5 سنوات على مذبحة (أطفال الحرية)… حين قوبلت الورود وأغصان الزيتون بالرصاص


جمعة (أطفال الحرية)... حين قوبلت الورود وأغصان الزيتون بالرصاص

خالد عبد الرحمن: المصدر

لم يكن يوم الثالث من حزيران /يونيو 2011عند الحمويين كسابقه من الأيام، فهذا التاريخ بقي محفوراً في أذهانهم بعد مرور خمسة أعوام مرت على المجزرة التي ارتكبتها قوَّات الأمن في مدينة حماة في جمعة أطفال الحرية، لتفريق عشرات آلاف المتظاهرين فيها.

في هذا التاريخ احتشد عشرات الآلاف من المُتظاهرين في المدينة بساحة العاصي تحت شعار جمعة أطفال الحريَّة مُطالبين بإسقاط النظام، وذلك على الرغم من فرض حظر تجول في شوارعها، فأطلق عليهم عناصر الأمن النار مسقطين عشرات القتلى والجرحى.بينما قال الإعلام  الرسمي أن الأمن قتل ثلاثة “إرهابيين” كانوا يُحاولون تخريب أماكن عامة في المدينة، وأن الأوضاع في حماة أصبحت هادئة بعدَ ذلك.

وبالرغم من حظر التجول في مدينة حماة حينها، خرجت فيها تحت شعار جمعة أطفال الحرية، وبلغ عدد المتظاهرين يومها حوالي خمسون ألف شخص هتفوا بإسقاط النظام، ما جعلها أكبر مظاهرات حماة منذ بداية الاحتجاجات وأكبر مظاهرات سوريا خلال تلك الجُمعة، واحتشد هؤلاء المُتظاهرون جميعاً وَسط “ساحة العاصي” والشوارع المُجاورة لها بما في ذلك منطقة “البلدة القديمة” أمام مقرِّ حزب البعث في حماة.

أبو حمزة الحموي مراسل اتحاد ثوار حماة عايش تلك اللحظات وقال في حديث لـ “المصدر” أنه في يوم الخميس وكما العادة في كل جمعة كان المتظاهرون في حالة استعداد لمظاهرة كبيرة في حماة عقب صلاة الجمعة ووصلت تسريبات للمتظاهرين بأن الأمن سيقوم باستهداف المتظاهرين بالرصاص الحي، لكن الثوار أصروا على الخروج بالمظاهرة وقرروا رفع اغصان الزيتون دليلا على ان مظاهراتهم سلمية ولا يوجد فيها مسلح واحد كما يدعي النظام والامن.

تقدمت طلائع المتظاهرين باتجاه ساحة العاصي ليتفاجؤوا بعدد كبير من الأمن الذي احتل ساحة العاصي فتقدم المتظاهرين لبداية جسر شفيق العبيسي على نهر العاصي الذي يعد مدخلا لساحة العاصي الشهيرة بحماة وتقدموا لإهداء الورود لعناصر الأمن وبدأوا بالهتاف سلمية…. سلمية، ليقوم عناصر الأمن بإمطار المتظاهرين بالرصاص الحي الأمر الذي أدى لاستشهاد العشرات وجرح غيرهم حيث كان مهندس هذه المجزرة العميد محمد مفلح رئيس فرع الأمن العسكري بحماة الذي اقاله النظام بعد تلك المجزرة وتم سحب قوى الامن لتشهد حماة مظاهراتها المليونية الشهيرة.

وتابع الحموي في اليوم التالي السبت (الرابع من حزيران /يونيو عام 2011) كانت مدينة حماة هادئة تماماً في ظل عصيان مدني عام احتجاجاً على مجزرة اليوم السَّابق، وحتى الأمن كان غائباً عن شوارعها بما في ذلك شرطة المرور، وقد كان ذلك بعدَ توزيع منشورات في المدينة تدعو إلى إضراب كامل ابتداءً من يوم السبت وانتهاءً بالإثنين من ذلك الأسبوع. لكن سُرعان ما عاودت المُظاهرات الخروج مجدداً بأحجام مشابهة للجمعة السَّابقة، إذ شيَّع عشرات آلاف المُتظاهرين يومَ السبت قتلى المجزرة، وقد توجه هَؤلاء المُتظاهرون نحوَ منطقة “جسر المزارب” وقطعوا عندها الطريق الدولي الذي يَصل بين مدينتي دمشق وحلب بينما عُثرَ خلال اليوم ذاته على ما يَزيد عن 10 جثث في حديقة أم الحسن لمتظاهرين قتلوا الجمعة خلال المجزرة.

وفي يوم الأحد (5 حزيران/ يونيو) استمرَّ الإضراب والعصيان المدنيَّان في أنحاء حماة، كما ظلَّ الأمن مختفياً مثل ما حدث اليوم السابق، وكانت الحال نفسها في اليوم التالي (6حزيران) بالنسبة للإضراب العام لكن بالرُّغم من غياب الأمن هذا، فقد أرسلت إلى المدينة لاحقاً وحدات من الجيش تضمُّ أعداداً من الدَّبابات رابطت عند مدخل حماة الشرقي، لكنها لم تنفذ بعدُ أي عمليَّات عسكرية في المنطقة.

وسائل الإعلام الرسمية أقرَّت بخروج مظاهرات حاشدة بالآلاف في المدينة إلا أنها وجهت أصابع الاتهام لمن سمتهم مخربين حاولوا اقتحام أحد المباني الحكومية في المَدينة وإضرام النار فيه، غير أنهم قتلوا جميعاً، وأنَّ من بدأ استهداف المتظاهرين بإطلاق النيران هم مجموعات مسلحة، واستفزت بذلك الأمن لكي يُطلق النار مسبباً سقوط مدنيِّين، كما أعلنت أن الهدوء عادَ إلى المدينة بعدَ ذلك.

وأطلق المتظاهرون في مناطق سوريا يوم السبت 4 يونيو التالي للمجزرة “سبت نصرة حماة”، الذي خرجت خلاله مظاهرات في أنحاء عديدة من البلاد دعماً للمدينة وسكانها، حيث شهدت مدن القدم والقابون وحرستا وداريا والمعضمية وحمص وإدلب مظاهرات تضامنية مع حماة.

شكلت مجزرة جمعة أطفال الحرية نقطة تحول في مدينة حماة التي شهدت حالة من الغليان والتوتر نتيجة تلك المجزرة إلى أن قام الثائرون بعد فترة من ذلك بإقامة حواجز داخل المدينة والسيطرة على مداخل ومخارج المدينة لمنع قوات الأمن من دخول المدينة وارتكاب مجازر جديدة بقيت المدينة على هذا الحال حتى تاريخ 31تموز/يوليو حيث قام الجيش باقتحام المدينة بأعداد كبيرة من الدبابات والعناصر وليتم السيطرة على المدينة.

أخبار سوريا ميكرو سيريا