عنوان: “الإسلام في إيران” أوردت مقتطفات من تلك الرسائل.
وتعتبر الوثيقة بحثاً استقصائياً من 81 صفحة، تم في مارس/ آذار 1980، وتضمنت معلومات عن المراجع الشيعة في قم. وبحسب التقرير، فإن المخابرات الأميركية كانت قد رفعت في 2005 أجزاء من التقرير من درجة “السرية” من ضمنها الفقرات المتعلقة برسائل الخميني. وكانت مكتبة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر نشرت نسخة أخرى من الوثيقة في ديسمبر / كانو الأول 2008 على موقعها الإلكتروني، وكانت الوثيقة تتضمن فقرة من تلك الرسائل لم تلفت انتباه المؤرخين والباحثين.
وفي ذلك الحين كان الخميني عاد للسجن في 1963 بعد تشكيكه في إيمان الشاه محمد رضا بهلوي، واعتباره عميلا لإسرائيل، إلا أنه لم يتطرق حينها إلى أميركا، وفق المصادر الإيرانية.
وبحسب الوثيقة، فإن إحدى الرسائل وصلت إلى السفارة الأميركية قبل أيام من زيارة السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفياتي الأسبق ليونيد بريجينف إلى طهران، وتذكر وثيقة السفارة الأميركية أنها كانت تتلقى رسائل الخميني بواسطة شخص مقرب منه يدعي حاج ميرزا خليل كمره اي.
تقرب من أمريكا
وتشير الوثيقة إلى أن رسالة الخميني وصلت إلى يد الرئيس كيندي في 6 نوفمبر 1963 قبل أسبوعين من اغتياله. وجاء في الفقرة التي نشرتها تقرير “بي بي سي” للمرة الأولى، أن الخميني أوضح أنه لا يعارض المصالح الأمريكية في إيران، وخلاف ذلك يعتقد أن “حضور أميركا مهم مقابل الاتحاد السوفياتي”.
وفي جزء آخر من الوثيقة، فإن الخميني يعود إلى مخاطبة الحكومة الأميركية بعد تفكيره في “مبدأ ولاية الفقيه” وخروجه من المنفى العراقي ووصوله إلى باريس قبل أشهر من الثورة، ووفقا للتقرير، فإنه في حين كانت ترتفع شعبية الخميني بين أنصار الجماعات الإسلامية والوطنية واليسارية و”كان الملايين يحدقون في السماء لرؤية وجهه في القمر”، فإنه خلف الكواليس كان يرسل وعوده إلى الحكومة الأميركية.
وتأتي الوثائق في حين يعرف الخميني بأنه صاحب شعار “الموت للشيطان الأكبر” ويقصد بها أمريكا، ودعم الخميني اقتحام السفارة الأميركية من قبل الطلاب واحتجاز الدبلوماسيين الأميركيين لمدة 444 يوما.
وتظهر وثائق أميركية من إدارة كارتر تسقط السرية عنها بعد 35 عاماً، أن الخميني كان يخشى من أوامر أمريكية للجيش الإيراني تفتح يده للقمع وتحبط مخططاته.
ومن أجل ذلك، فإن الخميني، عبر وسطاء تفاوض مع إدارة كارتر، قدم لها جملة من الوعود، طالبا منها التأثير، عبر علاقاتها، على موقف الجيش الإيراني من الخميني.
وقبل أسابيع من “الثورة” في 19 يناير / كانون الثاني 1979، وعد الخميني حكومة كارتر بأنه لن يقطع النفط عن الغرب، ولن يقدم على تصدير الثورة إلى دول المنطقة، وسيقيم علاقات ودية مع الحكومة الأميركية.
وتنقل الوثيقة عن الخميني وعده للإدارة الأميركية مخاطبا إدارة كارتر: “سترون أننا ليس لدينا عداء خاص مع الأميركيين، وسيثبت لكم أن الجمهورية الإسلامية القائمة على الفلسفة والقوانين الإسلامية لم تكن شيئا غير حكومة محبة للإنسانية وداعمة لمبدأ السلام والهدوء لكل البشرية”.
غضب في إيران
من جانبها، أظهرت المواقف الأولية التي نشرتها مواقع إيرانية أمس غضباً واسعا بين المسؤولين الإيرانيين، ونقلت وكالة “ميزان” عن عضو حوزة قم العلمية حسين إبراهيمي قوله، إن الغاية هي “محاولة إثبات أن النظام على صلة بالغرب، وأن الثورة ثورة أمريكية”.
واعتبرت الوثائق الجديدة عن تبادل الرسائل بين الخميني وكارتر محاولة لتشويه صورة إيران، معتبرة أن “بي بي سي” تريد إثبات صلة إيران بالحكومة الأمريكية خصوصا ًبعد الثورة.
بدوره اعتبر مساعد “مؤسسة الخميني”، حميد أنصاري التقرير الأخير حول الرسائل المتبادلة بين الخميني وكيندي في 1963 “فاقدة للاعتبار القانوني وغير مستندة” على شيء.
ويتوقع أن تنشر تفاصيل جديدة من الحوار بين الخميني والإدارة الأميركية في غضون الأيام المقبلة. ويأتي نشر الوثائق بعد أيام من تشريع قانون يطالب إدارة روحاني بأخذ تعويض من أمريكا لدورها في أحداث شهدتها إيران منذ 1953، من بينها الانقلاب العسكري الذي أسقط حكومة محمد مصدق، واتهام الولايات المتحدة بالوقوف وراء الانقلاب العسكري لضباط القوات الجوية في الجيش الإيراني عام 1980.