‘بووح ثائرة : جزء بسيط جداً من مذكراتي في الحصار / بقلم غرام حمص’

4 حزيران (يونيو - جوان)، 2016
6 minutes

جزء_بسيط_جداً_من_مذكراتي_في_الحصار
#بووح_ثائرة❤

قبل رمضان بأسبوع واحد .. قبل سبعة أيام .. هناك مفاجأة لنا نحن .. ومن نحن .. نحن المحاصرين .. أسبوع واحد قبل حلول الشهر الفضيل
هناك مفاجأة لنا “هكذا انتشرت الإشاعات بيننا .. والكثير الكثير من الكلام .. سيدخلوا الطعام نعم سنأكل في هذا الشهر الكريم :: الخبز ، الفاكهة ، الخضار ، وسنشرب القهوة نعم القهوة ‘النظامية’ ‘بن الحسامي’الزرزور’ وأخيراً سأحضر الشاي بسكر ‘نظامي’ دائماً
بعيداً عن كل ما أكرهه .. سأحضره دون حب السكرين،أو القطر الأفرنجي’ أو ظروف ‘الفانيليا’ ………… أو…..أو …..
وهناك بعض الكلام عن عملية تحرير وتوحد الفصائل الريف الشمالي والوعر وحمص القديمة .. عملية جماعية” ياله من كلام كاذب كدت أن أطير فرحاً لمجرد سماعه وهو كلاااام وإشاعات.؟؟!!

وحدهم من قضوا الليالي على جبهات سيتذكروا التفاصيل .. وحدهم من فرحوا بهذا الكلام .. وحدهم من زفوا لي ‘الإشاعات’ كــ مخدر أدمنته .. وحدهم من لم تصل حبات البرغل إلى أفواههم المشتاقة في تلك اللحظة .. لم تقتحم معدتهم الثأرة حبة واحدة ساخنة من البرغل لتخمد الصوت المجنون .. وحدهم فقط سيتذكروا
جهزوا الطعام هكذا سترسل لي أحد إخوتي من نافذة البرج الذي يقيموا به بعد الفراغ من عملهم .. أجبته ممازحة من النافذة المقبلة وأنا أتصفح ‘الإنترنت’ .. جاهز وهل يحتاج إلى عملية أو تخطيط .. لا تتأخروا قبل أن تبرد الوليمة وضحكت ..أشاح بوجهه وابتسم .. ودخل إلى الغرفة.

بعد قليل حضر الجميع .. وما إن رفعنا ‘الملاعق’ ممتلئة ‘بالبرغل’
حتى هز البرج انفجار قوي جداً .. تلاه رشقات كثيفة من الرصاص والقذائف
نهضوا مذعورين إلى “المحرس” ليتفقدوا من كانت “ورديته”
.. أنا صامتة أترقب عودتهم .. دون وجع جديد وجرح و وداع شهيد.
حمداً لله عادوا .. ولكن بهد أن حملوا مئة تخمين في عقولهم .. عادوا بعد ما برد الطعام .. عادوا والهدوء القاتل يخيم مرة أخرى .. بعد صمت حطمه أحدهم .. تبادلنا بعض الكلام المضحك كــ عادتنا محاولين تناسي ماحدث وماسببه ومايليه .؟!
وقال أحدهم ::((“لك بربي نقطع قلبي لوحدا صايرلوا شي وبدنا نأسعفوا ع الميداني لكان راح عليي حصتي من البرغل .. راكد بدي شوف شو صاير وتفكيري كلوو عند البرغل .. يلا كملوا كملوا مافي شي ..شبكن ولوو .. صغيرة .. صغيرة”))
مضت في سلام .. وحل المساء
هممت بتحضير “العشاء”
وجتمعنا مرة أخرى ك عادتنا حول المائدة

الانفجار مرة أخرى قوي جداً جداً جداً
لم أعد أرى شيء .. سوى سواد .. ومن ثم خياااتال

تلعثمت وأنا أنطق الشهادة .. وأسماء من كانوا مجتمعين لأعلم أن لم يصبهم أذى ومازلوا على قيد الحياة
صراخي يتعالى علمت أنني لم أموت نهضت مذعورة ممسكة بيد إختي وأنا أختنق وأصرخ .. لقرب النافذة نحاول استنشاق الهواء .. أكاد أسقط من النافذة وأنا أحاول الهروب من الدخان الكثيف من السواد
هواء ..هواء .. أريد هواء .. سعال قوي حاد ..
صراخ .. صراخ .. صراخ .. ومن ثم هدوء .
لا أذكر بالتفصيل ماحل بالجميع لحظتها.
بيااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااض
جدائلي البنية احتلها البياض
أمي أبي إخوتي أقربائي .. أثاث المنزل .. بياض كلها بياض
‘الزيتون، بقايا الزعتر ، الزيت ، أكواب الشاي المرة
دفنهم البياااااااااااااض أيضاً

لم أعلم كيف عدنا لطعامنا مرة أخرى رغم أنه لم يعد يصلح لتناول
ولكنه “نعمة” ويجب علينا حغظها .. و دون أن يذهبوا كي يتفقدوا مكان سقوط الصاروخ .. لأنه سقط عندنا .. بيننا
.. زجاج مبعثر بقايا حجر .. والبياض ونحن .. نحن الجائعين .. ننفض الغبار عن طعام ونأكل …..
ضحكات تعالت مرة أخرى .. ومحاولين تذكر ماحدث بروح فكاهية ..
؛؛ هذا بقي جالس لم يتحرك .. هذا ركد إلى الخارج .. وذاك أمسك بصحن “الزيتون “.. هذا ضم الطفل ولم يتحرك .. و أنا كدت أخرج من النافذة .
وحامدين لله وشاكرين على ألطافه بنا
قلت مبتسمة ((“الحمدلله لم يصب الطعام ولو شظية واحدة”)).

بعدها ذهب من ذهب إلى “محرسه” ونام من نام دون تضجر من أصوات القصف لأنه عتاد وكانت استراحته
وأنا أمضيت هذه الليلة على ضوء الشمعة الضئيل .. أغفوة تارة .. وأعد القذائف والرصاص وأسمي كل نوع بإسمه حسب الصوت تارة .. وأستجمع الأحداث لأعلم ماحصل وماسيحصل .. ترى هل هذه المفاجأة .؟! .. يارب تكون بداية التحرير .. كيف.؟ ولو تحرير لكان عندنا علم قبل العملية.؟! .. راقبت ضوء الشمعة وهو يختفي شيئاً
فشيئاً .. ومد النوم ذراعيه حولي وأنا أردد
يارب اكتب لنا الخير .. يارب صابرين ومحتسبين .. متكلين عليه .. يارب حاشاك أن تخذلنا .

((” ومضت أول ليلى من جمعة_المداهمات والتي تلتها ليالي عديدة .. أكبر من أن تضمها الأوراق في كلمات .. وأضخم من أبجدية ضئيلة جداً تعجز عن وصف حلوها ومرها وصمودها”))

جبهة_القيادة
بناء_الحلو
مفاجأة_قبل_رمضان
جمعة_المداهمات
2013
05:15 Am

جزء_بسيط_جداً_من_مذكراتي_في_الحصار
#بووح_ثائرة
“غرام حمص”