صالح القلاب يكتب: لافروف… المنطق «الأعوج»!


صالح القلاب

أليس غريباً ومستغرباً، حقاً وفعلاً، أنْ يطالب سيرغي لافروف تركيا بسحب قواتها من العراق بينما تحتل قوات بلاده سورية كلها وتواصل حربها التدميرية على هذا البلد العربي وتقتل طائراتها “الاستراتيجية” يومياً مئات من أبناء الشعب السوري وتشرد الألوف منهم وتدفعهم إلى الهجرة الكيفية المذلة هروباً بأرواحهم وأرواح أبنائهم… ومع ذلك فإن وزير الخارجية الروسي لا يتردد في أنْ يرى القشة الصغيرة في عين الآخر ولا يرى أطنان الأخشاب التي في عينه!

بأي حقٍّ يطالب لافروف تركيا بسحب قواتها المحدودة العدد التي ترابط في منطقة متاخمة لمدينة الموصل بناءً على طلب النجدة الذي وصلها من بعض زعامات هذه المدينة العربية وبناءً على طلبٍ من القيادة البارزانية في كردستان – العراق، بينما يعتبر أنَّ احتلال روسيا لسورية كلها أمر مشروع ومبرر.. فأي منطق هذا؟!

هناك الآن “استعمار” روسي فعلي لدولة من المفترض أنها مستقلة وذات سيادة هي سورية (الجمهورية العربية السورية)، وهنا فإن ما يثير الاستغراب والتعجب هو أنَّ الولايات المتحدة بقيادتها الحالية، التي على رأسها باراك أوباما، الذي بات يَحْزِمْ حقائبه للمغادرة والرحيل، تستمع إلى طلب لافروف بسحب تركيا وحدتها الصغيرة من أطراف منطقة الموصل بخشوع الخانعين… وذلك في حين أنه ليس مستبعداً أن يكون جون كيري اتصل بالرئيس التركي رجب أردوغان ونصحه بالإذعان للطلب الروسي… تجنباً وتحاشياً لما هو أعظم!

إن ما كان على لافروف أن يتذكره قبل أنْ يطلق تصريحه التهديدي هذا الذي طالب فيه أردوغان بسحب “قواته”! من العراق هو أن تركيا، كشعب وكدولة وكأرض، ليست غريبة عن هذه المنطقة مثل روسيا التي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبعد تراجع الحرب الباردة كان يجب أن تنزوي داخل حدودها البعيدة، لاسيما أنها أصبحت تعاني الإفلاس، والدليل هو أن الرئيس فلاديمير بوتين نفسه أعلن قبل أيام أن الأسلحة الروسية أثبتت “فعاليتها” في سورية، ولذلك فإنها غدت معروضة لمن يريد أن يقمع شعبه و”على أونه… على دوه”!

أحرام على بلابله الدَّوْح

حلالٌ للطير من كل جِنْس

فعلى الأقل أن تركيا هذه، التي لا شك أن بينها وبين العرب أو بعضهم بعض المنغصات، بالإضافة إلى أنها دولة مسلمة ودولة مجاورة، هي وريثة السلطة العثمانية التي كان العراق والوطن العربي كله جزءاً منها، وكان هناك تداخل يصل إلى حدّ الاندماج بين الثقافتين العربية والتركية… وكان حرف الكتابة قبل تغييرات “الطوراني” مصطفى كمال (أتاتورك) الاعتباطية هو الحرف نفسه، أما روسيا فإن العرب لم يعرفوها إلا من خلال بعض الروايات الروسية الرائعة فعلاً، ومن خلال كتب الماركسية – اللينينية في عهد الاتحاد السوفياتي.

ثم إن تركيا، وهذا يجب أن يقال، لم ترتكب المجازر التي ارتكبتها روسيا في عهد ستالين وفي عهد بوريس يالتسن في الشيشان وفي داغستان… وفي القرم، وفي بعض ما أصبح جمهوريات إسلامية مستقلة، وهذا كله يعني أنه لا يحق لـ”الرفيق” لافروف أن يطالب بسحب الجنود الأتراك من منطقة الموصل قبل أن يتم سحب القوات الروسية المحتلة من سورية وإغلاق قواعد روسيا العسكرية في هذه الدولة العربية… والتي ستبقى عربية.

المصدر: الجريدة

صالح القلاب يكتب: لافروف… المنطق «الأعوج»! على ميكروسيريا.
ميكروسيريا -

أخبار سوريا ميكرو سيريا